الفصل السادس : لقد انتحر !

37.1K 1.8K 198
                                    

في صباح اليوم التالي ، ذاخل مكتب الطبيبة النفسية ، تقف مارلين امام النافذة ، لم تزح الستار لكن الشمس كانت تختلس النظر ، شاردة الذهن ، سيكون يوما مهما بالنسبة لها ، و بالنسبة لمستقبل بعض السجناء ، أخرجها من شرودها طرق في الباب ،  مارت مكبل من طرف الحراس ، طلبت منهم تحرير يديه ، و الانصراف ، لكنهم أصروا على عدم فعل ذلك فلا أحد يستطيع توقع ما قد يفعله ، لكن رغبتها لم تتغير ، حرروا يده و انصرفو ، طلبت منهم الجلوس و جلست على الكرسي المقابل له و قالت :
" غيرت رأيك إذنا "
أومئ لها مركزا نظره عليها
" و ما سبب ذلك يا ترى "
يجوب بنظره في المكان
" اقتنعت بضرورة الدعم النفسي "
ابتسمت له و أدرفت قائلة " يسعدني سماع ذلك ، لكن سأسعد أكثر إن تخليت عن حيلك تلك و أخبرتني الحقيقة "
ابتسم هو الاخر لردها لكنه لم يجب
أومئت له برأسها " أجل , انتظر جوابك "
اقترب منها قليلا وقال
" أظنني أعجبت بك ، و أردت قضاء بعض الوقت معك ، فطبيعتي تنجذب للنساء الذكيات "
ابتعدت عنه و عادت لكرسيها خلف المكتب ،
" لم أستطع إقناع المدير بإخراجك من السجن المنفرد ، أتأسف لذلك "
أجاب ببرود " لا يشكل فرقا بالنسبة لي "
تبحث بين أوراقها ، " حسنا ،إذن ، كأول حصة ، ستكون تعريفية فقط ، لاعرفك على نفسي أولا ، ثم تعرف انت عن نفسك " لم تتلقى أي جواب فأكملت قائلة
" أسمي مارلين ستينز , اعمل كطبيبة نفسية ، تلقيت تدريبا ذاخل المستشفيات و انتهى بي الامر ذاخل السجن " قاطعها بسؤاله " متزوجة ؟ " أجابته بابتسامة " لا "
_ يسعدني سماع ذلك
ضحكت على رده و طلبت منه أن يعرف هو عن نفسه
فرد بنبرة مشابهة لنبرتها
" اسمي مارت البرت ، اعمل كمروج مخذرات ، تلقيت تدريبا ذاخل العصابات و انتهى بي الامر ذاخل السجن "
ضحكت من رده
_ غير ذلك ؟
فكر قليلا وقال
_ وغير متزوج
ابتسمت له وقالت " لا أظنك تأخذ الامر على محمل الجد كثيرا "
_ اظنني افصحت عن سبب وجودي هنا سابقا
_ بما أنك تأبي التعريف عن نفسك بشكل جيد ، سننتقل للمرحلة الموالية ، ما يسمى نفسيا بالالقاء الحر ، يمكنك الحديث عن أي شيء تريده بدون توقف ،
فكر قليلا و قال
_ حضرة الطبيبة هذه التقنيات لن تجدي نفعا معي ، لننتقل لتقنية أخرى أكثر إثارة
_ أجل ، بالتأكيد ، نستطيع تجريب التنويم المغناطيسي
زفر الهواء وظل يحدق بها بدون التفوه بكلمة
_ مارت ، أخبرني عن سبب صراخك ليلا ذاخل المنفردة و عدم تمكنك من النوم
تغيرت ملامحه وعاد الغضب يعتريه ، اصبحت نظراته حادة و لم يجب
مدت يدها نحوه لتمسك بيده لكنه دفعها بعيدا
" لا أحب ان يتم لمسي  "
اومئت له بمعنى لن أعاود الكرة
و اكملت قائلة
_ هل تعاني من كوابيس تمنعك من النوم
صمت لمدة ، يحدق بعينها جيدا
طرق على الباب ، ذاخل نائب المدير
_ سيدة مارلين ، أسف لمقاطعة حصتك ، لكن علي إخبارك بأن لجنة الاطباء قد أتت وهم بإنتظارك "
نظر الى مارت نظرة تقزز و سرعان ما تلاشت عندما لاحظ بأنه غير مكبل لينصرف مثل الفأر مسرعا 
                      ______________

في غرفة الاجتماع ، يجتمع الاطباء النفسيين من ضمنهم الطبيبة مارلين ، و أيضا المدير و نائبه ، شكرتهم مارلين على تلبية طلبها و شرحت لهم عن المعنيين ، و أكدت ان كلاهما يعاننان من مرض الذهان و يحتجان الرعاية النفسية للمناسبة ، لان حالتهم تسوء خاصة السجين ادوارد الذي منع من المشاركة في الانشطة و اوقات التنفس ، مما زاد من حدة الانسحاب الاجتماعي لديه الذي يعتبر من أهم أعراض الذهان ، فقد كلا السجينين للامور النفسية الطبيعية مثل غياب تعابير الوجه ونقص التحفيز ، القفز بين فكرة و أخرى دون أي رابط أو سبب منطقي .
بعد ذلك تم إذخال السجناء واحد تلو الاخر ليتأكد الاطباء من صحة ما تدعيه الطبيبة و قد أكدوا ذلك فعلا  وتم قبول نقلهم لمراكز خاصة لتلقي العلاج ، و تلقت السيدة مارلين إطراءا كبيرا من طرف الهيئة الطبية و من موضفي وزارة الخارجية و أثنوا على مجهوداتها و عملها الجاد عكس المدير الذي تلقى توبيخا من طرف النائب العام بسبب اتخاذه لاجراءات ليست في صالح السجناء كمنع السجين من الانشطة  
تحدتث حضرة الطبيبة مع كل من ادوارد وجورج وودعتهم ، و تمنت لهم الشفاء العاجل ، وعانقتهم عناق طويلا  .

                     ________صباح غذ

تسترجل من سيارتها السوداء ، تلقي التحية على الحارس و يبادلها ، يفتح لها الباب و تذخل بوابة تلو اخرى الى الرواق الطويل ، تمشي نحو مكتبها استوقفها أحد الحراس و مد لها رسالة
" طلب مني السجين ادوارد ان أعطيها لك عند قدومك "
امسكتها و سالته " هل تم نقلهم ! لا يزال الوقت باكرا
أجابها قائلا " ليس بعد ، سيتم نقلهم عند الساعة العاشرة "
أوميت له و أكملت سيرها ، ذخلت المكتب، وقفت أمام النافذة كعادتها ، فتحت الرسالة
" سيدة مارلين ، لا أستطيع التعبير عن مدى فخري بك ، أشكرك لما بذلته من جهد من أجلي ، و من أجل أي شخص في هذا السجن ، لكنني لا أستطيع لا أستطيع تلقي العلاج  ,  مرضي هو الامر الوحيد الذي يصمت عذاب ضميري بعد أن أشفى لن يظل هناك عذر لما ارتكبته لن أستطيع مسامحة نفسي بعد قتلي لأسرتي ، أريد أن أرحل اليهم مرفقا بعذر يغفر ذنبي  , سامحني "

يرتعش جسدها اسقطت الورقة من يدها و هرولت للخارج مسرعة " لا تفعل ، لا تفعل ، لن أتحمل ذلك  لا تفعل " تركض في الممرات نحو زنزانته ، اخبرها الحارس بأنه ذاخل دورة المياه ، أسرعت نحوه تصرخ باسمه و تطلب منه ان لا يفعل
ذخلت لدورة المياة ووجدته ملقى أرضا و يده تنزف ، قطع وريده ، امسكت يده باحكام و حاولت جس النبض في الشريان الكعبري  ، لا يوجد نبض ، فارق الحياة و شبع موتا   , جسده بارد
" انا السبب ، أنا سبب موتك "  انحت اليه والدموع تنهمر من عيونها , تتمتم من بين شهاقاتها " كيف سأعيش مع تأنيب الضمير هذا "


.
.

كيف ستتعايش مارلين مع الأمر و هل ستتوقف عن لوم نفسها أم أن تأنيب الضمير سيتمكن منها ؟

كان انتحار  إدوارد هو  الحدث الذي قلب جميع موازنها و غير كل خططها ..

شكرا لكم

الوحش : The Beast Where stories live. Discover now