الجزء السابع : زواج اجباري

188 13 2
                                    

أنانية أم
________°°••°°________

في غرفته كان إياد يروح و يجيء و الغضب يتملكه ... لقد أجبرته أمه على كسر عهده مع نفسه ... و لم يعد يدر ما يمكنه فعله ...
أما سماح فكانت تبحث عن بيت أهل شهد لتحدثهم في الأمر لعلهم يقنعونها بالموافقة ... و بعد بحث و سؤال اكتشفت سماح أن شهد يتيمة الأبوين و أنها تعيش مع عمها و زوجته و أبناءهما و لقد ذكر الكثيرون أن زوجة عمها كانت تكره وجودها و أن شهد كانت تحاول الصمود بينهم بتقديم نصف راتبها لهم ... لقد جعلت هذه الحقيقة من سماح تتأمل أكثر في موافقة شهد ... و من أجل هدفها قررت أن تكون أنانية ...  و لم تنتظر كثيرا فقد تواصلت مباشرة مع زوجة عم شهد ... و هناك قدمت سماح لها مبلغا كبيرا من المال مقابل أن تجبر شهد على الموافقة ... لقد أصبحت سماح متأكدة أنها لن تجد فتاة مناسبة مثل شهد ...فمن عاشت حرمان الأهل تستطيع التعامل مع يتيم ...و من صبرت على نفور الجميع تستطيع الصبر على نفور إياد ... و من حافظت على إيمانها و ابتسامتها رغم تلك المعاناة تستطيع أن تزرعهما في نفس إياد من جديد ...
و هكذا وجدت شهد نفسها مضطرة إلى الموافقة...
و لم تدر متى بدأت تجهيزات الزفاف ...
و لا متى وصلت لذلك اليوم ... حدث ذلك خلال أسبوعين فقط ...لم تلتقي بإياد و لو مرة حينها ... و لم يستطع أحد ممن حولها استيعاب ما حدث ... حتى مديرة الروضة و زميلاتها كن دائما يسألنها عما حدث ...فكانت تخفض رأسها و تجيب " أنا حقا لا أعلم " ... و لم تستطع مواصلة شيء في الحياة بسبب ذلك القرار ..فتركت حتى العمل تجنبا لمزيد من المشاكل ... حل يوم الزفاف
فكان عرسا كئيبا ... لم يخفي إياد غضبه رغم قدرة شهد على إخفاء حزنها ...و لم يستطع أحد تجاهل فرحة زيد في ذلك اليوم ... تأخر الوقت و نام زيد فحملته جدته إلى غرفته ... و من بعدها دخل كل من إياد و شهد إلى المنزل ... جلست على أريكة في غرفة الجلوس ... نظرت إلى نفسها بفستانها الذي لم تستطع رؤيته قبل ذلك ... لم تستطع أن تتدخل في شيء مما حدث ... حتى هذا الفستان كان من اختيار سماح ... قدمت سماح لتراها على تلك الحال ...
- أردت أن أختار فستانا يريحك ...ارجوا ان اكون احسنت الاختيار ...
كان فستانا ابيضا منسدلا و مزينا و حجابا يوضع ليخفي ما يمكن اخفاءه من حنايا الصدر و الكتفين ...
لم تجبها شهد ... و إنما جلست و جعلت تنظر إلى القاع هائمة في أفكارها ... فجلست سماح بجانبها و واصلت حديثها : أعلم أنني إمرأة أنانية ... و لكن اتمنى ان تتفهمي ألمي و ما اعانيه ...
و لكن شهد لم تجب حتى هذه المرة ...
وقفت سماح و همت بالمغادرة و قبل ذلك قالت لشهد: سيكون من الصعب التعامل مع إياد خلال هذه الفترة ... و لكن أنا واثقة أنه لن يضرك ... لا تقلقي ...
ثم غاردت و تركتها ...
دخل إياد مسرعا و لم يلتفت حتى حيث كانت تجلس شهد ... اتجه مباشرة نحو غرفته و لم تسمع بعدها سوى صوت المفتاح يدور ...
نزلت دمعة من عيني شهد مسحتها و قامت من مكانها ...
دخلت إلى غرفة كانت تظل فيها سماح كلما جاءت للمنزل ... بدلت ثيابها و اتجهت نحو الغرفة الثانية حيث ينام زيد ... تمددت بجانبه و احتضنته ثم سمحت لدموعها الصامتة بالعبور دون اعتراض منها إلى أن غلبها النعاس فنامت ...
ثم صدح في الأجواء صوت الآذان ليخترق سمع شهد النائمة ...فتنهض من مكانها لتؤدي الصلاة ...
خرجت على مهل محاولة عدم إصدار أي صوت و قبل ان تصل إلى الحمام لاحظت شهد أن النور كان يشتغل ثم انطفأ فجأة و رأت بعدها إياد يخرج و على وجهه قطرات من الماء أدركت أنه يتوضأ للصلاة و علمت عندها أن سماح لم تكن تكذب عليها عندما اخبرتها عنه ... قالت في نفسها : كيف يمكن لشخص يدرك قيمة علاقته مع الله ...ان يكون قاسيا مع الناس؟" ...
انتهت شهد من الصلاة و جلست تتلو من القرآن إلى أن حل الصبح ...
اخذت من حقيبتها التي لا تزال مركونة في الغرفة ثيابا جديدة عبارة عن فستان ابيض مزين بورود زهرية و أسدلت شعرها البني الطويل  ثم اتجهت نحو المطبخ و جهزت فطورا لزيد و فطورا لإياد ...
كان لا يزال نائما حينما أحس بيد تداعب خده ... فتح عينيه الصغيرين فلمح وجه شهد تطالعه بمحبة ... ابتسم في سعادة و استيقظ من نومه نشيطا و مرحا ...
- صباح الخير يا آنستي ...
- صباح النور صغيري ...هيا استيقظ سنتناول الافطار معا ...
هلل زيد من السعادة و قام من مكانه فأخذته و غسلت له اطرافه ثم ذهبا معا نحو المطبخ ...
كانا يأكلان الطعام في سرور ... و خاصة زيد كان سعيدا بكوب الشوكولا و ساندوتش الجبن اللذان يأكلهما لأول مرة ...
- آنسة شهد
- اممم ..
- أنت جميلة جدا ...
ضحكت شهد من صراحته : حبيبي ... و أنت أوسم طفل رأته عيناي ...
سكت قليلا ثم قال مترددا : آنستي ...
- نعم ...
- هل يمكنني ...
-ماذا ؟!!
لكنه بدا مترددا كثيرا ...
- تكلم يا صغيري ...اطلب ما شئت ...
- هل يمكنني أن أناديك ماما ...
تفاجأت شهد من طلبه كثيرا ... ففكرت في حاله و لم تستطع إلا أن تجيبه و قد وضعت كفها على وجهه في رفق : بالطبع يمكنك ...
فرح زيد بذلك كثيرا و ردد كثيرا كلمة " ماما " ..

أضيئي حياتي( مكتملة)Where stories live. Discover now