الفصل السابع عشر

104 10 3
                                    

م
متكومة على السرير كالجنين ،تدفن وجهها بوسادة والدتها كطفلة معاقبة،تكتم أهاهتها وشهاقاتها، تخمد حمم دموعها الحارقة، لكن لا حمم دموعها تخمد، ولا نياط قلبها المشتعل يصبح رماد ، توالت الصفعات، كل صفعة تزيدها قوة، إلا صفعة هذه المرة التي تركت أصابع قسوتها أمارة على عنفوانها، صفعة جعلت جمودها يختل، تعلن عن التحرر من نسب "انطوان مورجان"، كما تعلن أيضا عن عدم وجودها في الحياة، أمنية تمنتها منذ زمن لكن لم تكن تعرف أن تحررها من نسبه يعني تحررها من نسب أغلى ما كانت تملك، نسب أمها "سارة"، فرقت الدنيا بينهم سابقا، وتتفرق اليوم الأرواح لعدم صلتهم، ضحية هي هذه المرة من المؤامرة التي حيكت سابقا، لا تزال نقوش كلمات أمها " سارة" لامعة في ذاكرتها وكأنها هي من كتبتها في المذكرات.

عودة للماضي...............
تطلعت إلى التاريخ، وانتبهت أن اليوم هو ذكرى ميلادها، تمرد السيل من عينيها مبتسمة بحنان، فقررت أن تذهب لشقة والدتها بالقاهرة كي تتذكر كيف كانا يحتفلان، لم تكن لتضيع ثانية واحدة، فانطلقت مسرعة إلى هناك، أخذت تطلع لكل إنش في الشقة بتأمل و ابتسامة بريئة إلى أن خطت لغرفة النوم التي لم تترك منها قطعة صغيرة إلا وأمسكتها إلى أن وقع نظرها على مذكرة صغيرة باللون الأزرق كانت بداخل إحدى الأدراج، لم تكن للتعجب من وجودها فبالتأكيد تلك المذاكرت تحكي عن معاناتها مع "انطوان"، فأمسكت تقرأها بتمعن، كانت الصفحات الأولى ترويها
"سارة" عن أول لقاء صدفة جمعها بأنطوان عندما كانت تزور إيطاليا للسياحة، فقد كان يتناول طعام الغداء في إحدى المطاعم الشهيرة وقد اختارت نفس المطعم، وقتها لم يكن لينزل عينه من على وجهها البريء المشع بالحيوية، فظل يتتبعها إلى أن عرف أنها مصرية الجنسية جاءت للسياحة إلى أن دبرت الصدفة لهم لقاءا أخر في إحدى الفنادق التي كان يملكها فأرسل لها من يختلق معها مشكلة هناك وبالطبع ظهر لها "انطوان" وأنهى المشكلة لصالحها معتذرا لها ومن حينها لم يكن ليتركها ثانية إلى أن تعلقت هي به بشكل جنوني رغم اختلاف دياناتهم، لكن "انطوان" أراد أن تتطور علاقتهم أكثر لما هو مستحيل في ديانة "سارة" دون زواج، حاول معها عدة مرات لكن لم تكن لتوافق فعادت للقاهرة، ولم يفت أسبوع على تركها إيطاليا حتى وجدته أمامها يطلب منها الزواج، وكان الرفض هو ردها لعدم تشابه الديانات، لكن وجدته يصرح لها عن رغبته في دخول الإسلام منذ فترة و يريدها أن تساعده في ذلك،سارت الأمور بشكل طبيعي وأعلن "انطوان" إسلامه لكن والد "سارة" اعترض كليا ولم يبارك الزواج، فعاد "انطوان" يضخ السم من جديد في أذنها بكلمات كسيرة يخبرها أنه قد تنازل كثيرا لأجلها وتغير وقد حان دورها كي تتنازل، فتمردت "سارة" على والدها وتركت مصر، وبل تركت حياتها تماما إلى صدمت عندما عرفت ماهية عمله، لكن "سارة" كان لديها أمل في أنه ستغير يوما ما، فما من مستحيل بعدما اعتنق الإسلام ،وقد طرقت الفرصة بابها عندما عرفت بحملها فأخبرته وهددته بهجرها له إذا لم يتغير، ولم يكن من "انطوان" سوى الإمتثال ظاهريا لكلامها بعدما عرف بحملها إلى أن أصبحت "سارة" في شهور حملها الأخيرة وقتها "انطوان" سافر بحجة أن لديه عمل في شركاته بروسيا، إلا أن "سارة" فاجائها المخاض مبكرا، و وضعت طفلها وكانت صدمتها الأكبر عندما أخبرتها الممرضة صاحبة الجنسية المصرية عن موت طفلها بعدما وضعته بساعات بسبب تشوه في القلب، فاشفقت عليها الممرضة بعدما أصرت على معرفة حكاية "سارة" فأخبرتها أن لديها حل سوف سيساعدها على إرجاع زوجها،وقد أحضرت لها طفلة حديثة المولد وأخبرتها بأن هذا هو الحل كي تنقذ حبها لزوجها، لم تفكر "سارة" كثيرا كي تنفذ مخططها ببراعة، وقد انطلت الحيلة على "انطوان"، ومع السنين بدأت تشعر بالذنب تجاه الطفلة فحاولت تعويضها بشتى الطرق، لكن الخطر زاد، وأعداء " انطوان" يريدون انتقاما يجعله كالخرقة البالية، فدبر حادثة ينهي بها حياة زوجته وابنته أمام الناس، ومن ثم تبعها اختفاء دام ل6 سنوات في مصر إلى أن ظهرت "سيلا" بهوية جديدة أمام الناس وهي "سيلا إبراهيم يوسف" وذلك كان الإسم الذي اختاره "انطوان" بعد إعلانه الإسلام الذي كان يجهله أعدائه، لذا لم يتعرف عليها أحد رغم وجودها طوال حياتها في قصر "انطوان"، وظهرت "سارة" بعدها بشخصية (السكرتارية) التي تقطن معه لكثرة أعماله هي وابنتها بعدما تلاعبت بشكلها تماما، لكن الكذبة لم تعد تجدي نفعا بتاتا، فسيلا تكبر يوما بعد يوم، ولن يقدروا أن يمنعوا حقيقة اسمها عنها خصوصا بعدما لاحظت اختلاف اسمها، واعتناقها ديانة الإسلام في الأوراق، فقرروا أن يرسلوها لروسيا كي تختبيء عن نظر من كان يتربص بانطوان ألا وهو "كريس هاربرز".
" كريس" قد لقى حتفه من مجهول، ترى من المسؤول؟
وما الذي يهم فانتقامها الأن لمن؟
ويا ترى هل كان لها الحق سابقا في الإنتقام من أعداء من كانت تظن أنه والدها؟ السؤال الأهم إلى من تنتمي " سيلا"؟

السكون الذي يسبق العاصفة( نصفي الأخر ) الجزء الثالث والأخير Where stories live. Discover now