1- "قَبلَ أنّ تراكَ عَيني"

20.5K 665 151
                                    

_قراءة ممتعة يا رِفاق").

***********

كانت تجلس أمام البحر، ترى أمواجه الهائجة الغير مقيدة، تمنت لو أنها هكذا حرة، تتصارع أنفاسها اللاهثة مع هواء البحر النقي، تمر بذاكرتها كل ذكرى سيئة نغصت معيشتها، تارة تحدث نفسها مالذي جعلني مازلت على قيد الحياة رغم كل هذا، وتارة تراها تضحك على كل هذا، وأخيرًا رأت أن السبيل لكل هذا أن تنساب عبراتها على خديها، لو رآها رائي لظن أنها جنت تمامًا، وهذا تمامًا ماحدث مع الذي كان يختلس بين الفينة والأخرى النظرات، أنب نفسه بأن هذا لا يصح وهمّ بالنظر أمامه مسترخيًا حتى قطع تأمله صوت شهقات عالية، نظر جانبه ليراها تبكي بحدة وتتحدث بين دموعها ولم تأبه بمن حولها، شعر بغصة في قلبه عندما رآها، ولم يعلم كيف يساعدها.

أما عندها فلم تشعر سوى بأن دموعها انهارت تمامًا وصوت نحيبها على، شعرت بهمس جانبها نظرت من بين عيونها الحمراء لتجد من يمد لها منديلًا ورقيًا محدثًا إياها:
- "اتفضلي، شوية تضحكي وشوية تعيطي لدرجة افتكرتك مجنونة".

لوهلة ظنت أنه سيواسيها ولكن شعرت بأن دلوًا من الماء البارد سكب فوق رأسها لتهمهم:
_"هاا؟"

رد عليها بجدية يتخللها المرح قائلًا:
- "ها إيه، بوظتيلي لحظة التأمل إللي بقالي كتير ماصدقت لقيتها، طب إيه هفضل مادد إيدي كدة؟"

أنهى حديثه ومازال يمد يده، لتجيبه بتهكم من سخريته هذه:
- "شكرًا أنا معايا مناديل مش محتاجة منك حاجة وأسفة إني قطعت لحظة التأمل بتاعتك بعد كدة هستنى حضرتك لما تخلص وبعدين اعيط براحتي".

حدثت نفسها ساخرة من هذا الموقف:
_" فصلني الله يسامحه إيه البلاوي دي!"
-" بتقولي حاجة؟!  وبعدين أنا طلعت المنديل خلاص فلازم تاخديه عشان مثلًا لو حبيتِ تنهاري تاني".

ختم حديثه بضحكة ولكنه كان حزينًا عليها لتجيبه:
-"حضرتك بتتريق عليّ! أدي المنديل خدته ممكن حضرتك تتفضل بقى عشان مينفعش تقف معايا كدة".

انتشلت المنديل من يده بعنف وهو يخفي ضحكاته ليقول لها قبل أن يذهب بمكر:
_"بس الحقيقة إنتِ محتاجة دكتور نفسي عشان حالتك دي صعبة ومتزيدش، وإلا هتضطري تروحي العباسية هناك جنب سعدية وعفاف سلام".

تركها وذهب لم تفهم مقصده إلا عندما رحل لتشهق وتجحظ عيناها وترد عليه وهو ذاهب:
-"إنت قصدك إني مجنونة؟! مفيش حد مجنون غيرك أصلًا ومين سعدية وعفاف دول كمان؟!"

لم تجد رد سوى بعض نظرات من الناس باستغراب تطالعها، لتشتعل غضبًا وتضرب الأرض بقدميها ومن ثم رحلت.

__________________________________

بداخل بيت لم يعرف معنى للحب والأمان، لا يوجد سوى كره وخوف لها، دلفت "رقية" إلى المنزل الذي لم يشهد سوى الحزن لها لتجد ذلك الصوت البغيض الذي لطالما كرهته وكان السبب الأكبر في عنائها هذا.

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن