الفصل الخامس عشر || الماضي ومقتل أوريل

20.3K 1.2K 201
                                    

• أندرسون •
• مملكة الذئاب •

هيلدا:


انفَجرت داخلي مشاعرٌ مختلفة ‏من الألم والخذلان وربما الشَوق أيضًا، الشعور بالوحدة وعدم الأمان ‏والاشتياق للعائلة ودفء والدتي الذي لَم أنلهُ بشكلٍ كافٍ، هذا كلهُ حدثَ بمجرد رؤيتي لأندريانوسا أمامي، أو بمعنى أصح خالتي، ‏ودون وعيٍ مني كنتُ أبحث عَن الأمان وحبل نجاتي مِن ضياعي وأفكاري هذه، والذي تجَسدَ هذه المرة في نصفي الثاني؛ شقيقي الجالس جانبي، لم أكن أعي أنني أمسك بيده بقوة وأنه ساندني لأنه فهم ما أريده دونَ أن أنطق، أنا شاكرة لتواجده في حياتي.

ودون وعي غادرت عيناي لرفيقي الصامت أو بالأصح الذي يشتعل هوَ الآخر ولكنه يحكم مشاعره خلفَ وجهه البارد، بادلني نظرتي وكأنه يخبرني بأنه معي ‏مهما حدث، أومأت بهدوء برأسي وعدت أنظر لأندريانوسا التي لا تتغير ملامحها، فقط الحزنٌ والندم باديان على قسمات وجهها.
 
ابتلعت ما في جوفي بصعوبة مُرغمة على إطلاق العنان لنفسي في الحديث: «أود معرفة كيف حدثَ ذلك، فلا يمكنني التصديق حتى الآن!»، سألتُ بصوتٍ‏ مهتزٍ رغمًا عني فشعرت بيد أوليڤر تمسد على يدي محاولًا تهدئتي، ليس وكأن هذا الأمر سهل، ‏لم تتغير تعابيرها وإنما زادت حزنًا ‏فأكملتُ في محاولة للتماسك أكثر: «ولِم فعلتِ ذلك ونفيتنا وقمتِ بمحو ذاكِرتنا؟ لِم كل هذا؟»‏.

تنهيدة محبطة خرجت مِن ثغرها، فركت يديها في ركبتها في محاولةٍ بائسة منها لتهدئة نفسها وعينيها تجولان في اللامكان على أرض الغرفة، مرّ صمتٌ لوقت قصير جدًا فرأيتها تنهض ووقفت أمامي وعيناي وعينا شقيقي تتَبعانها ببطء، نبض قلبِ أوليڤر يكاد يكونُ مسموعًا لشدة ضرباته، لا أفهم لم هوَ بهذه الحالة لكن كلّ ما أعرِفهُ أنني لا ألومهُ.‏

«أنا...»، ارتبكت في كلامها كثيرًا ‏ويديها تمتَزِجان مع بعضهما وهما مبتلتان، الحقيقة لَم تعجبني حالتها الآن ‏لأنها كانت قوية جدًا عندما تقابلنا آخر مرة، ‏تنهدت بضيق للمرة الألف وقالت بصوتٍ تتخللهُ الشوائب: «سأجعلكم ترون ما حَدث في ذلك اليوم؛ فَهذا أفضل لكم مِن الكَلام».‏

وكأنها تتوسلني بنظراتها للموافقة، سألت بحيرة: «كيف؟».

بسطت كفي يديها أمامها فبرقت عيناها فجأة بلون فضي وانتشرت في راحة يداها عُرُوق سوداء مخيفة.
 
‏«ماذا يَحدث؟»، سألتُ بقلق مِن حالها‏ فهيَ لم تجبني حتى الآن.

«هكذا تستطيعون رؤية ما حصل»، ومعَ إنهاء جُملتها ‏لَم أشعر بشيء سوى بيدي تُفلت مِن يد أوليڤر ويديها التين أمسكتا برأسي ورأس أوليڤر، بعدئذٍ انتشر الظلام في مجال رؤيتي وجسدي المخدر غير القادر على الحركة، ظلامٌ ‏ولا شيء آخر غيره، أقف في الظلام بمفردي أو هذا ما ظننته، نَظرت حولي فلم أجد شيئًا غيره، أنا غارقة فيه وأقف وحيدة داخله!‏

أنـدِرسـون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن