30ـ "مَن المُخطئ بَينهما".

5.7K 285 64
                                    


_قراءة ممتعة يا رِفاق.

***************

إشاراتٍ انبعثت منها إثر موقفها جعلته يُدرك أنها لا تريده، أن كل خطوة بينهما ليس شرطًا أساسيًا أن يكون معها، ولكن الحقيقة أن الأمر ليس كذلك، هي لم تتوقع أن يصل الأمر إلى هنا، تصرفٍ متهورٍ منها دون تفكير، سوى أن تعلم من ذاك القاتل لماذا فعل هذا!!  هي ترى أنها أكثر من تضررت واقعيًا منه، لهذا رأت أنه من الحق أن تأخذ بثأرها منه، بانتشاءها شامتةٍ فيه وفي سجنه، ولكن ما قابلته لم يكن هكذا، كان مريضًا يسرد عليها كل شيء بلا رحمةٍ منه، ولهذا كرهت تصرفها وقرارها في الإتيان له ومقابلته وحدها، ومازاد حزنها، تجنب "أنس" لها منذ البارحة بعد أن ذهب لها وأحضرها معه، ملقيًا عليها كلماته العاتبة، وإخبارها بما كابده عندما لم يجدها، ولم تكن تجيب على هاتفه.

منذ أمسٍ وهو لا يتحدث معها، أو عللّ ذلك بنومه سريعًا متحججًا بإرهاقه بعد أن طمأن شقيقها ووالدتها عليها، ولكنها أكثر من تعرف أنه غاضب، غاضب منها وحزين أيضًا، نظرات العتاب التي ألقاها عليها صباحًا قبل ذهابه لعمله، كانت كافية أن تجعلها تدرك فداحة عملتها، لم يؤثر به الموقف، أكثر من كونه شعر منها أن وجوده غير مهم، ولتتخذ قرارات من الممكن أن تؤذيها لوحدها، دون حتى أن تخبر أي أحد.

_"لسه زعلان منك من امبارح؟!".

أخرجتها بها والدته من شرودها، أثناء وقوفها في المطبخ تُقطّع بعض الخضروات لصُنع الغداء، لتنظر لها بحزن، مع إيماءة رأسها بنعم وعيناها تستعبر ببعض الدموع، وهي تطرق برأسها للأسفل.

_"أنس مبيزعلش جامد كدة من حد، غير لو هو بيحبه قوي، وهو عتبان عليكِ مش أكتر عشان قلق عليكِ جدًا وزيادة إنك مكنتيش بتردي على تيلفونك، ومكنش عارف يوصلك خالص، أنا أول مرة أشوف ابني بالشكل ده، قلقان وخايف إنه يكون حصلك حاجة وهو مش موجود معاكِ، ومش ببرر موقف حد فيكم، بس متطولوش في زعلكم ده، افهميه وافهمي زعله، وفهّميه إنتِ كمان".

بتعقل تحدثت "أمينة" تشرح لها حتى تفهم، وأرادت أن تخبرها أيضًا لمَ ابنها حَزن بهذا الشكل، ولكنها تركته هو من يخبرها حتى يكونان كتابًا مفتوحًا لبعضهما، فمنذ رأتهم أمس وهي تحزن على حالتهم هذه.

أماءت لها الأخرى وهي تمسح دموعها، تتحدث بنبرة متحشرجة إثر كتم بكاءها:
_"والله يا خالتو غصب عني..لقيت نفسي خرجت عايزة أشوفه وهو مسجون بس.. مكنتش عايزة أشغل "أنس" معايا أكتر من كدة.. بس اكتشفت إني غلطانة عشان قلقتكم عليّ وزعلته مني.. كنت هفهمه والله أنا عملت كدة ليه.. بس هو مكلمنيش خالص من ساعتها.. ومش مستحملة أشوفه وهو مش عايز يكلمني ولا يبصلي".

دخلت في نوبة بكاء بعد أنهت حديثها، لا تستحمل أن يكون بعيد عنها هكذا وهو معها، هي تحبه، تأكدت من هذا تمامًا، عندما لم تتحمل عدم حديثه معها، مشاكساته، حتى نظراته بخل بها عليها، تأكدت أنها تحبه عندما رأت كل الخوف والقلق في عينيه أمس، أيقنت أنه يعشقها كثيرًا، ولكن نظرات العتاب التي تحملها حبيبتيها بنيتيه لم تقوى هي عليها.

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن