الفصل الثامن : هل وقعت في الحب ؟

36.4K 1.7K 44
                                    

عادت مارلين لبيتها وشعور غريب يعتريها ، و كأن شيئا ما حصل أو سيحصل مقلق لراحتها ، أخرجت الملف ووضعته فوق مكتبها و بدأت تتصفح كل ما كتب بذاخله وركزة نظرها على الملاحظة الطبية أمامها التي تبين أنه يعاني من ظاهرة القلب اليميني ، هذا يتعارض مع سبب موته ، كيف يمكن أن يموت جراء قطعه لشريان غير موجود باليد اليسرى ، حكت فروة رأسها بلطف متسائلة عن ما يوجد خلف هذا !
انتظرت حلول النهار بفارغ صبر للتتأكد من الأمر ، عند الساعة الخامسة صباحا كانت سيارتها مصطفة أمام بوابة السجن وأول ما قامت به هو الاتجاه لمسرح الجريمة ، ذخلت دورة المياه و عاد الشعور الغريب يتملكها ، استلقت على الأرض و اتخذت وضعية ادوارد و مدت يدها كما كانت يده ، و تأكدت بأن إصابته كانت باليد اليسرى ، جلست مكانها لمدة من الوقت جامدة بدون حراك تفكر في الأمر ، هل حقا انتحر أم تم قتله ؟ هذا كل ما كان يشغل بالها ، ذخل أحد الحراس ليخرجها من تفكريها
_ حضرة الطبيبة هل أنت بخير ؟
أومئت له بشرود و انصرفت نحو مكتبها ، تنتظر تذخلا لبقا لتتأكد من سبب الوفاة ، تذكرت بأن عليها تفحص المرضى و قد أرادت أن تفحص مارت أولا لكنها ترردت بسبب ما حدث البارحة ، و قد احمر وجهها مجددا لمجرد تذكر ذلك ، اتجهت نحو المستوصف ، ألقت التحية الصباحية على الطبيب و تمنت له التوفيق ، و رد عليها بالمثل ، لم تستطع مقاومة رغبتها في إلقاء نظرة على مارت و حاولت إقناع نفسها بأن من واجبها فعل ذلك و أنها الوحيدة التي تستطيع الذخول إليه و أنها لو أرسلت إحدى الممرضات لقطعهن إربا ، و أبتسمت تلقائيا من فكرتها فحملت علبة الاسعافات و اتجهت إليه و ما إن وصلت حتى إختفى الشعور الغريب الذي كان يعتريها و استبدل بشعور الارتباك و التوتر ، ذخلت إليه لتجدته شاردا في أفكاره واضعا رأسه بين يده جالسا فوق طرف السرير ، اتجهت ببطئ نحوه و جلست بجانبه وقالت
_ هل أنت بخير ؟
وقد بدى كأنه لم يلحظ ذخولها فقد استغرب من وجودها بجانبه عندما رفع رأسه ، نظر إليها فعادت وجنتيها للاحمرار
_ أتيت لفحص جرحك !
_ لا يزال الوقت باكرا ! هل رأيتني في منامك ؟
شعرت مارلين بالاحراج الشديد و لم تستطع قول أي شيء ، فنهضت لتفحص ظهره ، لكنه دفعها بخفة تجلس مكانها وهمس قائلا
_ هل تشتاقين لرؤيتي ؟
ازاد احمرار وجهها لكنها تداركت الأمر
_ مارت .. عد لصوابك ، هل تستوعب ما تتفوه به ؟
ضحك بخفة لتوترها الواضح
_ أفقدتني صوابي ، حضرة الطبيبة
تزداد حدة تنفسها و دقات قلبها تتسارع
_ تبدو بخير ، لا سبب لتفقدي لك مرة أخرى ، حاولت النهوض لكنه أمسكها جيدا و أسقطها فوق السرير و أمسك يداها بقوة ،
_ لا تجبرني على صراخ مارت ، سأستدعي الحراس
_ لن تفعلي
_ لا تجبرني ، قالت محاولة الافلات من قبضته لكنه شد على يدها بقوة أكبر و انحنى نحوها
_ محاولاتك في الهروب تزيد من رغبتي
_ ابتعد عني مارت ، أنت لا تستوعب ما تتفوه به
_ ألا يعجبك الوضع ؟
احمرت مجددا و قالت بشكل متقطع
_ لا .. يعجبني اتركني مارت أقسم أن أصرخ
اقترب منها ليقبلها فأغمضت عيناها بسرعة ، لكنه تراجع وتركها
نهضت تنظر إليه بحذر و خرجت بسرعة ناسية علبة الاسعافات و بعدما وصلت للمستوصف تذكرتها ، تنهدت بعمق وعادت إليه و ضحك من أعماقه بسبب إرتباكها الظاهر و ما إن التقطت العلبة حتى هرولت للخارج
و ما إن عاد نبضها لطبيعته حتى اتجهت صوب المستوصف لإلقاء نظرة على السجناء ، وجدت الطبيب يتناول وجبة الافطار ، ودعاها لمشاركته ، جلست بجانبه و بدأو بالحديث عن الكلية التي درسوا بها و لما اختارو هذه المهنة ووصل الحديث الى الحياة العاطفية لتجد مارلين نفسها تفكر في مارت و ما حدث بينهما ، نهض الطبيب بعد انتهائه من الاكل نحو أحد المرضى وقد طمئن مارلين بأنه يستطيع السيطرة على الوضع وأنه لم يعد بحاجتها وشكرها كثيرا ، عادت مارلين لمكتبها ، تنظر من النافذة كما سنحت لها العادة , تفكر في موضوع إدوارد و هل يمكن ان يكون قد قتل فعلا ، فتحت الملف من جديد ، دونت اسم الطبيب الذي شخص مرض إدوارد و عزمت أنها ستقوم بزيارته لتتأكد من الأمر لتتمكن من طرح تساؤلها لمأمور السجن
بحتث عن عنوانه في الانترنيت وقد وجدت عيادته ، خرجت مارلين للطريق بعدما أقنعت نفسها بأنها الطريقة الوحيدة لتهدئ شكوكها ، بعد ساعة وجدت نفسها أمام عيادته ، لم تكن بعيادة كبيرة بل كانت بسيطة جدا ، ولم يكن هناك أي مرضى ، لذلك وجدت من السهل الولوج للحديث إليه ، طلبت من سكريتيره إخباره بأن هناك شخص يريد مقابلته فأخبرتها بأنه يعاين أحد المرضى بالذاخل انتظرت مارلين قليلا لتذخل إليه ، كان رجلا عجوزا بشعر أبيض تماما و التجاعيد تكسو وجهه ، ألقت عليه التحية وجلست
_ أنا الطبيبة مارلين ، أعمل بالسجن حيث سجن مريضك إدوارد ، الذي يعاني من ظاهرة القلب اليميني ، هل عساك تتذكره ؟
ابتسم بعفوية و رد على الفور
_ بما أنك طبيبة فستعرفين بالتأكيد مدى ندرة تلك الظاهرة إنها نادرة لحد كبير بالتأكيد أذكره إنه الشخص الوحيد الذي شخصته بظاهرة كتلك
_ هل انت متأكد من تشخيصك !
بدى عليه شيء من الاستياء فتداركت بقولها
_ لا تفهم قصدي بطريقة خاطئة لا أقصد التشكيك في صحة معايناتك
_ انظري يا صغيرتي ، تلك الحادثة كانت فريدة من نوعها و لا أستطيع نسيانها ، كان إدوارد عسكريا متفانيا في عمله ، كان يسكن فقط في الجوار ، لكن لسبب ما طرد من عمله و قد أثر ذلك به كثيرا لدرجة أنه حاول الانتحار بإطلاق النار على قلبه لكن زوجته رحمها الله كانت تقول بأن زوجها تعرض لأطلاق النار من أحد الاشخاص ، عندما أسرعنا لإنقاذه كنا فاقدين الامل في ذلك لنتفاجئ بعد ذلك بأن قلبه يقبع في الجهة الاخرى
كانت مارلين متفاجئة كثيرا ، لم تكن تعرف ان إدوارد كان عسكريا ، أكمل لها بقية الحكاية ، شكرته مارلين كثيرا و انصرفت
لم تجد مارلين سببا للعودة للسجن فاتجهت لمنزل والدتها ، قضت اليوم رفقتها وقد لاحظت أمها القلق الذي يعتري إبنتها لكن مارلين لم تفصح عن ما يجوب بذاخلها و سرعان ما  كانت تغير الموضوع وقد لاحظت أمها ذلك ما زاد من شكها .
أثناء العشاء ،  بينما يتناولان الطعام في صمت على غير عادتهما ، كانت مارلين تقلب طعامها  بشرود ، لتتوقف أمها عن الاكل و تسألها 
_ ما الذي يشغل بالك ؟ و  لا تحاولي الانكار لأنه من الواضح أن شيئا ما يحدث لك ؟
_ ليس بالشيئ المهم !
_ كيف ليس بالشيئ المهم وأنت غارقة في التفكير ، أخبريني  قد أستطيع مساعدتك !
تنهدت مارلين وقالت : 
_ لا أظنك تستطعين  صمتت لبرهة وأضافت : كيف يعرف المرء أنه واقع في الحب ؟
بالفعل كان جوابا غير متوقعا من مارلين ، نظرت إليها أمها  مليا و إبتسمت
_ امم ! تفكرين فيه كثيرا ، تحبين التواجد بقربه , و ترتبكين عند رؤيته ...
التمعت عينا مارلين ، هذا بالفعل ما تشعر به إتجاه مارت ، لكن بالتأكيد ليس حبا ، أيعقل ان تحب بهذه السرعة ! شيء غير معقول ..
قاطعتها من شرودها والدتها مضيفة :
_ على ما يبدو لقد وقعتي في الحب ؟  ألن تشاركيني ذلك ؟
_  لا ينقصني سوى الحب ؟ بالله عليك يا أمي , لدي الكثير من الاشياء  أكثر أهمية لأقوم بها
_ أجل مارلين ، ينقصك الحب و حياة عاطفية ناجحة كباقي جوانب حياتك , لذلك كفي عن المراوغة وأخبريني من هو هذا الشخص ؟
و أضافت أمها ممازحة :  أم أنك وقعتي في حب أحد السجناء وتحاولين إخفاء الامر ؟
شحب لون مارلين و ابتلعت ريقها وقالت :
_ أجل ،   ربما وقعت في حب سجين
نظرت إليها أمها باستغراب ثم انفجرت ضاحكة
_ كفاك مزاحا وسخرية ، إن لم تريدي مشاركتي لك ذلك ، لكن تناولي طعامك

الوحش : The Beast Where stories live. Discover now