الفصل الأول : الوحش

91.6K 2.7K 272
                                    

يركض الحراس في الممر الطويل الضيق حيث تسطف الزنزات واحدة تلوة الاخرى ، يسرعون نحو الزنزانة رقم 203 , فتح أحد الحراس الباب الحديدي ، و ذخلوا واحدا تلو الاخر , تفرق حشد السجناء و ظلو يصرخون " قتله ، قتله ، لقد قتله "
سجين طريح على الارض والدماء تنهمر من وجهه المشوه ، و لايزال مرتبك الجرم يبرحه ضربا ، أمسكه الحراس لكنه إستطاع مجابهتهم ، فأسرع الطبيب بغرز ابرة تهدئه ، لتخور قواه و يسقط أرضا ، حمله الحراس ليلقوه في المنفردة ، بينما هرول المسعفون بنقل الضحية للمستشفى على أمل إنقاذه ،
استعاد الوحش وعيه ، ليجد نفسه مقيدا بسلاسل من حديد ، مرميا ذاخل المنفردة لا تكاد تسع جسده الضخم ، فبدأ يصرخ بأعلى صوته و قد برزت عروق عنقه و احمرت عيناه
" إن عاش ذلك السافل ، سأقوم بقتلكم واحد تلو الاخر ، لن يعيش ، اتفهمون لن يعيش ! "
_______________
ذاخل إدارة السجن ، جن المدير و قد اكتض غيضا من أفعال مارت التي لا تنتهي ، لا أحد يستطيع إيقافه ، لا ينتهي عقابه الا وقد وجد لنفسه ضحية اخرى فتطول مدة العقوبة ، و يزيد الضغط على مدير السجن و اتهامه بعدم تحمل المسؤولية و عدم قدرته على التحكم في نظام السجن والسجناء
_ يجب ان نجد طريقة لنتخلص من ذلك الوحش قبل أن يقتل كل من في سجن ، لن يخرج من السجن المنفرد أبدا ، أتفهمون أبدا ولن نسمح له برؤية أي شخص
_ أمرك سيدي ، أجاب الحراس ، ثم اشار لهم بالانصراف
______________
بعد يومين :

تشير الساعة لمنتصف الليل ، أطفئت جميع الاضواء قبل ثلات ساعات ، يحل الصمت في أرجاء السجن ، فقط بعض همسات الحراس في ما بينهم ليغالبوا النوم الذي يراودهم بين الفينة والاخرى ، كسر الصمت صراخ قوي ،
_ لقد استيقظ مجددا ! قال الحارس مخاطبا زميله
_ لا أظنه يتمكن من النوم ، فصراخه يستمر طوال الليل ،
_ إنه كالوحش ، لا يغلبه جوع أو نوم ، ولا أحد يستطيع الوقوف أمامه
_ لكن قواه ستضعف مع الوقت ، لا أحد يستطيع الصمود كثيرا في تلك المنفردة

_______________

طرقات حذائها ذو الكعب العالي يترك  من وراءها صدى في ممرات السجن الفارغة ، تمشي بثقة ، بذلتها الرمادية و حقيبتها السوداء تعطيها طابعا رسميا يزيد من غرورها ، رغم وجهها ذو الملامح الرقيقة الا أنها تبدو صارمة ، وصلت لمكتب المدير ، وقف الحراس أمامها فأخرجت بطاقتها و أرتهم اياها ، ليتنحوا جانبا ، طرقت الباب و ذخلت ، التف المدير نحوها ،
_ السيدة مارلين ، كنا بانتظارك " أشار لها بالجلوس
، وضعت حقيبتها أرضا و جلست واضعة رجلا فوق رجل ، وقد أثار تصرفها غضبه لكنه لم يعلق واكمل كلامه متجاهلا ذلك
_ من دواعي سرورنا العمل معك
_ و أنا سعيدة بالعمل مع سيادتكم ،
_ سيدة مارلين ، يجب ان أشرح لك في بادئ الامر خطورة عملك ، فالسجن هنا لا يشبه العيادات والمراكز التي ألفت العمل بها ، هنا سجن به مجرمون وهم هنا من أجل نيل عقوبتهم ..
قاطعته قائلة " يستحسن القول بأنهم هنا من أجل اعادة التأهيل والاصلاح "
اومئ لها " اجل بالطبع كلنا نعمل على ذلك ، ما أردت قوله ، يجب ان تحتاطي أثناء عملك "
" بالتأكيد سأفعل " ابتسمت له
نهضا كلاهما و تصافحا ثم خرجت نحو مكتبها الجديد ، أخرجت ورقة من حقيبتها و علقتها على الباب " مكتب الطبيبة النفسية "
وقفت تطل من النافذة نحو الساحة حيث يجتمع السجناء في فترات الاستراحة ، التفت لمكتبها تنظر للملفات الموضوعة فوقه ، ملفات لبعض السجناء الذين يحتاجون العناية النفسية ، بدأت في تفحصها واحدة تلو الاخرى ،

______________

بعد أسبوع
بينما تجلس مارلين على مكتبها ، تحلل بعض ملاحضتها بعد حصة طويلة مع احد السجناء ، تشير الساعة للواحدة ليلا ، ينتابها النعاس والعياء ، لكن لا يزال أمامها عمل لتقوم به ، كانت مدمنة عمل ، لاتتوقف عن العمل حتى تشعر بالاكتفاء و الرضا ، خرجت من مكتبها لتجلب كأس من القهوة ليبقيها مستيقظة ، صمت رهيب يسيطر على الارجاء و ضوء خافت على طول الممر ، وقفت امام الة القهوة تنتظر ، سمعت صوت بعيدا ، يبدو أشبه بالصراخ ، ارتعبت لولهة ، تركت كأس قهوتها و ظلت تبحث عن مصدر الصوت ، كلما اتجهت بقرب جهة الزنزانات زادت حدة الصوت ، اقتربت من أحد الحراس و سألته عن ما يحدث ولماذا لا يتفقدون الامر ، أجابها ببرود بأن الوحش لا يستطيع النوم ليلا فيستمر بالصراخ ،
_ لماذا لم تخبروني بامره من قبل ؟ كيف لكم ان تتركوه في الزنزانة المنفردة كل هذا الوقت ؟
_ نحن ننفذ الأوامر فقط
_ دلني على زنزاته
_ لا يسمح المدير لأحد بزيارته
_ لا تجعلني أكرر كلامي قالت بحدة
تبعت الحارس ، كان الممر مظلما فأغلب المصابيح غير مضاءة ، وصوت صراخه يبعث الرعب في الارجاء , فتحت الزنزانة و أصدر صوت من جراء ترنح الباب الحديدي ،
كان مقيدا كليا بالسلاسل و بقايا الخبز و الماء متدفقة في الارجاء ، اتجهت نحوه والخوف يتملكها ، كان صدره يرتفع وينخفظ بسرعة و عروق يده و عنقه بارزة ، وعيناه تفيض غضبا ، كان يبدو كوحش حقيقي ،
_ هل أنت بخير ؟
لم تتلقى أي جواب فقط ينظر إليها وهي تحاول الاقتراب منه بخطوات بطيئة ، استدارت نحو الحارس الذي يناظرها بقلق
" فك قيوده "
_ اجابها بصرامة " لا نستطيع بدون إذن من المدير "
" خذ الاذن إذن ! " أجابته

الوحش : The Beast Where stories live. Discover now