الجزء الخامس عشر: لوم و عتاب

180 11 0
                                    


____🎀___
عاد إياد من العمل ... اتجه مباشرة نحو غرفته ... لحقت به شهد فوجدته مستلق على الأريكة يضع يده على رأسه و يبدو متعبا ...سألته : هل أنت بخير ...
- أجل
- لا تبدو كذلك ... ما بك؟!
- رأسي يؤلمني ...

خرجت شهد بسرعة و احضرت له حبة تخفف الألم و كأس ماء ... أخذ الحبة و نام ...
عندما رأته شهد نائما ...لم تنتبه على نفسها و ظلت شاردة فيه ... تنظر إليه بعمق و تبتسم بسعادة ...  لم تكن تفهم بعد ما كانت تمر به ... كانت تدرك جيدا أنه لم يصبح مقربا منها بشكل كاف و لكنها كانت مصرة أن تكون هي قريبة حتى لو كان بعيدا ... لم يكن هناك ما يمنعها طالما أنها لم تكن ترتكب ذنبا ... و لذلك قررت أن تتمسك به و تحاول إخراجه من حزنه ...

لازالت على تلك الحال سابحة في أفكارها و إذا به يتململ في مكانه و العرق يتصبب من جبينه ... ثم نهض من مكانه فزعا و يصرخ ... ارتمت أمامه قلقة ... و سألته في خوف : ما الأمر ... هل أنت بخير ...

كان يلتقط أنفاسه بصعوبة فحملت كأس الماء و قدمته له ... شرب منه قليلا و تنفس الصعداء و لم تزل علامات الفزع تملأ تقاسيمه ... فسألته مرة أخرى : أخبرني ما الأمر ...لا تخفني ارجوك ...

نظر إليها بعينين متعبتين و سألها بنبرة حزينة : هل تسكن الأرواح في عقول من يكرهونهم ...

أمسكت يده و شدت عليها و نظرت له نافية كل ذلك : هذا غير صحيح ... أنت ترى الأشياء التي تفكر بها ... هم الآن عند الله ...لعلهم سعداء هناك ....و لعلهم ينتظرون منك صدقة او دعوة تساعدهم ...

اشاح بوجهه في حزن أشد : هل ينتظرون خيرا من قاتلهم ...
- إياد توقف عن هذه الأفكار أرجوك ... تعلم جيدا أن هذا غير صحيح ...صدقني حتى لو لم يحدث شيء كانوا سيموتون في ذلك اليوم ...لأن ذلك قدرهم ... و ذلك عمرهم انتهى لن يعيشوا اكثر من ذلك ...

- لماذا كان مقدرا علي أن أكون أنا السبب ...
- أنت لست السبب ...و لكن هذا اختبار لك لتكون قويا و تواجه نفسك ... عليك أن تهزم أفكارك هذه ...فهي خاطئة بالأساس ...
- لا أستطيع ...لقد حاولت كثيرا و لم أستطع ...
- عندما تركز على هدفك ستصل ...ركز على النسيان و ليس على التذكر....ركز على الوجه الإيجابي ... و تذكر دائما أننا كلنا راحلون ...فقط اسعى لتلتقي بهم في الجنة و ستعتذر منهم و سيسامحونك ...صدقني كن واثقا بذلك ...

- كيف سيسامحوني ...
- أنت عدلت عن خطأك قبل الحادث ...و أضف إليها الصدقات و الدعاء ...و تأكد أن هذا كاف لتحل المشاكل بينكم ...

كانت شهد تتحدث و الثقة تظهر في وجهها جليا ... فكان إياد ينظر إليها بتعمن ...ظل ينظر إليها في صمت حتى بعد أن أنهت حديثها ... كأنه يبحث عن ما يعزز أمله ... كأنه يستنبط من إيمانها ... و كأنه يمتص من قسماتها شيئا من حيويتها لنفسه

... تلك النظرات جعلت شهد تتوتر و تخجل و تتلكأ ...فقطعت تلك السلسلة من الحوار الصامت بنحنحة و التفتت للجهة المقابلة تلملم شتات قلبها المرتبك ... و قالت بصوت متقطع : ارتح قليلا . .. ولا تنسى أن تأتي لنتناول العشاء ...

في المساء كانت سماح تروح و تجيء في فزع ... قدمت شهد في توتر: ما الأمر يا خالتي ؟!
كانت سماح ترتعش من الخوف : زوجي يا شهد ... صحته تدهورت و هو الآن في المشفى ..ولا أعرف كيف حاله ...

قالت ذلك و قد استدركت نفسها : ماذا انتظر ...علي أن أعود لأطمئن عليه ...
و غادرت بسرعة دون انتظار شيء ...
في حين أسرعت شهد إلى إياد و أخبرته ما حدث ...

في البداية بدا على إياد بعض الصدمة ...لكنه سرعان ما تحول إلى اللامبالاة .. و قال : لماذا تخبريني بهذا ...
تفاجأت شهد من هذا و ردت بانفعال : ماذا تقصد ؟! ...إنه والدك ...يجب أن تسانده ...
فأجابها و قد بدا الحزن في صوته: ليس لدي والد ...لقد خسرته منذ ثلاث سنوات ...

اقتربت منه و قالت في حزم: لم تخسره ...مادام لا يزال حيا أنت لم تخسره ..
-انت لا تعلمين شيئا ..
دمعت عيناها و هي تقول:
.بلا أنا أعلم اكثر من أي شخص آخر ...فأنا من جرب الخسارة . وأنت لن تشعر بالخسارة الحقيقية إلا عندما يفوت الأوان ... قد تكون هذه فرصتك الأخيرة ... ستصلح الكثير بهذه الفرصة ...و لكنك قد تزيد الحمل عليك لو فوت هذه الفرصة ...

خفض إياد رأسه و هو يقول مترددا : أنا أعلم أنه سيرفضني ...
- عليك أن تجرب في كل الأحوال ... حتى لو رفضك عليك أن تتحمل و تحاول مرة أخرى ... لا تتوقف الحياة على فشل واحد ...

بدا إياد مقتنعا بكلامها ... فصعد سيارته أرادت شهد الذهاب معه ...لكنه رفض و اخبرها أن عليها أن تبقى مع زيد لتعتني به ...  و الواقع أنه كان يخشى لو رأى والده زيد أن يأخذه منه ...

ظلت شهد في المنزل تنتظر على أحر من الجمر ... دعت كثيرا حتى يوفقه الله ليصالح والده و أن يكون بخير ...

مر الوقت ببطء شديد ... حل الصبح و لم تنل شهد شيئا.من النوم من شدة قلقها ... حتى عندما اتصلت باياد لم يجبها... ظل الوضع على ذلك الحال ... و عند الظهيرة فتح الباب ...

قفزت شهد من مكانها و اتجهت نحوه ...كانت تسأله في لهفة : كيف حال والدك؟!! ما الذي حدث ؟! هل تصالحتما ؟!! ...
لكنه تجاهلها و دخل غرفته ...فلم تستطع شهد منع رغبتها في معرفة ما حدث و لذلك تبعته ... و كانت تلح عليه لتعرف ما حدث ..  لم تكن قسمات إياد تبدي شيئا مما يشعر به ...

نظرات باردة لا تحمل أي معنى .  و لكن إصرار شهد جعله ينزعج بشدة ... فصرخ فيها قائلا : أخرجي من هنا ...

اندهشت شهد من نبرته الغاضبة و شعرت من خلال ذلك أن هناك أمرا سيئا قد حصل  فسألته بحزن : ما الذي حدث ؟!

اقترب منها و أمسك ذراعها بقوة كما يفعل دائما ... و جعل أنفاسه الغاضبه تلفح وجهها بقوة و قال : كله بسببك ...اليوم تعرضت للإهانة بسببك ...ما كان يجب أن استمع لحماقاتك ...

كان يشد على يدها بقوة و هو يتكلم : ذلك الشخص لا يمكن أن يكون أبا ... و لا شيئ يمكن إصلاحه. .. لقد اهانني و طردني من دون أن يرق قلبه و لو قليلا ...

قاطع كلماته دموع شهد ...تذكر ما حدث معها تلك الليلة ... فاستدرك نفسه و تركها

 فاستدرك نفسه و تركها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
أضيئي حياتي( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن