الفصل الرابع عشر

60.2K 1.4K 59
                                    

تقود سيارتها وصوت ضحكاتها التي لا تتوقف تكاد تصل للمارة في الشارع ، حتى انها كانت تضرب بكفيها على عجلة القيادة من فرط مرحها ، مما اضطر زهرة التي كانت تشاركها الضحك للكزها بمرفقها على خصرها حتى تنتبه للطريق :
- يابت بس الله يخربيتك هاتودينا في داهية .
- مش قادرة والنعمة ماقادرة ههههههه.
لكزتها مرة أخرى قبل ان تيأس منها وتوجه نظراتها نحو النافذة ، وبعد أن هدأت كاميليا قليلًا خاطبتها :
- ماتزعليش مني لو كنت غلست عليكِ ، بس بجد انا مش قادرة، جيبتي منين الجرأة دي يازهرة ؟ ومع مين ؟ مع جاسر الريان ؟
أجابتها زهرة بابتسامة شقية:
- والله مااعرف اهي جات كدة بقى ، بس كمان هو خنقني بإصراره انه يعرف رايحة فين ؟ وانا بقى دبيت الجملة وانا بايعة بصراحة، يطردني بقى يقعدني ، براحته .
ردت كاميليا وهي تضحك بمكر :
- بعد اللي قولتيه دا ياحبي ، لايمكن اتوقع انه يطردك، بقى جاسر الريان ياناس، يسمح لموظفته انه تتحداه كدة، دي حاجة ولا في الخيال .
خبئت ابتسامة زهرة وهي تسألها بارتياب:
- تقصدي ايه ياكاميليا بكلامك ده ؟
أجابتها كاميليا بابتسامة :
- بصراحة مش عارفة، بس انا اسمع يعني عن المثل اللي بيقول ، حبيبك يبلعلك الزلط .
- حب ايه وكلام فارغ ايه انتِ كمان؟ قفلي عالسيرة دي ياكاميليا قفلي .
قالت زهرة وقد تغير لون وجهها وشحب، ردت كاميليا التي انتبهت لها :
- خلاص ياستي هاقفل ولا تزعلي .
زهرة بتردد :
- مش حكاية ازعل، بس انا مصدقت اني خلصت من الموضوع ده ، مش عايزة افتح فيه تاني .
ابتعلت كاميليا كلماتها حتى لاتزعجها، وفضلت تغير مجرى الحديث :
- طب ايه ؟ احنا وصلنا المنطقة اللي انتِ قولتي عليها ، مكتب الراجل السمسار دا فين بقى؟
أجابتها زهرة وهي تشدد بذراعيها على حقيبة النقودة الموضوعة بحجرها:
- اخر الشارع ياكاميليا ، هتلاقي يافطة كبيرة اوي مكتوب عليها باللون الأخضر اسم السمسار ماهر بركات.
قادت قليلًا كاميليا حتى وصلت للعنوان المذكور، فوقفت بسيارتها امام البناية التي معلق عليها اليافطة ، ترجلت هي وزهرة التي كانت تحتضن في حقيبة النقود بتخوف ، حينما دلفن الى داخل المكتب وجدن الساعي فقط أمامهم ينظف أرضية المكتب، سألته زهرة :
- السلام عليكم، استاذ ماهر بركات موجود؟
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، لا حضرتك،  ماهر بيه خرج مع زبون من شوية .
كان رد الساعي ، سألته زهرة بتوجس :
- طب وهايرجع امتى، انا عايزاه ضروري .
- والله حضرتك معرفش هايرجع امتي ، بس هو مدام اتأخر كدة يبقى أكيد بيفرج الزبون على اماكن تانية وممكن يستنى مايرجعش المكتب تاني النهاردة .
- يعني مافيش فرصة انه يرجع النهاردة؟
سألته كاميليا فكان رد الرجل بضحك :
- والله حضرتك لو عايزة انتِ والاَنسة تستنوا براحتكم ، بس انا مضمنش بقى انه يجي مدام اتأخر كدة.
تبادلت الفتاتين النظرات بإحباط ، قبل أن يغادرن بيأس .
في طريقهم للعودة للمنزل خاطبتها كاميليا :
- خلاص يازهرة ، النهاردة بكرة واحدة يعني مفرقتش .
ردت زهرة بحزن :
- لأ فرقت ، عشان انا كنت عايزة افش غلي دلوقتِ وارميهم في وشه ابن الورمة ده  ، بعد ما هددني اَخر مرة انه هايفسخ عقد الشقة لو اتأخرنا أكتر من كدة .
عادت كاميليا للضحك مرة أخرى مرددة لها :
- بقيتي شرسة أوي انتِ يازهرة ومعندكيش صبر ، طب ما احنا نيجي بكرة ان شاء وبرضوا نرميهم في وشه ، زعلانة ليه بقى ؟
- زعلانة عشان هاستغلك واتعبك معايا تاني ، ماهو انا بصراحة ماينفعش انزل بالشيلة دي في الموصلات ، الواحد مايضمنش .
قالت زهرة ببعض الحرج ، وردت كاميليا بترحاب :
- ياستي استغلي براحتك وانا موافقة، هو انا جايبة العربية وبدفع اقساطها اللي بالشئ الفلاني دي كل شهر ليه بقى ؟ عشان ابات فيها مثلًا؟
- طب والمصيبة اللي على رجلي دي هاعمل فيها إيه من هنا لبكرة وانا عندي شغل بكرة الصبح .
سألتها زهرة بحيرة، أجابتها كاميليا بلهجة مطمئنة :
- يابنتي سيبيها في البيت وانا هعدي عليكي بعربيتي أخدك من الشغل على بيتكم ، تسحبي الشنطة وبعدها نروح عالسمسار على طول نخلص .
تنهدت زهرة قائلة بامتنان :
- ريحتي قلبي بكلامك ده، ربنا يريح قلبك ياكوكو وتتجوزي اللي انتِ بتحلمي بيه؟
رددت خلفها كاميليا وهي تتنهد بابتسامة حالمة :
- يارب يااختي يارب
........................

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن