الفصل الثامن عشر || استدعاء

23K 1.1K 225
                                    



• أندرسون •
• مملكة الذئاب •
• بعد عشرین سنة •

أنظرُ إلى السماء الصافية الهادئة
ذاك السلام والحب والأمان الذين يحيطون غابة آوكيغارا أخيرًا، وتلك الشجرة الكبيرة الشامخة في منتصف الغابة، رغم كثافة الغابة بأشجارها العملاقة إلا أنها كانت الأبرز والأعلى والأكثر شموخًا.
شجرة الموت -أندرسون- روح غابة آوكيغارا، وأنا أيضًا... 
ذاك الأمان الذي يحيطنا، كم تعبنا وشقينا لأجله! كم خسرنا وبكينا قبل وصوله إلينا، وكم فقدنا من من لا يحتمل القلب فراقهم! عبست ملامحي وأنا أحاول إزالة تلك اللحظات التي رسخت في ذاكرتي للأبد، لن أستطيع نسيانها أبدًا، ورغم انطواء الماضي وانتصارنا على ميدوسا، إلا أننا خسرنا الكثير في سبيل انتصارنا. 
بينما زفرت بضيق أخفضت رأسي للأرض وبدأت يداي تفركان صدغيّ بتوتر، لفحت أنفي رائحته التي خدّرت حواسي وأعادتني إلى هدوئي، تنهدت مرة أخرى، لكن مع ابتسامة صغيرة هذه المرة. بينما كنت أحرك رأسي معيدةً النظر إلى السماء الصافية، أحسست بيديه اللتين عانقتا خصري بحب، وذقنه الذي استند على كتفي بعد طبعه قبلة صغيرة على خدي.
صمت حل بيننا، هو لا يتحدث لأنه يعلم ما بقلبي وأنا أيضًا، لكنه يتألم في النهاية، لذلك سحبت إحدى يديّ ببطء لأضعها على خده، مال برأسه أكثر ناحيتها ووصلني همسه المنخفض «لقد مرت عشرون سنة بالفعل.»

أجل، مرت عشرون سنة.
كبرنا بعد معركتنا، وانتصرنا رغم خسارتنا، كنا في معركة متناقضة بين الخير والشر.
بينما كنت أمسك بخديه بين يديّ،  قلت وأنا أستدير لمواجهته: «رغم ذلك... أنا فخور». حدقت بعينيه اللتين تشعان قوة وسلطة وبرودًا، هو ألفا لا مثيل له، حتى عند ألمه لا يزال كما هو؛ دانيال الذي لا يخضع.
بينما راح يقبل باطن كفيّ وضع يديه فوق يديّ وقال بهدوء: «لولاك لكنت مغلوبًا أمام ضعفي وحزني وقلة حيلتي.»
قال بتقطع بين قبلاته التي راح يوزعها على خديّ وجبيني أيضًا.
فضلت السكوت حينما أخذ يكمل وأنا أرسم كل شيء بعقلي كما لو أنه حدث البارحة.
«لقد وهبتني كل ما أتمنى، وأصلحت قلبي المنكسر، وتحملتني في أشد حالاتي غضبًا وحزنًا، وأعطيتني أجمل ابن. أشكرك لأنك كل شيء في حياتي.»

وكم كان جميلًا التماع عينيه بشدة وهو يتعمق بالنظر إليّ وكأنه يقرأ روحي، وكم أحببت أنه رغم صلابته يبدو كطفل أمامي؛ مشاعره ظاهرة ولا يخفيها، ولا يتردد بالبوح بها لي دائمًا.
له تأثير كبير عليّ، رغم كل تلك السنوات لنا معًا إلا أن حبي كمراهق لا يمل من هوى الحبيب.
وضعت يديّ على خصره وأنا أقول بسعادة متناسية كل حزني: «بل أنا من عليها أن تكون شاكرة لكل تلك الأيام، فرغم قساوتها إلا أنها كانت السبب في لقائي بك. أحبك يا أعظم حكاياتي.» 

السعادة التي تغمرنا الآن هي ما طمحنا لها يومًا، أنا أشكركما يا ريجينا ووالتر سيلفا، فلولاكما لما كنا هكذا اليوم، اشتقتكما...
«أحبك.»
همست بكامل مشاعري: «وأنا أيضًا.» 
وقفنا على الشرفة نمسك ببعضنا بعضًا، ننظر إلى ذلك الشقي الذي يلاعب فينيقي ولوسيندا اللذين أطلقتهما من جسدي فترة زمنية قصيرة، فأنا لا أرغب بالتحول، لذلك لن أمنعهما عن حريتهما مطلقًا.
هما الآن يلعبان. طفلنا (ڤيدل) الذي لا يبدو أنه الألفا القادم مطلقًا، يبلغ عشرين ربيعًا، علمت أنني حامل به في أيام المعركة. كان حولهم الأطفال الباقون. ضحكت بلا وعي وأنا أراه سعيدًا والجميع يجتمعون حوله؛ روجر ونيڤ، ساموييل ونردين وابنتهما الصغيرة آيلا، خالتي أندريانوسا ورفيقها أوريل وتوأمهما الهجين سيمور وسالا ذوي الثماني عشرة سنة.
من المؤكد أنكم متفاجئون الآن، ستعلمون لاحقًا عن هذين.
معهم أيضًا أخي الحبيب ورفيقته الملكة سايان -ببطنها المنتفخة دليلًا على قدوم طفل في الطريق-،، أبي وأمي، ألانز رفيق سيلفا الهادئ بملامحه الحزينة؛ فالمكان يفتقد ثلاثة أشخاص فقط. وقد ظهر أشخاص بشكل مفاجئ.
شعرت بالحزن يتسلل إلى قلبي، لكني أبعدته سريعًا لأجل داني، سمعته يقول بحب: «رغم أنه يشبهني في شخصيته وبروده إلا أنه مثلك تمامًا؛ قوي، حنون، محب للآخرين، مخلص، وفيّ جدًّا لشعبه ومملكته حتى قبل أن يصبح الألفا الرسمي. أتمنى أن يبقوا هكذا للأبد.»

أنـدِرسـون Where stories live. Discover now