الفصل الحادي عشر : مقتل الطبيب

30.2K 1.6K 61
                                    

مرت الخطة كما خطط لها ، وصلا للمستوصف  ، باب المستودع وجد في نهاية الرواق الطويل  خلف خزانة الادوية  ، لم تكن مارلين تدري بأمره إلا أن أخبرتها الممرضة بأنها إلتجئت إليه خشية من السجناء خلال التمرد ، أزاح مارت الخزانة بخفة ليظهر الباب الخشبي القديم ، وقبل أي محاولة  لفتحه ، سمعت صوت الطبيب من خلفها فاصفر لونها وشحب وجهها و تسمرت مكانها ، التفت نحوه محاولة تدارك الأمر و إرتجال حجة تدفعها لفتح باب المستودع ،
_ حضرة الطبيب ، ماذا تفعل هنا ؟
صوت متوتر و سؤال بدون معنى هذا كل ما استطاعت أن تقوم به ، لم يبدي لتوترها إهتماما كبيرا و أجاب بابتسامة كبيرة
_ أردت توجيه نفس السؤال إليك
أحست بالبرودة تتدفق في جسدها وأنها لا تقوى على الوقوف أكثر لكنها حاولت الصمود و أجابته
_ أبحث عن بعض الأشياء و قد أخبروني أنها ذاخل المستودع ، لكنني وجدته مغلقا
_ أجل ، لا يسمح لغير العاملين بالمستوصف الوصول إليه
_ هل بإمكاني إلقاء نظرة ؟
_ أجل بالتأكيد
أخرج من جيب مريوله الأبيض المفتاح ، و اتجه صوب الباب لفتحه ، لم تقوى مارلين على الحراك ،  مارت منزل رأسه للأسفل  ، تحجب قبعة الحارس وجهه ، نظر إليه الطبيب نظرة عابرة ، ثم فتح باب المستودع
أومئت مارلين برأسها لمارت بمعنى اهدأ ،
_ شكرا لك ، سأتدبر أمري رفقة الحارس ، عند انتهائي سأنادي لك لتغلق الباب مجددا
لم يكن في نية الطبيب الانصراف ، لكنه تراجع بضع خطوات بعد كلامها و أفصح لها المجال لتذخل المستودع ،
وقبل أن يعود لعمله دعى مارلين لتناول طعام الغذاء فور انتهاءهما من العمل ، أجابته بابتسامة عريضة
_ أجل ، بالتأكيد
لم تصدق مارلين أنها نجت منه  ، تنهدت براحة عندما أغلقت باب المستودع ، نظرت لمارت بجانبها و ابتسمت له ،
_ لا يزال أمامنا سوى عشر دقائق ، يجب أن نسرع للخارج
لم تكن ملامحه تبدي أي رد فعل جراء أي شيء ، عيناه الذابلتان توحي بمظهر عدم الاهتمام و كأنه يتخذ  الامر كلعبة فقط
إنتهى الأمر  في بضع دقائق  ، لكن  بالنسبة لها استغرق الأمر دهرا ، تمسك المقود بيدان متعرقتان من شدة التوتر ، لولهة خيل لها بأن الحارس سيطلب منها فتح صندوق السيارة ، فأسرعت تتملقه قبل أن يقول أي كلمة بعبارات الشكر المتكررة و الاطراءات السخيفة ، ما إن فتحت بوابة السجن حتى تنهدت بعمق و تنفست صعداء ، ثم أسرعت مبتعدة عن مكان خيل لها  في وقت سابق أنها تستطيع تحويله لمكان آمن ، مليئ بالعدل و الطمأنينة ،لكن هاهي الآن تفر منه رفقة مجرم ذاخل صندوق سيارتها ، لو أخبرتها إحدى العرافات بذلك لما استطاعت التصديق ، ربما كانت ستضحك بشدة على ذلك و تنعتها بذات المخيلة الواسعة
انعطفت عن الطريق  الرئيسي و ذخلت لطريق غير مهيئ يؤدي للغابة ، أوفقت سيارتها ، و فتحت الصندوق ليخرج مارت ، سيكملون سيرا ، لنهاية الغابة حيث اتفقت مع محاميه ،
خلعت كعبها و رمته أرضا لتستطيع المشي بين الحشائش و الاعشاب الشائكة  ، أكملا سيرهما في صمت ، كانت مارلين  تتوقف في كل مرة  لإزالة ما يعلق في راحة قدمها  ، تتأوه من ذلك لكنها تكمل سيرها  ،وقد بدى مارت منزعجا من حالتها
_ إن استمريتي هكذا ، سيعثرون علينا قبل ان نتجاوز الغابة
_ اسرع أنت ، سألحق بك
أسرع قليلا لكنها كانت تستطيع اللحاق به ، رغم ألمها كانت تحاول الركض خلفه و تتبع أثره ،
_ على الأغلب سيكونون قد اكتشفوا أمرنا !
قالت له بصوت مضطرب
_ لم يتبقى الكثير ،  أجابها ممسكا يدها ليجرها بقوة خلفه ،
ابتسمت بخفة عندما لحمت سيارة المحامي عند نهاية الطريق ، و أفلتت يدها من قبضته وركضت بسرعة نحوه متجاهلة ألم قدمها ، خرج المحامي من سيارته وقال :
_ بدأت اقلق ، ظننت ان شيء ما قد حدث ، فلم أكن واثقا من نجاحكما في الخروج من هناك
_ و أنا لم أكن واثقا من ذلك لكنها نجحت
نظر إليها نظرة دافئة
اخرج من صندوق سيارته بعض الملابس وسرعان ما خلع مارت ملابسه ، التفت للجانب الاخر بسرعة وقالت
_ ما فائدة تغيير الملابس ؟
أجابها المحامي بينما مد لها فستانا و شعرا مستعارا ذو لون أحمر فاقع
_ لا يزال أمامنا طريق طويل قبل وصولنا  للطائرة ، يجب أن نحتاط قبل ذلك ،
كان جوابه مقنعا ، فالتقت ثيابها ، لم يعجبها الفستان ، كان فستانا جلديا أسود اللون ، لكنها لم تعلق على ذلك ، أسرعت خلف صندوق السيارة لتغير ملابسها ، لكنها لم تستطع إخفاء رأيها 
_ ألم تجد غير هذا الشيء لأرتديه ؟ أشعر و كأنني سأختنق ذاخله
فتح المحامي فمه ليعتذر منها ويبرر سبب ذلك  لكن مارت استبقه قائلا ، ضعي شعرك المستعار و إصعدي للسيارة
جلست بالخلف بينما جلس مارت أمام المقود و المحامي بجانبه ، كان يسير بسرعة كبيرة ، إذ في كل مرة يحاول التوقف تقذف مارلين نحو الأمام و يتبعثر شعرها المستعار فتبدأ في الشتم  ، لم يستطع مارت كثم ضحكته في كل مرة يرى منظرها ذاك
وصلوا لساحة واسعة قرب الساحل حيث توجد الطائرة الخاصة ، فتح الباب و أدير محركها ، فأسرعوا للذاخل
أحست مارلين بالراحة أخيرا  ، و ما إن تقلع الطائرة حتى تكون قد هربت من موت محتم كان يلاحقها ،
جلسوا في أماكن متفرقة ، خلعت شعرها المستعار بعنف و رمته أرضا ، و صاحت قائلة
_ هل بامكاني استعادة ملابسي ؟ لن أستحمل هذا الفستان أكثر
_ يؤسفني ذلك ، تركنا ملابسك ذاخل السيارة !
تنهدت باستياء
_ ألا توجد قطعة ملابس ما هنا أستطيع إرتداءها ؟
زفر مارت الهواء وقال
_ بإمكانك خلعه إن أزعجك وتوقفي عن الحديث قليلا
_ لا اتحدث إليك  أتحدث الى الكس ، أشارت بإصبعها إلى المحامي الذي هم واقفا ليذخل غرفة القيادة
استدارت باستياء متجاهلة نظرات مارت الساخرة
                          __________

هبطت الطائرة بسلام ذاخل الاراضي المكسيكية ، فتحت مارلين عيناها بتتثاقل ، مسحت بعض اللعاب من على فمها ، تشعر بألم تحت عنقها جراء وضعية نومها ، خذها محمر جراء النوم ، نظرت من النافذة ، المنظر يخطف الانظار ، الجبال الشامخة تكسر غروب الشمس ليظهر كلوحة فنية بألوان متقاربة رائعة ، ناداها مارت مرة أخرى لتتبعه للخايسمعه
تبعته بخفة ، بعدما قامت بتعديل فستانها الذي تقلص حجمه و أصبح بالكاد يحجب بضع سنتمترات من ساقيها ، التقت شعرها و أعادت تركيبه ، خرجت من الطائرة و صعدت السيارة ، ظل مارت والكس يتحدثون قليلا ، لم تكن تستطيع تفريز كلماتهم ,  ذخلا السيارة بعد ذلك ، لمح مارت شعرها المستعار فابتسم ابتسامة خفيفة ، لم تنتبه مارلين لذلك كانت تتمعن في جمال المكان ، من طبيعة و سماء و هواء ،
كان الطريق الجبلي وعرا ، لكن مارت كان بارعا في القيادة ، وصلوا بعد مدة لبيت خشبي يقبع وسط أشجار الصنوبر الطويلة ، يشبه الكوخ لحد ما ، لكنها تراجعت عن ملاحظتها تلك فور ذخولها إليه ، كان بيتا عصريا واسعا ، جلست بعياء فوق الاريكة و رمت شعرها أرضا ،
_ توجد غرفة بالاعلى استحمي ، و ستجيدين ثيابا مريحة نتحدث بعد ذلك
أومئت برأسها لمارت وصعدت
فور إختفاءها أشار للمحامي المنكمش حول ذاته ، لكي يتبعه للخارج
_ ماذا يحدث ؟
تلعثم المحامي قبل أن يقول
_ لا أعرف
نظر إليه نظرة غاضبة فأكمل كلامه بسرعة
_ شيء ما يحدث لا أستطيع حله
_ أخبرني ما يحدث ، لا تفقدني صبري
_ الاخبار ! السجن ، أقصد يبحثون عن مارلين
_ بالتأكيد سيفعلون ، لقد هربتني من السجن ، سيبحثون عن كلانا
_ لا  أقصد ذلك ، إنهم يبحثون فقط عنها
أمسكه مارت من ياقته و سبحه ليلتصق مع الحائط و ضغط على عنقه
_ تحدث بطلاقة
_ مارلين متهمة بقتل طبيب السجن و الهروب ، لم يذكر اسمك في أي خبر ، إنهم يبحثون عنها فقط ، كل انجلترا تبحث عنها ، قضيتها قضية رأي عام 
تركه و تراجع بضع خطوات للخلف غير مستوعب ما يسمعه




الوحش : The Beast Where stories live. Discover now