الفصل العاشر || لونا

25.5K 1.6K 145
                                    

• أندرسون •
• مملكة الذئاب •


آوليڤر:

(الأَدرينالين) يُضخ في جَسدي بقوة، كما لو كان جسدي سينفجر! شعرت بأن قلبي ينبض في الثانية الواحِدة أكثر من المعدل الطبيعي بكثير! شعور غريب صاحبه ألمٌ طفيف ومحبب  لمجرد أن رأيتها تَهبط من أعلى السلالم… كل هذه الأحاسيس راودتني، ما أجملها من مشاعر! صادقة وجميلة، هكذا هيَ مشاعر الأخوة.
 
عندما رأيت هيلدا شقيقتي وتوأمي كنتُ كما لو أنني شَجرةٌ قضى فيها الدَهر أسْوأ أيامه، لم يصلها نورٌ لأيامٍ أزلية! لكن أتَاها الفرج من حيث لمْ تحتسب لتعيد لها أيامًا كانت قد قُضيت في الحزنِ والأسى.
 
أنا فقط لا يمكنني أن أصف ما مدى السعادة والمشاعر المتقلبة في داخلي لمجرد أنني رأيت شقيقتي أمامي! ما أجمل أن يكون لديك أختٌ تستند عليها دونَ خوفٍ من أن تميل وتكسرك… لكن! يبقى سؤالي، هل هي تهتم لي ولوجودي؟ هل تَقَبَّلتني في حياتها؟
 
راقبتها وهي تهبط من السلالم بجانب الألفا وتلك الابتسامة الجميلة تزيِّن محياها كم وددت لو أعانقها دهرًا طويلًا؛ ففيها رائحة ذكريات طفولتي الضائعة، فيها رائحة أمي وأبي اللذان لم أرهما فيها، رائحة الدفء والحنان اللذان خسرتهمَا وضاعا من حياتي البائسة...
 
راقبتها ببطء وعيناي لم تُفارقاها مطلقًا، ما أجملها!
 
«صباح الخير جميعًا»، ألقت تحية الصباح بصوتها الرقيق، كانت مليئة بالأنوثة والرقة، هل تشبه والدتي؟ بينما غزت هذه التساؤلات رأسي لم ألحظ أن الجميع باركَ لها بمناسبة أنها أصبحت اللونا رسميًا، نسيت ذلك...
 
إن الطاقة المنبعثة منها تجعل الآخرين يشعرون بمدى قوتها النائمة، حتى الألفا دانيال ازدادت قوته، وحُضُورهما يعطي هيبة جبارة، أتساءل كيف سيصبحان، أو كيف تصبح أختي بعدَ أن تَنهض قواها كامِلة؟
 
«أوليڤر»، بينما سرحت مرةً أخرى في أفكاري والتفسير لدماغي كل هذه الأمور، سمعت صوتها يناديني، قفزَ قلبي من مكانه فقفزت أنا من مقعدي بسرعة ونظرت لِتفاصيلها بحيرة.
 
«عذرًا!»، توترت كثيرًا، تقِف أمامي على بعد عدة سنتِيمترات قليلة، تنظر لعينيّ الزرقاوين بعينيْها الصفراوين الربيعيتين، ما أجملها من عينين!
 
خشيت السرحان مرةً أخرى فسارعت في قطع وصلَة أفكاري: «ناديتكَ ثلاثَ مرات ولم تنتبه لي»، ابتسمت لي برقة أثناء حديثها.
 
ماذا؟ لم أنتبه صدقًا...
 
«أنا آسف، لم أنتبه لكِ لونا»، تحدثت معها برسمية خشيةَ كونها لم تتقبل حقيقة أنني شقيقها حتى الآن.
 
أظنني لاحظت عبوسها، وكأنها كانت ستبكي!
 
«ماذا بكِ؟»، توترت بسرعة بالأخص أن الجميعَ في حالة صمتٍ تامٍ وعيونهم تُراقبنا فقط. «لماذا تعاملني برسمية؟»، عبست عند ذكرها لهذا. «لأنكِ اللونا وأنا أوميغا هنا ويجب أن أحترمكِ»، قلت مع انحناءٍ بسيط لرأسي.
 
«لماذا تقول ذلك؟ ليسَ عليك فعلُ هذا»، كانَ عبوسها واضحًا كأنَ كلامي لم يعجبها، أشعرُ بالحيرة، أتقَبَّلتني أم لا؟
 
«ماذا؟»، سألت بحيرة، صوتي كانَ هادئًا يتخلله بعض التوتر منها ومن هذه الأحداث، وما زادَ الطينَ بلة نظرات الألفا الغاضبة نحوي. ماذا يحدث بحق؟ ليس عندي ما أقوله لأنني لم أفهم ما ترمي هيلدا إليه.
 
«نحنُ أشقاء!»، قالت بعاطفة وتأثر، أمعنت النظر في عينيْها لأجدها تشع بألوانٍ خفيفة مختلفة ومختلطة. ماذا يحدث لها! كلِمتاها جعلتا قلبي يتوتر كثيرًا، أكملت: «أنتَ توأمي أوليفر، كم تمنيت هذا منذُ سنين طويلة!».
 
شعرتُ بلسعاتٍ في عينَيّ، علمت أنني على وشك البكاء، رغم أنني لا أحب ذلك، لكن صدقوني هذا موقفٌ صعب...
اشتدَ الأمل داخلي وبقوة مع هطول أول دموعي لأول مرة؛ فأنا كنتُ ذلك الشخص الذي لا يبكي لأي سبب أو أمام أي شَخص!
 
ما أجمل الدفء الذي خَالجني لمجرد أنها عانقتني، بادلت روحي الثانية عناقها، وشددت قبضتيّ نحوها وكأنَ حياتي تعتمد عليها. شعرت بالحياة تعود لأوردتي مرةً أخرى،  الآن أنا لن أقلق بشأن وحدتي ومستقبلي، فإن مستقبلي بينَ يديّ الآن. 
 
شعرت ببكائهَا وتشديدها لعناقي ففعلت المثل ودفنت وجهي في رقبتها أستشعر حنان والدتي التي لم نرَه منها أو الأصح، التي فقدنا ذكراها بسبب ميدوسا.
 
ابتعدت عنها قليلًا عند سماعي زمجرة غاضبة صادرة من أمامي كنت أعلم مصدرها، ضحكت من بين دموعي فضحكت هيَ أيضًا. 
 
«عيناكِ جميلة لا تُفسديها بالبكاء»، مددت إبهامي على وجنتَيْها أقوم بإزالة تلكَ الدموع السيئة عن وجهها. 
 
أمسكت بكلتا يديّ التي على وجنتيها وقامت وهيَ تتعمق في نظرها في عينيّ: «أنا سعيدة لأنني وجدت من أستند عليه للأبد، سعيدة لأنني وجدتُ روحي الضائعة ورائحة أبي بك»، دموعي أبت التوقف بعد كلامها، شعرت برغبة أقوى للبكاء، استغلت دموعي هذا الموقف لتظهر الآن، لأنني كنت أمنعها دائما. 
 
«سأبقى معكِ للأبد، أحبك أختي»، همست من بين دموعي. «وأنا أيضًا يا قلبَ أختك»، قبلت باطن يدي التي حطت على خدها الأيمن، ابتسمت للطافتها، شكرا لله على هذا اليوم الجميل، أتمنى أن يستمر، أن نسير خطوة خطوة معًا دون خوف أو قلق، سأحميها بدمي! 
 
«حسنا هذا يكفي»، ضحكت من أعماقي على غيرة الآخر عندما سحبها له من بين أحضاني بقوة. 
 
«إنها شقيقتي دانيال»، نعم، أنا أحيانا أزيل الرسمية بيننا لأننا أصدقاء منذ الصغر ولأننا داخل نطاق العائلة حاليًا، 
«وإن يكن، إنها لي فقط!»، زمجرَ بغضب، كم هوَ متملك، مسكينة لأختي.
 
أكملَ بغيرة: «إن اقتربت منها لهذا الحد مرة أخرى ولمدة طويلة أؤكد لك ستخسر يديك».
 
«يكفي!»، احمرت أختي بين يديْه، صدقًا كم هي لطيفة. تعالت أصوات ضحك الجميع بسعادة أتمنى أن لا تزول قط.
 
«بني، عليكَ الآن أن تقوم بالإعلان أمام الجميع عن اللونا الرسمية للمملكة مع أخذها إرث العائلة»، كانت هذه اللونا الأكبر والسابقة ريجينا، جعلت الأنظار تلتفت إليها مع ما اقترحته، وافقها الجميع في ذلك.
 
«بالتأكيد، لأن الجَميع شَعروا بالقوة التي تفجرت بشكل مفاجئ ليلة البارحة، لذلك يجب أن يعلموا سببها ومن أين أتت»، أكمل الألفا السابق والتر بعد اللونا الأكبر.
 
«بالتأكيد سأفعل الآن»، تحدث بهدوء وبنظرات هادئة محبة لهما. أجرى اتصالًا جماعيًا لكل المستذئبين في مملكته: «أريد من الجميع أن يتوجهوا لساحة التدريب الرئيسية الآن»، أمرَ بنبرة الألفا الباردة ليأتيه صوت انصياع واحترام الجميع له.
 
«استطعت سماعكَ أيضًا!»، قالت هيلدا بتعجب.
 
ابتسم لتَعابيرها، أمسكَ بوجنتها وبدأ يمسح عليها وقال: «بالتأكيد سيحدث ذلك، أنتِ الآن اللونا الحاكمة وأنا وأنتِ واحد، فمنَ الآن تستطيعين التواصل مع الجميع وأمرهم بنبرة اللونا التي تمتلكينها»، أوضحَ لها ببساطة فرأى الدهشة ارتسمت بين طيَّات وجهها المتناسق.
 
«يكفي أيّها العاشقان، يجب أن تذهَبا لِتعلنا عن بدء عصر حُكمكما للجميع، وأنا سأذهب لأحضر ما يخص اللونا الجديدة الآن»، تحركت قدماها مع آخر كلمة قالتها، فأعلنت ريجينا ما تنوي فعله، أومأ لها الرفيقان، وخرجا أولًا وخلفهم الجميع.
 
كلما مشوا خطوة وقابلهم حارسٌ ينحني لهم احترامًا عالمًا بأنَ عصرَ لونا الجديد قد بدأ، باعثًا بذلك إحساسًا لطيفًا وغريبًا لهيلدا التي تنظر بعينين فضوليتين تناقضان شخصيتها الرصينة القوية. لم يستغرقوا وقتًا للوصول إلى ساحة التدريب. اندهشت هيلدا من كِبر الساحة وما أدهشهَا أكثر عدد الموجودين من المستذئبين، لقد كانوا كثر ولا يعدون على الأصابع!
انحنى الجميع لهم. لاحظوا جميعًا صدمتها فابتسموا، انخفض دانيال لمستواها نظرًا لأنها قصيرة أمامه وهمس لها: «عددهم حوالي المليونين؛ لأن هذه الغابة  هي الأكبر في العالم كما تعلمين لذلك تضم عددًا كبيرًا جدًا من الذئاب والمتحولين الآخرين»، عادَ للوقوف كما كان بغرور وقوة بعدَ إنهائه حديثه معها. 
 
«تجعلني متحمسة لاكتشاف الغابة وما فيها أكثر من ذي قبل»، ابتسمت بشقاوة، وكم أحبَ ذلك. أعطاها إيماءة مبتسمة وأبعدَ يده عن خصرها ووضعها في جيبه ورسم ملامح باردة وقيادية قوية على محياه ثم بدأ بالكلام: «جمعتكُم هنا لأجل أن أعلنَ عن شيء مُهم جدًا لكم جميعًا»، نظرَ لرفيقته التي بادلته النظرة ذاتها، ابتسم ثم أعاد ملامحه الصلبة ونظر في وجوه الجميع أمامه ثم أكمل: «من المؤكد أن الجميع قد شَعروا بالقوة والهالة الغريبة التي تفجرت ليلة البارحة»، صَمتَ قليلًا يحاول قراءة تعابيرهم.
 
تنهد ثم أكمل بصوت جهوري ليسمعه الجميع: «أوّد إخباركم أنها لم تكن شيئًا خطيرًا وإنما كانت صادرة من هيلدا، اللونا الجديدة لمملكة المستذئبين، والآن أستطيع القول أن عصر الألفا واللونا الجديدان قد بدأ وستظهر قواها مع ازدياد قوتي بسببها، لذلك ستشعرون بها دائمًا، ولا ننسى وجبَ عليكم احترامها جميعًا، والشيء الأخير أوّد إعلامكم أنَ الأوميغا وصديقي أوليڤر يكون الشقيق التوأم للُونا هيلدا».
 
بعد إكمال حديثه نظر إليهم، كانَ الصمت يخيم على الجميع والأرجاء وكأنهم لم يصدقوا ذلك.
 
ثانية...
ثانيتان...
ثلاث ثوانٍ...

أنـدِرسـون Where stories live. Discover now