18ـ "شِجار".

5.3K 295 44
                                    


إن كانَ حُبُّكِ وَهمًا أَو مُصادفةٌ
فأَجْمَلَ الحُبُ مَا تَأتِي بِهِ الصُدَفُ.

********

صمت لوهلة بعد أن ألقى اعترافه المفاجئ، والذي استكان في قلبه طويلًا منذ رآها، وحان الآن أن يفصح عنه، متابعًا صدمتها الجلية التي اعتلت ملامحها، مستطردًا بانفعال طفيف، ومشاعر صادقة بعد ما ذاقه طيلة الطريق باحثًا عنها:
ـ أيوة بحبك من أول يوم شوفتك فيه.. من وقت ما كنت جاي أشِم مجرد شوية هوا ولقيتك هنا.. حسيت وقتها إني أعرفك من زمان قوي.. حسيت بحاجة بتشدني ليكِ.. لما بشوفك بتضحكي كنت بلاقي قلبي بيبتسم لوحده.. ولما تعيطي قلبي كان بيوجعني وكإن فيه بينا صلة قوية ربطاني بيكِ.. شوفتك مرة واتنين وبعد كدة لقيت نفسي باجي هنا تلقائي عشان أشوفك بس.. ولما اتكلمت معاكِ أخر مرة كان عندي أمل إننا هنتقابل تاني.. ومع كدة مكنتش عايز أتعلق بيكِ وأنا معرفش حاجة عنك مجرد صدفة بس.. ولما القدر كان سبب إنك تيجي لحد عندي تاني.. وقتها مصدقتش ده.. ولما علاقتنا بقت تتطور أكتر لدرجة إنك بقيتِ مراتي.. وقتها مكنتش قادر أوصفلك إحساسي وقتها بكل الأمل والفرحة دي رغم إني مكنتش ببين.. أي نعم كنت خايف إنك متكونيش بتبادليني نفس المشاعر.. بس مكنتش قادر أمنع نفسي من إني أتعلق بيكِ أكتر.. لحد ما لقيت سكينتي في وجودك يا رقية.

صمت يلتقط أنفاسه الهادرة بعد كم هذه الاعترافات والمشاعر، وما زالت الماثلة أمامه تشخص بعينيها بصدمة من كل هذا، هي التي منذ دقائق كانت تخبر نفسها أن لا أحد يحبها، والآن أمامها يعترف الذي وجدت أمانها جواره بحبه لها، الحب الذي ظنت أنها لن تلقاه ماثل أمامها الآن.

أما هو فلم ينتظر منها رد، بل أكمل حديثه بعتاب مما قالته منذ دقائق، نابسًا بلوم طفيف:
ـ وجاية دلوقتي يا رقية تقولي إن مفيش حد بيحبك.. وإننا بنشفق عليكِ!!
عارف إن الكلام ده مش من دماغك.. وزي ما أنا عارف إن حبي ليكِ عمره ما كان شفقة أو مساعدة.. يمكن في الأول كنت فعلاً بساعدك عشان استنجدتِ بيَ.. أما دلوقتي أنا فإنتِ بقيتِ زي نصي التاني.. راحتي معاه.. وعايز أقولك إنك مش عشان متجربيش شعور الفقد من تاني إنك متحبيش.. لإن ده مش بمزاجك.. زي ماهو مش بإرادتي برضو.. فكري كويس يا رقية متخليش أوهام تسيطر عليكِ.. ومتزعليش إني اتعصبت عليكِ.. أنا كنت زي التايه لما افتكرت إنك ممكن تسيبيني وتمشي.. وزي المرعوب إن يكون حصلك حاجة.

تنهد تنهيدة يخرج بها كل ما بداخله، وكأن ثقل العالم انزاح من على صدره، ولكن بقي هاجسٌ واحد ألا وهو رد فعله.

والتي بالطبع كانت عبارة عن بكاءٍ صامت، دموع كالشلالات تنهمر على وجنتيها، ولم يجد سوى أن يقترب منها يمسح دموعها بأنامله برفق، مخبرًا إياها ألا تبكي، ومنتظرًا منها أن تثور أو أن تنطق بأي حرف تعقب على اعترافه هذا الذي استهلك كل طاقته، ولكن ما صدمه وجعل قشعريرة تسري في جسده، اندفاعها بقوة تحتضنه.

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن