الفصل التاسع || أعتِـراف

28K 1.7K 240
                                    


• أندرسون •
• مملكة الذئاب •

شهقة قوية تسربت مِن بين شفتيّ أعلَنت عَن ألمٍ سريع خالج كياني، أسندت يدي على السرير فورًا ونَهضت جالسة ويدي على صدري ألتَقطُ أنفاسيَ التائِهة منيّ. العرق يتصبب من جَبيني، أنا لم أرَ كابوسًا، وإنما شعرت بأنني كنتُ في منتصف البحر غارقةً دونَ منجى. بقيت أسحب أنفاسي إلى أن جفلت بسبب أنامل غليظة قوية لكن رقيقة حنونة لامست أعلى يَدي، رفعت رأسي لأراه بملامحه القلقة وعينَيْه اللتين تَجولان في أنحاء وجهي باحثةً عن أيّ شيء خطأ قد حَدث، شَعرت بالهدوء والسكينة وانتظمت أنفاسي عند تلاقي أعيننا في طريقٍ واحد، عيناه الجميلتين حد الجنون، مزيجٌ من خضرة الطبيعة وزرقة السماء الصافية، هذا جميل.
 
«هل أنتِ بخير؟»، يداه تعبث بوجهي باسترخاء وصوته يهمس برجاءٍ أن أكون بخير، «أجل بخير»، أخفضت بصري عن عينيه عندما لاحظت أنني أطلت النَظر، وجَّهت أنظاري ليدي التي تعبث بأظافري، كانت عادةً لي عند خجلي، ووجنَتاي تَحترقان خجلًا وقلبي يرقصُ على أنغام صوته الرجولي، أيجب أن أقول أنني أحبك مع أن الوقت غير مناسب؟
 
شهقة صغيرة هربت من بين شفتيّ لإدرَاكي أنه يسمعني الآن، لا يمكنني الكذب على نفسي، إذا كانت هذه مشاعرِي تجاهكَ فلن أكذب، سأتقبل كل شيء عنكَ، سأحبكَ بعيوبكَ قبل محاسنك، وسأتجاهلُ هفواتك؛ فنحن لسنا كاملين، بل أنا وأنت من نُكمل بعضنا بعضًا، لا يهمني من تكون أو كيف تكون، قلبي أرادك وهذا يكفي، علاوةً على الرابطة القوية بيننا؛ فنحنُ رفيقان، بدأت أشعر بك وها أنا أشعر بقلبكَ الذي يكاد ينفجر عزيزي...
 
ابتسمت لما قلته، فعلًا لا يُمكنني أن أكذب على مشاعري، هذا الشيء الوحيد الذي سأكون صادقةً به، لن أجد شخصًا أفضل من دانيال، أحبني دون مقابل واعتنى بي طوال فترة ليست بالقليلة، دون مقابل، إنهُ قدري الذي انتظرته.
 
«خذ بيدي وأخرجني من ظُلماتي لنورِي، لنور حياتك، كُن أميري الأبدي يا رفيقي»، رفعت رأسي أواجه عينّيْه اللتين تبتسمان باتساع لما قلته سابقًا، كم كان لطيفًا؟  أخذت أتحدث بكل جُرأة متناسية دفعات (الأدرينالين) القوية في داخل جَسدي، عليَ الاعتراف، أنا أريدكَ ملجأً ووطنًا لي.

«أنا بلا وطن، فَكن وطني»، أردفت مكملة لأنه لم يجبني، فقط يستمر بالعبث بوجهي والابتسام باتساع، أشعر بالسلام والحب والأمان فقط معك، أنا أحبك ولا يمكنني التراجع، لو مشيت على حافة الهاوية سأكون راضية ما دمت معك.
 
بقينا ثوانٍ هكذا، يئست لأنني ظننت أنه لن يقولَ شيئًا، وما هيَ إلا ثوانٍ أخرى حتى وجد بصري طريقه
نحو الظلام، سرعانَ ما عانقني بقوة حاشرًا رأسي في صدره الصلب، ليُواجهني الظلام لأنني لم أعد
أرى شيئًا...
 
سكونٌ غريب خيَّم على أرجاء الغرفة التي لاحظت توًّا أنها غُرفته، أينَ كانَ ينام بينما أنام أنا في غرفته؟
 
«أنام بجانبكِ بعد أن تنامي»، همسَ بخفوت لِيصدمني، يا له من محتال! ينتظرني لأنام ثم يأتي لجانبي! حسنًا يمكنني تجاوزها بما أنه لم يحدث شيء.
 
«أنت لم تجبني على ذلك»، توترت قليلًا عند سؤالي لأنه لم يجبني حتى الآن عما أريد سماعه، لقد تجاهل كلامي السابق
وركز على الثاني، أكانَ هذا عمدًا؟
 
«لا لم يكن يا أميرتي، ألا يمكنكِ سماعه؟»، همسَ في أذني يحثني على الاستماع، إلى ماذا؟
 
«قلبي دليلكِ»، شدَّد عناقي أكثر وحشر رأسي في صدره درجة الاختناق، لكن مهلًا، لاحظت توًّا صوت ضربات قلبه المهتاجة، إنها غير منتظمة، إذًا هذا ما قصده! قلبه جوابٌ لي...
 
ابتسمت ابتسامة كادت تشق وجهي أخمن أنه شعر بها، لَم أكن أتوقع أنني يومًا سأجد الحب والأمان مع كل أوقاتي العصيبة، شكرًا لكِ يا أيامي ومنحدراتي القوية، فعلًا، إن بعد كلِ عسر يسر.
 
الآن سأكون راضية مهما واجهت من ألم في المستقبل، سأكون راضية ما دام هوَ معي، أنا فقط أوّد الدخول إلى أعماق قَلبك؛ لذلك شُدّ عناقي وخذني لعالمٍ بعيدٍ عن ألم هذه الحياة. تحدثت في قرارة نفسي ففعل ما قلت وأنا فعلت مثله، عانقته كما لو أنَ حياتي تعتمد على هذا، كما لو أنه آخر يومٍ لي في هذه الدنيا، ولو كانَ كذلك فأنا راضية لأنني سأكون بَينَ يديه ساعتها. لا مزيد من الهَرب من المشاعر لأنها أقوى ألمًا مما توقعت عندما أُحاول صدَّها.
 
«دعيني أهرب من العالم إليكِ»، تحدث بهمس وهو َيدفن وجهه بين رقبتي وكتفي.

أنـدِرسـون Where stories live. Discover now