الفصل السادس عشر :المنافسة

26.5K 1.4K 186
                                    

ذاخل غرفة واسعة ، تملئها جميع وسائل التعذيب بدءا بالسوط و انتهاءا بالكرسي الكهربائي ، ملقاة هناك أرضا ، أيديها مقيدة و رأسها مغطى بكيس أسود خشن ، تضغط عصابة الاعين بشدة على عيناها و تشعر بأنهما أصبحتا رخويتان جراء الضغط ، تعود صراخاتها لذاخلها وتتكدس بفعل الشريط اللاصق الذي يغلق فمها بإحكام ، تتخبط مكانها بدون جدوى ، الصوت الوحيد الذي تسمعه هو صوت ضربات قلبها و تأمل ان لا تفجر قفصها الصدري ، تركوها لمفردها منذ أزيد من خمس ساعات ، و إستطاعت الفهم من همساتهم ، أنهم ينتظرون مجيئ شخص ما
تحاول تذكر في أي شيء يلهي عقلها عن التفكير في طرق التعذيب التي ستمارس عليها ، لكن عقلها أبى التفكير في أي شيء أخر سوى وضعها الراهن ، فتح الباب ، سمعت صوت أقدام تقترب منها ، سرت القشعريرة على طول عمودها الفقري ، شعرت بيد ترفع عن رأسها الكيس و تشد شعرها بلطف و تغلغل أصابعها ذاخل خصلاتها ثم تشد قبضتها بعنف لتهز رأسها للأعلى ، نزع العصابة من عيونها ، لتفتحهما ببطئ ، ترى بشكل مشوش ومزدوج ، رمشت عدة مرات لتوضح لها الرؤية ، يقف أمامها رجل طويل ، عريض الكتفين ، ببشرة برونزية و شعر كستنائي ، ملامحه خاطفة ، عيونه الخضراء المنطقة ببقع صفراء و فكه الحاد هذا أكثر ما يجعله ملامحه جذابة بشكل قاسي ، تحدق به بإضطراب وتتفحصه من رأسه لاخمض إصبعه وقد أدركت من خلال وقفته و حركاته أنه صاحب شخصية سادية شرسة شهوانية منحرفة فالوشوم التي تملئ ذراعيه و قليلا من عنقه عبارة عن ايحاءات جنسية متوحشة ، أبعدت بصرها عنه لكنها ظلت تشعر بنظراته الجريئة تتفحصها ، بلل شفتيه قبل أن يقول
_ مرحبا
و دنى منها ينزع الشريط اللاصق من فمها بعنف فتأوهت بألم ، نظر إليها نظرة خبيثة وقال بنبرة سخرية
_ وفري تأوهاتك وصراخك لوقت لاحق ، سنحتاجها
فهمت مغزاه بسرعة فما لبتث حتى بصقت في منتصف وجهه ، مسح وجهه براحة يده قبل أن يحكم قبضته على وجهها ويجذبها إليه بقوة هامسا لها
_ لا تغضبيبي ، ليس من صلاحك ذلك
دفعها لتبتعد
نهض من أمامها وغادر الغرفة ، وبعد لحظة عاد برفقة رجلين ، و أشار لبعض الادوات الملقاة بجانبها و أملى عليهما بعض التعليمات فإتجها نحوها و حملاها بخفة ، رغم ترفساتها و تخبطها لم تفلت من قبضتهما القوية ، أوقفاها أمام الحائط ورفعو يدها يتبثانها بواسطة سلاسل حديدية ، تبثوها جيدا ، و انسحبا خارجا ، كلما حاولت الحراك تجرح يداها جراء ضغط السلاسل ، فتسمرت مكانها تنظر إلى الرجل الواقف على مقربة منها يناظرها بإبتسام ، أخرج يديه من جيوبه وسحب كرسي لجلس أمامها
ممسكا بيده حزاما جلديا
قالت متظاهرة بالقوة
_هل تفكر في صلبي الآن ؟
تنهد تنهيدة خفيفة و ارجع رأسه للوراء
_ أفكر فيما تظنين أنني أفكر به ، غمز لها
_ لا تفكر في ذلك حتى
نهض من مكانه واقترب منها رافعا يده ليدها المعلقة ،
_ لكنني أفكر في ذلك و كلانا يدرك جيدا أنني أستطيع تجاوز مرحلة التفكير إن أردت ذلك ، أخرج علبة سجائر و ابتعد قليلا يبحث في جيوب سترته عن ولاعة ، قبل ان يضيف : لكنني رجل عملي مرر اصبعه فوق شفتيها ببطئ ، أدارت رأسها للجهة الاخرى بإضطراب , ابتعد منها ليرتشف من سيجارته
_ سأمنحك فرصة للاعتراف بكل ما تعرفين بدون ضغط ، و أتمنى ان تستغليها لأنني لا أريد تشويه وجهك حبيبتي
عاد لمكانه ، يجلس فوق كرسيه بتعالي ، ينفث ذخان سيجارته باتجاهها ، انتهى منها ورماها أرضا يدهسها بقدمه ، ثم رفع بصره إليها يسألها
_ من غيرك يعلم بشأن مقتل السجين ؟
ذكرها سؤاله بالرسالة التي وضعتها على مكتب المدير يوم هروبها رفقة مارت ، رسالة زعمت فيها بأنها أدلت بالمعلومات لأشخاص أخرين مستعدون لتسليمها للمحكمة ، كان هدفها أنذاك هو حماية أمها من أي ضرر فقد هددت بأن اي مكروه يصيب أمها يكون سببا في إدلاءهم بالمعلومات ، و أدركت ان تلك الرسالة هي السبب الوحيد الذي جعلهم يستجوبونها بدل قتلها مباشرة ، وكم تمنت لو كان مضمون الرسالة حقيقيا لكنه مجرد وحي من خيالها ،
قاطع تفكريها نبرته الحادة معيدا سؤاله بصيغة أخرى
_ لمن أدليت بالمعلومات ؟
صممت على الصمت لانه ملاذها الوحيد للبقاء على قيد الحياة ، و أن إعترافها مجرد حفر لقبرها
نظرت إليه بإشمئزاز وظلت صامتة ولاحظت ملامح السأم تعتري وجهه ، نهض إليها بتملل وقال
_ لن تتحدثي إذن ؟
_ لا قالت بإختصار
هز كتفيه و قال :
_ لك ذلك
حمل السوط الملقى أرضا وصوبه نحوها بقوة ، وتردد صوت السوط في الفراغ مرات عدة قبل أن يستقر على جسدها فصرخت بألم أعاد الكرة مرات ومرات حتى شعر بأن قواها خارت فراماه أرضا واقترب منها يمسح دموعها بلطف ، ويزيح خصلات شعرها عن وجهها المتعرق ،
_ أحاول ان أكون لطيفا معك ، لا تجبيريني على أذيتك ، كوني فتاة مطيعة
____________

يضع رأسه بين يده ، يحاول منع نفسه من الانهيار ، كيف أستطاع التفريط بها و تسليمها لهم ، أي شخص هذا الذي يستطيع دفع من يحب للهلاك ؟ ، أجل يحبها ، لكنه استطاع التخلي عنها أمام اول عائق بينهما
رن هاتفه مرات عدة ، قبل أن يجيب
_ مارت ، ماريا معي الآن إنها بخير ، ستعود لإيطاليا و بعدها سأتي إليك لكي ..
قاطعه مارت بصوت غاضب
_ عد لايطاليا معها ، لن أستطيع تمالك نفسي إن رأيتك
أقفل الخط ووضع هاتفه أرضا ، لم يكسر الأشياء و لم يلكم الحائط و لم يصرخ ، لم يفعل أي شيء ، فقط ظل متسمرا
كان ألمه أكبر من أن تصمته حيله المعتادة من ضرب وتكسير ، لأنه يشعر بألم مختلف ، لم يسبق وشعر به ، كشعوره وهو بجابنها ، شعور لم يعرفه أبدا من قبل ، يحاول الترويع عن نفسه لكنه لا يستطيع ، فكرة أنه سلمها لقاتليها تقتله ، و تنهش قلبه ، امتلئت عيناه بالدموع و استسلم لعذاب ضميره و عذاب حبه لها ، غارقا في ندمه ، ولكن لا فائدة من البكاء وراء الاطلال فصغيرته رحلت عنه للابد
______

_ إنني أحاول جاهدا مقاومة رغبتي في تعذيبك و سماع أنينك ، لكن صبري ينفذ كلما إلتزمت الصمت وتجاهلتي أسئلتي
كانت قواها قد خارت كليا ووجها أصبحا شاحبا و كأنها جثة تتنفس ، جسدها المليئ بالكدمات والجروح ، أصبح شبه عاري ماعدا بضع سنتمرات متفرقة ، مع ذلك صممت على إلتزام الصمت رغم أنها إرتئت ان الموت أرحم مما تمر منه ، لكن شيء ما حرضها على المقاومة و منعها من الاستسلام له
فك قيودها لتهوي أرضا ، ارتطمت بقوة فتصلب جسدها و انكمشت على ذاتها بألم ، رفعها بين ذراعيه القويتين فانصابت إليه شبه فاقدة للوعي ، تشعر بأن لا جسد لها ، أنها مجرد روح فجسدها مخذر جراء الالم ، سحب برميل ماء ورفعها بخفة لتقف وبسبب إرتجاف قدميها و ضعفهما لم تستطع الصمود لأكثر من ثانيتين لتسقط أرضا لكنه إنتشلها بسرعة و عانقها من الخلف بقوة لتظل واقفة و بدأ يغطس رأسها ذاخل البرميل الممتلئ ماءا حتى تختنق فيسحبها مجددا نحوه ، ويجفف شعراتها بلطف ثم يعاود غطس رأسها
أحس بأنها ستموت إن عاود الكرة مرة أخرى ، فأدارها إليه و أحكم يديه على خصرها كي لا تهوي أرضا و قال لها وهو يمسح على رأسها
_ هل اتعبتك ؟
استجمعت ما تبقى لها من قوة لتقول بشكل متقطع
_ ليأتي الكولونيل بنفسه حينها فقط سأعترف له بما أملك ضده
بدت الدهشة على وجهه ، لم يكن يدرك أنها تعمقت في القضية الى هذا الحد ، أفلتها من بيده لتسقط أرضا
_____________

يحملق في شاشة الهاتف ، يبحث عن رقم الكس ، و ما إن رد حتى استطرد كلامه بصوت خشن قاسي
_ لديك يوم واحد لتعرف مكانها ، وأقسم لك أنك إن لم تفعل سأقتلك بيداي دون ان أفكر في الأمر
بدى التوتر و الاضطراب واضحا من صوت مخاطبه حين رد قائلا
_ سأفعل ما بوسعي ، لكن ما الذي تخطط لفعله ؟
_ ستخبرني عن مكانها أولا ثم ستخرج مع أفراد العصابات ، سنداهم المقر
_ لكن مارت لا أظنها ستصمد كل هذا الوقت أمام تعذيبهم قد تكون مي..
قاطعه بعنف
_ أريدها حية او ميتة

الوحش : The Beast Where stories live. Discover now