الفصل الواحد والعشرون

63.5K 1.5K 61
                                    

كطفلة صغيرة التقت بأبيها بعد غيابه عنها منذ سنوات، تشبثت به وهو يحتضنها بقوة فاقدة النطق ، تخشى ألا حقيقة أو يكون أنه وهم من محض خيالها، مازالت لا تصدق ، رغم رهانها من داخلها على عودته، رافعًا أقدامها عن الأرض ، وهو يقهقه بصوت عالي. يناغشها بمرح :
- كبرتي يازهرة وهاتتجوزي قبلي كمان يابت؟
- انا مش مصدقة انك جيت والله ما مصدقة.
تفوهت بها بتقطع قبل أن ينزلها بتمهل لتطئ أقدامها على الأرض ومازال يقبل فوق رأسها وفوق وجنتيها وقد كوب وجهها بين كفيه يتأمل جمالها بأعين ملتمعة، مرددًا بمشاعر تفيض بالفرح :
- وانا اقدر اسيبك ياعيون خالك في يوم زي دا ؟ حتى لو كنا مخاصمين بعض أو تفصل مابينا بلاد.
ردت هي بلهفة وهي تقيم ما يرتديه من حلة رائعة باللون الرمادي على جسده الطويل وبشرة وجهه التي ازداد سمارها مع سفره:
- بس انت لحقت امتى تيجي ؟ لا ولابس بدلة كمان ولا اكنك عريس ياخالي .
رد خالد بتفكه وهو يدفع بكفه على رأسها من الخلف بخفة .
- عريس مين يابنت ال...... ما عملتيها انتِ وسبقتيني.

مزحته جعلتها تفقد رزانتها الدائمة فصدرت ضحكتها المرحة على دعابته بصوت مقهقهة، قبل أن تفاجأ بمن يجذبها بحزم للخلف وصوته الأجش يقول :
- حمد الله عالسلامة ياعم خالد .
رد خالد بضحكة مجلجلة وهو يعيد زهرة بحزم هو الاَخر الى تحت ذراعه :
- الله يسلمك ياعريس ، اخبارك انت إيه؟
ارتفع حاجبًا خطرًا من جاسر الذي تحامل على نفسه بصعوبة وهو يرى هذا الرجل وهو يحتضن عروسه باشتياق ويقبلها على وجنتيها وجبهتها، والأدهى من ذلك هو تشبثها هي به ، بفرحة أنارت وجهها واذهبت عنها التوتر ، بالإضافة الى ضحكاتها معه وكأنها طفلة في السادسة وليست عروس بجوار عريسها الذي تركته غير مبالية ، تدخل فجأة صوت نسائي :
- ايه ياجماعة ، مش تعرفوني بالعريس ولا انتوا هاتسيبوني اليوم كله واقفة كدة على جمب.
التفت جاسر نحو صاحبة الصوت ليجد زهرة ترحب بلهفة بالمرأة الواقفة بجوار كاميليا والتي قامت بمهمة التعريف :
- جاسر بيه، دي تبقى نوال خطيبة خالد .
رحب جاسر بالمرأة الجملية ذات الملابس المحتشمة لكن بأناقة ، رغم غيظه من خطيبها :
- أهلًا بيكِ حضرتك ، نورتي .
ردت نوال بابتسامة فصدح صوت زهرة بتساؤل :
- دا على كدة بقى انتٍ كنتِ عارفة عشان كدة أتأخرتي في مجيتك ، والخاينة دي قاعدة اليوم كله معايا وهي راسمة ومشتركة معاكم في الخطة .
ردت كاميليا ضاحكة :
- طب يعني كنتِ عايزاني اعمل ايه بس ؟ وخالك منبه ومشدد ان لساني ماينطق بحرف واحد حتى؟
رد خالد وهو يميل بوجهه نحو زهرة التي مازالت تحت ذراعه:
- كنت عايز اعملهالك مفاجأة ، ايه رأيك بقى ؟ عجبتك ياحبي الأول والاَخير انتِ .
ختم جملته بقبلة على جبهتها جعلت الدماء تغلي بأوردة الاَخر وهو يشاهد ابتسامتها التي زينت وجهها الجميل وهي تنظر اليه بامتنان، ليتفاجأ برد نوال البارد من وجهة نظره.
- اَاه جينا بقى لشغل الضراير، انا قولت ماجيش الفرح دا من أساسه ياعم.
ارتفعت شفة مستنكرة من جاسر وهو يتابع ضحكات الثلاثة ومزاحهم، حتى خرج هو عن سيطرته فجذبها من يدها اليه بحركة سريعة قائلًا :
- طب ياجماعة كفاية عطلة بقى المأذون والشهود مستنين بقالهم فترة ، حصلنا ياخالد ياللا .
قال الاَخيرة وهو يهرول بها مبتعدًا من أمام خالد ، الذي عض على شفته بابتسامة مستترة قبل أن يحسم أمره في الذهاب خلفهم ، كي يذهب ألى والدته ويكون وكيلها في العقد.
.................................

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن