الفصل الثالث والستون

41.5K 1.2K 57
                                    

تبني فكرتك السيئة عن شئ خفي لا تعلمه، ويكبر بداخلك الحقد نحوه، تُحمله ذنب كل ما يحدث معك ثم تنقلب فكرتك هذه مئة وثمانون درجة مع رؤية الحقيقة الكاملة أمامك.
كانت هذه هي اكبر المفاجاَت التي لم يكن يتوقعها على الأطلاق، صراحة المرأة وهي تردف بكل أخطائها والنتائج التي وصلت إليها بعد ذلك، كان كسقوط الصاعقة فوق راسهِ، إصفر وجهه وتعرق جبينه، وعينيه اصبحت تتهرب منها غير قادرة على المواجهة، لقد كان قاسيًا في الحكم عليها، وشديد العنف في ردوده على الهاتف معها .
علمت المرأة ما برأسه، لذلك خاطبته بمشاكسة حتى تخرجه من جموده:
-إيه يا دنجوان مكسوف ماتبصيلي ولا إيه؟ دا باين اللي اتحكالي عنك كان كله كلام وخلاص.
استرعت انتباهه بكلماتها، مما جعله يسألها بفضول وهي كانت تجاوبه بصراحة:
-كانت بتحكيلك عني؟
- كتير .
- افهم من كدة انها حبتني زي ما حبتها؟
-ويمكن أكتر كمان.
عقب إجابتها الأخيرة صاح فاقدًا السيطرة:
-ولما هو كدة، عذبتني وعذبت نفسها ليه؟ مرضيتش تديني فرصة عشان اغير من نفسي وانا كنت بترجاها وهاين عليا ابوس على إيدها، عملت فيا وفي نفسها كدة ليه؟
ردت المرأة تُجيبه بغموض:
- انت لسة برضوا ما فهمتهاش ياطارق، كاميليا لما اختارت ما بينكم، مكنش بتدور ع اللي تحبه ولا يحبها،  بنتي كانت اختارت على مبدأ اللي ما يكسرهاش لو اتخلى عنها!
توقفت تخرج تنهيدة طويلة ثم تابعت بأسى:
- عشان اجيبك من الاَخر، كاميليا ورثت عني كل حاجة عني في الصفات الوراثية، والدكاترة قالولها كدة بصريح العبارة، ان احتمال كبير قوي يجيلها نفس مرضي، يعني هتفقد انوثتها وجمالها حتى بالعلاج او ربنا شفى عنها.
هتف بانفعال نحوها:
-بس انا مكنتش هتخلى عنها، ولا كنت هسيبها....
قاطعته بقولها:
-خلي بالك الأختبار صعب يا طارق، وهي مرديتش تحطك في الإمتحان ده، عشان بتحبك وعشان شافت اللي حصل لوالدتها بعد ما اتخلى عنها جوزها اللي كانت بتحبه.
تسمر قليلًا امام نظرة الأنكسار بعيني نبيلة، فعلم على الفور، ان ما تخشاه كاميليا، كان اكبر من طاقتها، ولذلك لم يدع لنفسه التردد فى قوله القوي لها:
- مش صعب، مع واحدة زي كاميليا ما فيش اي شئ صعب، كاميليا تستاهل إن اضحي بعمري كله عشانها، بس كمان انا اعرف ان المرض دا ممكن يتلحق لو كان في أوله.
-ماهي بتداوم على طول بالفحوصات والتحاليل أول بأول، لكن برضوا مفيش حاجة مضمونة.
قالتها المراة، ليهتف بحماس نبع من داخله وبشدة:
- حتى لو مش مضمونة، والقدر حكم بكدا، انا برضوا متقبل وهفضل معاها في كل مرحلة تمر بيها، المهم هي فين دلوقتي انا عايز اشوفها، انا عايز كاميليا.
اشرق وجه نبيلة رغم بهتانه لتُجيبه مبتسمة:
-طب اهدى طيب وفكر شوية، اللي انا قولته مش سهل.
صمت قليلًا أمامها بتفكير ثم قال بنبرة أهدى من السابق:
- في الموضوع ده مفيش تفكير انا قررت وخلاص، لكن اللي شاغلني دلوقت بس هو مشكلة جوازها، وبصراحة عايزة اعرف هي ليه هربت اساسًا وفي يوم الفرح؟
-الكلام دا تفهمه منها هي ذات نفسها، انا المهم دلوقتي هو اني حطيتك في الصورة ولك حرية الإختيار، بنتي موضوعها مش سهل حسب اللي عرفتوا عن اللي اسمه كارم ده.
أومأ قليلًا بتفهم قبل يستدرك ليسألها بانتباه:
- افهم من كدة اني هشوفها دلوقتى، طب هي فين اندهيلها حالًا.
قاطعته بضحكتها قائلة:
-اتقل شوية يا بابا اتقل، كاميليا مش هنا، بس انا هديك عنوانها.

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن