الفصل الخامس

70.5K 1.4K 45
                                    

برقت عيناها التي اشاحتها عنه بارتباك فور أن دلف لداخل المصعد معها، تود الدخول في المراَة المتصلقة في الجدار، كي تبتعد بقدر الإمكان عنه في هذه المساحة الضيقة التى جمعتها به، تشعر بانسحاب الهواء من حولها وقد شلت المفاجأة تفكيرها.

تذكر جيدًا انها كانت تقف وحدها في انتظار المصعد، اذن متى اتى لينحشر معها في هذا الخاص الموظفين ويترك المصعد الخاص به كرئيس الشركة ، قلبها يضرب بصدرها كالطبول بين أضلعلها، تنظر للوحة الإلكترونية وكأن حياتها تعلقت بالأرقام الحمراء.
- طالعة الدور الكام .
- هااا
تفوهت بها اليه بعدم تركيز، اعتلت ابتسامة ساخرة بزواية فمه وهو يردد:
- بسألك انتِ طالعة الدور الكام، إيه مافيش تركيز؟
ازدردت ريقها وهي تحاول ان تبلتع توترها في وجود هذا الرجل المخيف، رغم تعجبها من السؤال؛ جاهدت حتى يخرج صوتها ببعض الثبات:
- اا الملفات اللي في إيدى دي هاطلعها للإدارة فوق في الدور السادس .
- طب وخايفة وانتِ بتكلميني ليه؟ حد قالك اني هاخطفك مثلًا؟
يسألها بتسلية وعيناه المتفحصة تلاحق كل تفصيلة بوجهها دون حياء، تقسم بداخلها أن هذا الرجل سيقتلها رعبًا بأفعاله معها، وبكذبة مفضوحة؛ نفت برأسها تنكر :
- لااا حضرتك انا مش خايفة
- بجد!
تفوه بها وانفرج ثغره بابتسامة شيطانية حينما تحركت اقدامه نحوها بخطوة واحدة جعلتها ترتد للخلف شاهقة برعب، دوت ضحكة رجولية صاخبة منه في قلب المساحة الضيقة، مستمتعًا برد فعلها والرعب الذي ارتسم على ملامح وجهها، ثم من دون كلمة أخرى التف ليخرج مغادرًا المصعد، حينما انفتح الباب الإليكتروني على الطابق الذي يقصده، تسمرت زهرة محلها فاغرة فاهها بأعين متوسعة بجزع ، تراقب خروجه بهيبته المعتادة وكأن شيئًا لم يكن، حتى انغلق الباب اتوماتيكيًا حاجبًا رؤيته أمامها، مصدومة مذهولة لاتجد تفسيرًا لفعل هذا الرجل معها؟ هل هذه كانت مشاكسة لموظفة عادية تعمل بشركته؟ كرئيس  يتمتع بروح الفكاهة وليس انه رجل كشري ومقلوب الحاجبين دائمًا كما تصفه كاميليا، ام يكون متعاطيًا لإحدى المكيفات ولا يعي ما يفعل؛ كأباها الذي يصبح يوميًا متقلب الأحوال حسب الصنف الذي يتجرعه؟!
رفعت هاتفها الذي بيدها لتضغط على الرقم الذي تعرفه جيدًا وتتصل، أتتها الإجابة على الفور.
- الوو........ ايو يازهرة عايزة ايه ياقلبي ؟
.............................
- نعم بتقولي ايه؟
تفوهت بها كاميليا وهي تحدث زهرة في الهاتف والتي اردفت.
- زي مابقولك كدة والله ياكاميليا، لاقدمت حرف ولا اَخرت حرف، دا فكرني بالعيال الصيع في حارتنا لما يحبوا يغلسوا على بنت معدية في الشارع.
شهقت كاميليا التي انتزعت النظارة من فوق عيناها وهي تضحك بدهشة اثارت استياء زهرة التي صاحت عليها في الهاتف غاضبة :
- انتِ بتضحكي على كلامي ياكاميليا، هو انتِ سمعاني بقولك نكتة مثلًا؟
حاولت كاميليا كبت ضحكها وهي ترد بأسف:
- انا أسفة يازهرة، بس التشبيه بتاعك ضحكني من قلبي فعلًا وانا بتخيل جاسر الريان بجلالة قدره يعمل زي ماقولتي كدة، دي حاجة كدة ولا الخيال، بس هو بيعمل معاكي كدة ليه؟
وصلها الصوت الساخط:
- هو انتِ بتسأليني ياكاميليا؟ اشحال ان ما كنت انا بنفسي سألاكي السؤال ده امبارح، دا راجل غريب والله .
مطت كاميليا بشفتيها واهتزت كتفيها لا تستوعب فعل ماتذكره زهرة عن جاسر الريان وهي بنفس الوقت لا تكذبها، انتفضت في جلستها بعد سماعها تردد اسمه من قريب لتنهي المكالمة على عجالة:
- زهرة اقفلي دلوقتي وهابقى أكلمك بعدين انا، ماشي.
انتصبت واقفة حينما رأته على الفور امامها اَتيًا وخلفه كارم مدير أعماله ويده اليمنى في مجموعة شركاته
اردفت اليه بصوت مسموع :
- صباخ الخير ياجاسر بيه.
أومأ برأسه لها كتحية بوجهه المتجهم كالعادة راقبته حتى دلف لداخل المكتب واغلق كارم الباب، فتمتمت بصوت خيفض تتسائل مع لنفسها:
- ايوة كدة صح، هو دا جاسر الريان؛ امال اللي بتتكلم عليه زهرة دا يبقى مين ؟
.... ........................

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن