الفصل التاسع عشر || النهاية

27.5K 1.5K 630
                                    

 
 
 

 
 
• أندرسون •
• مملكة الذئاب •

اوليڤر:

الجميع مشغول بتجهيز ذاته للحرب.
أجل، فاليوم هو يوم الحرب المنتظرة مع ميدوسا.
انخرطت في سلسلة أفكاري وأنا أقوم بتجهيز نفسي، سحبت ثياب الحرب لارتدائها وأنا أستشعر تواجد سايان بجانبي، ما زالت نظراتها تلاحقني، إنها تقلق عليّ من أقل الأمور وأتفهها وذلك لشدة حبها وتعلقها بي منذ صغري حتى إعلاننا رفقاء!
أكملت ارتداء ثيابي وهي ما زالت على وضعها ونظراتها كالجرو الصغير، تنهيدة خرجت من بين شفتيّ تعبر عن استيائي من ذاتي، فنهضت أعتدل بوقفتي وأقوم بسحبها على حين غفلة إلى أحضاني وأنا أطوّقها بذراعيّ وأوزع قبلاتي عليها، بادلتني العناق بقوة بذراعيها الصغيرتين.

خرجت نبرتها مرتجفة وغير ثابتة: «أنا خائفة من خسارتك أوليڤر». أولم أخبركم أنها تخشى عليّ بشدة؟
رفعت رأسي من عنقها وعبق رائحتها غادرني قليلًا، كم أدمنها!
قبلت جبينها قبلة طويلة ثم ابتعدت وأسندت جبيني على جبينها ويداي تحكمان على خصرها الصغير، قلت بحنان ونبرة هادئة لطمأنتها: «لا تقلقي يا روحي، لا تنسي أنني الذئب الذهبي، لن يحدث لي شيء فأنا قوي.»
فقطعتُ حديثي وأنا أنظر إلى عينيها اللتين تلتمعان بسبب الدموع بقلق، وأكملت: «أنا الذي أخاف عليك من الحرب».
أخبرتها وعيناي تتفحصانها بثيابها الحربية، كانت كلها باللون السماوي الفاتح الذي يعكس محيطها، هزت رأسها للجانبين ودموعها هربت من مقلتيها فمسحتها طالبًا منها عدم البكاء.
«أنا لا أخاف شيئًا ما دمت معي، وأعلم أنك قوي لكن لا تنسى أن هدوء ميدوسا لا يعني ضعفها، فهي أفعى ماكرة ولها أساليب خبيثة، من يعلم ماذا فعلت أو ماذا ستستخدم ضدنا؟ هي ليست غبية، لأنها تدرك قوتك وقوة اللونا هيلدا والألفا دانيال ومن معهم من الحلفاء.»
فسرت لي سبب قلقها وأظن أن معها حق، حتى سكوتها عن خيانة سايان وعدم ردها على ذلك، وكذلك تعاون شقيقتها معنا، كل ذلك مدعاة للقلق!
«ولا نعلم مع من تحالفت عدا غيلانها والسحرة المحرمين، أتعلم بأمر أثينا يا ترى؟» شردت في كلامي الذي همست به كأنني ألقيه على نفسي أكثر من محاورتي سايان به، ندرك أننا نجهل الكثير من الأمور التي تحدث حولنا.
أمسكت سايان بخديّ وأعادت وجهي أمامها وعيناها تتعانقان مع عينيّ بحزم وقوة، نظراتها كانت نظرات ملكة، ابتسمت بداخلي فخرًا بها، قالت بنبرة الملكة واللونا القوية: «مهما حدث في أرض المعركة عليك أن تبقى متماسكًا قويًا، ولا تنس أن خلفك شقيقة ورفيقة وأصدقاء وشعبًا يحبك وينتظرك لتعود لهم دائمًا.»
أخذتْ خطوتين أقرب لوجهي حتى شعرت بمدى سخونة أنفاسها على ملامحي الدافئة فقط، أكملتْ مع عقدة طفيفة بين حاجبيها: «مهما رأيت ومهما حدث عليك ألّا تضعف وتخطط جيدًا دون تشتت، ولا تنس أن... أن المعركة خسارة وانتصار، ولكل فوز ثمن.»
انتابني شعور غريب مع كلماتها الأخيرة، شعرت بداخلي أنها تعلم شيئًا ولا تريد إخباري به، لكنني أزحت هذه الشكوك فجميعنا قد أُغلِقت بصيرتنا بسبب ميدوسا التي علمنا أنها لا تتوقف عن رمي تعاويذ سحرية محرمة علينا رغم بُعدها عنا، وهذا كان السبب  في عدم رؤيتنا أيّ شيء عن معلوماتها أو ما سُتِقْدم عليه أو سبب عدم ظهورها مع كل ما حدث لها.
تلاشت جميع هذه الأفكار من رأسي في لحظة، وعوى ذئبي بسعادة داخل رأسي لمجرد شعورنا بنعومتها على شفتيّ، وكم كانت قبلة رقيقة جعلت مشاعر كثيرة تداعب قلبي وتبهجني بشدة وتعطيني الطاقة والإيجابية، شددت عليها بإحكام وبعد دقيقة ابتعدنا عن بعضنا نسرق الهواء من الجو حولنا، وضعت يدي على خدها أمسده بلطف وقلت بنبرة تشبه نبرة الأب لابنته: «لن أنسى ما قلتِه... أبدًا.»
يقولون أنك يومًا ما ستشكر تلك العثرات والانكسارات التي مضت في طريقك تسقطك وتؤلمك بقوة، وهأنا فعلًا أشكرها؛ فلولاها لما كنت على هذه الحال.
خرجتُ بجانب ملكتي نتوجه إلى ساحة قتال مملكة شقيقتي وصديقي؛ ساحة مملكة الثلج الداكن، وبذكر الثلج: ازدادت برودة الجو مع تقدمنا نحو نهاية ديسمبر، وذلك الثلج الذي كان يجب أن يكون نقيًّا لشدة بياضه، كان أسود كما قلوب معظم مخلوقات هذا الجانب.
زفرت الهواء بضيق من أنفي، مع كل التشجيع الذي أعطته لي سايان والإيجابية والقوة التي بعثتها داخلي- لكن ذلك لا يخفي شعوري بالقلق تجاه غريزة ذئبي التي تنذر بحدوث شيء ما غريب وقريب جدًّا-. وبينما أسير وأصابعي متشابكة مع أصابع رفيقتي  هززت رأسي بطريقة بالكاد تُلاحَظ وارتسمت عقدة طفيفة بين حاجبيّ، وقمت بدفع أفكاري المزاحمة لنهاية عقلي فلن يجدي ذلك نفعًا مع وضعنا الحالي، يجب أن أصفي ذهني جيدًا.

أنـدِرسـون Where stories live. Discover now