12ـ "ليل، وسماء، وقمر"

5.8K 384 27
                                    


‏فَلَيتَ عَينَ حَبيبي في البُعادِ تَرى
حالي وَما بِيَ مِن ضُرٍّ أُقاسيهِ.

- بهاء الدّين زهير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هبط كلًا من "أحمد" و"خالد" حتى وصلا مدخل العمارة، وهما يتسامران سويًا غير منتبهين لأحد، فجأة وتوقف "خالد" عن التحرك وهو يتناهى لمسامعه صوتها وهي تناجي عليه، ليتسمر مكانه:
- إزيك يا واد ياخالد.

ما إن سمع صوتها، حتى نظر أمامه ليجد "إيمان" خالة أنس، ومعها ابنتها وابنها، وبالخلف أنس يحمل حقائبهم، وقبل أن تتحدث مرة أخرى، كان خالد يفر صعودًا للأعلى مرة أخرى في حركة تلقائية أثارت دهشة الواقفين.

غمغم "أنس" بينه وبين نفسه، صارًا على أسنانه، بصوتٍ يكادُ يُسمع، على مافعله "خالد":
- روح يا أهبل الله يسامحك.
- ماله خالد يا أنس؟!
رددتها"إيمان" بتعجب، ليتحدث "أنس" قائلًا:
- مفيش يا خالتي ،هتلاقيه نسي حاجة، يلا نطلع إحنا.

حمل حقائبهم وخطوا للأمام، حتى توقفوا عند "أحمد" الذي لا يزال يطالعهم، فهو لا يعرف من هذه، أو بالأصح لا يتذكرها.

وقفت أمامه "إيمان" وجوارها ابنتها، وهي تضيق عيناها وتتفحصه من رأسه وحتى إخمص قدميه، تحت استغراب "أحمد" من نظراتها هذه، لتوجه حديثها لأنس تسأله عن هذا الشاب الوسيم، ذو الطول الفارع، وبنية قوية مناسبة لطوله، ترمقه بشك لشبهه الكثير بعامر، والتي تجهل أنه ابنه قائلة ببسمةواسعة:
- ألا مين الواد الحليوة ده يا أنس؟؟
- دا أحمد ابن عمي عامر.

صاحت وهي تصفق بكلتا يديها متأكدة من شكوكها مغمغمة وهي تنظر له:
-كنت حاسة والله، شبهه الخالق الناطق.

كل هذا وأحمد لا يفقه شيء، ولكنه تذكرها قليلًا فتلك خالة "أنس" الوحيدة، والتي لم يراها إلا مرات قليلة تكاد تعد، فقد كانت دائمة الشجار مع والده، استمع لها وهو مازال صامت لا يتحدث، يرمقهم فقط، قالت هذه المرة وهي تضم ذراعيها لصدرها، وتلوي ثغرها تسأله عن والده، وكثرة مغازلته لزوجته فيروز أمام الجميع، فقد كانت تتشاجر معه كثيرًا لهذا السبب:
- ولسه أبوك بيفضل في الراحة والجاية يعاكس فيروز؟!

رفع "أحمد" حاجبه الأيسر وهو يجيبها على سؤلها مؤيدًا له:
- لسه زي ما هو.
- هقول إيه.. إللي فيه فيه.

تحدث أنس هذه المرة حتى يتحركوا، فقد ألمته قدمه قائلًا يحثهم على الصعود للمنزل:
- طب يلا يا خالتي عشان مش قادر أقف أكتر من كدة، يلا يا نورا إنتِ وبلال.

أومأوا له جميعًا وبدأوا في التحرك، وطلب "أحمد" من أنس إن كان يريد المساعدة في حمل الحقائب، ليخبره لا حاجة لذلك فليست كثيرة، وبالفعل تحركوا للأعلى، ونظر "أحمد" في أثرهم وتحرك ناحية القهوة، وهو يحدث نفسه عن هذه المرأة وما ستفعله في هذه الأيام، وهل ستتشاجر مع والده بعد هذا العمر أيضًا أم لا قائلًا بهمس:
- دا شكلهم هيبقوا يومين إيه خراب.

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن