الفصل السابع عشر : القدر

27.2K 1.4K 115
                                    

دائما ما تقودنا أثار الحب للقديم لحب أقوى و أعنف

يغطس قدميه في بحيرة من الدماء ، ممسكا بيده مسدسا وباليد الاخرى هاتفا رافعا إياه لأذنه ينتظر رد مخاطبه ، و ما إن رد حتى قال بصوت أجش
_ تخلصت منها سيدي ، و صمت لبرهة يستمع لمخاطبه و رد بشكل متكرر أجل ، أجل ، بالتأكيد
أقفل الخط ووضع هاتفه بجيبه ، ودنى منها يحملها بين ذراعيه ، شعرها يتصبب دما كقطرات الندى ، لم يعر لذلك اهتماما وسار بها خارجا ، ركل جثة رجل مستلقي أرضا بقدميه لتفسح لهما الطريق و خرج من البيت متجها نحو سيارته

بعد ثلاتة أيام

في صحراء الشمال البرازيلي على بعد أكثر من 10 كلم من مارانهاو ، صحراء واسعة برمال بيضاء ناسعة تختلف عن أي صحراء أخرى ، تحتضن بركا من المياه التركوازية الصافية مما يجعل المنظر مبهرا بألوانه الطبيعية المدهشة ، ترك مارت سيارته وخلفه بضع رجال مسلحون يرتدون ثيابا سوداء كفرقة بوليسية ، يترأسهم و بيده مسدس توكاريف الروسي توقف ، ليتوقف الجيش وراءه ينتظرون كلمته ، تشنج قميصه بفعل تصلب عضلات يده , و تهجم خط فمه ، و اسودت عيناه ، ثم صاح قائلا :
_ دقائق تفصلنا على مهاجمة الفرقة السرية البريطانية ، الأمر مختلف عن أي عملية أخرى قمنا بها ، قطعنا طريقا طويلا و لا أنوي الرجوع خاوي الوفاض ، أي حركة قد تعرقل خطتي سيدفع صاحبها الثمن بحياته
لم ينطق أي منهم بكلمة ، ينظرون إليه ، كفرقة عسكرية تستمع لخطابات الكولونيل بحذر ، ثم أشار لهم ليكملو السير خلف خطاه
اختفت الرمال الناصعة خلف الاشجار الغابوية الطويلة ، مكان مختلف ، كأنه لوحة فنية أو وصف لمكان ذاخل أسطورة إغريقية قديمة لا يحل في سمائها طائر ولا يمرح فوق أرضها حيوان ، المكان الانسب للأختلاء بشخص ما وتعذيبه ، أول انطباع يرادوك به هو الوحدة والانعزال التام عن العالم .
تسارع نبض قلبه وهو يلمح البيت الوحيد القابع وسط الأشجار شاهقة الارتفاع ، إقترب منه بخطى ثابتة ، يحوم حوله ، يبحث عن مذخل ، حاصر رجاله المكان ، ينتظرون أمره لإقتحامه ، رفع يده لهم يعد بأصابعه ، واحد ، اثنان ، ثلاتة ..، كسرو الباب و ذخلوا مصطفين واحد تلو أخر ، مندفعين خلف مسدساتهم يجلون بأنظارهم في الأرجاء ،
بيت قديم مهتر ، لكن على الارجح كان خاليا , فقط بقايا طعام منتشرة في الارجاء ، و علب السجائر ، صرخ أحدهم عندما ذخل إحدى الغرف قائلا :
_ الدماء في كل مكان
إتهز قلب مارت بين أضلعه و تجمد الدم في عروقه ، أسرع للذاخل يلتقط قطعة ملابس ملتصقة بالأرضية جراء تجمد الدماء ، مما يوحي بأن الواقعة ليست حديثة بل مر عليها ما يقارب يومين او أكثر ، و ما إن تعرف على فستانها الممزق بين يديه حتى خارت قواه وتزعزع كيانه ، نهض من مكانه مرتجف الاطراف ينظر للمكان ، دماء على الحائط حيث تزال الأغلال معقلة ، و سوط ملقي أرضا ، و علب السجائر ملقاة هنا وهناك ، سيطرت عليه الأفكار المرعبة لما عايشته مارلين في لحظاتها الأخيرة من تعذيب و تشويه حتى القتل ، عاد أدارجه ممسكا بقطعة فستانها و الندم و الأسى يلتهمان قلبه

الوحش : The Beast Where stories live. Discover now