33ـ "يا صديقي".

5.8K 287 48
                                    

_قراءة مُمتعة يا رِفاق.

***************

عُودي، عُودي إليّ يا نقية القلب، لم تطف روحكِ وحدها، بل طافت معها روحي أيضًا، رحلتِ وتركتِ خلفكِ جسدٍ بلا روح، جسدٍ ظمآن لرؤيتكِ، هل هذه النهاية يا حسنتي الوحيدة!!

ذهب النقاء من حياتي، لم يبقىٰ لي سوىٰ الآثام يا يارتي، مُدنسٌ أنا بذنوبي، تحفني آثامي، ذُوقتُ الألم أضعافًا مضاعفة، عاد الديجور يُحاوطني، وعاد الظلام يسكن جناني، أنا أضيعُ بعدكِ يا صغيرتي، ليتني كنتُ أحلم، ليتني لم أفق من سكرتي، ليتكِ لم تُدنسي برفقتي، لا أعلم من منّا دفع الثمن، ولكنه كان غالي، غالي جدًا، وقاسي، سامحيني يا يارتي، لا أطلب سوىٰ السماحُ منكِ، فلا أنا بقاوٍ على الطلب منه.

يعدو الشوارع بلا بدايةٍ ولا نهاية، بلا وجهةٍ محددة، كما حياته أصبحتْ، فات يومان على وفاةِ "يارا" يومان كان هو معذبٌ بهما، لا زال في صدمته، لم يفق منها بعد، لا دموع تُجدي، ولا صراخ يُريح، بات جثة تتألم فقط في صمت، يومان مرا ومازال هو علىٰ حاله، يتذكرها ويتألم، أحيانًا يفكر ليته ما تعلق بها هكذا، ليتهما لم يقتربا وتوطدت علاقتهما كثيرًا، العذاب أقوىٰ من أن يحتمله، هو ضعيف، هو هش للغاية، صلابته ما هي سوىٰ واجهة فقط للعالم، لكنه خاوٍ من الداخل، فارغ من كل شيء، ولكن معها هي، كان يتجرد من كل هذا، من قسوته، من جبروته، معها يعودُ طفلًا لم تتدنسه الأيام، نقيًا كما خلق، ولكن الدنيا أبت أن يتطهر من ذنوبه، أبت أن تجعله يذوق حلاوة الأُنس والنقاء، فاختطفت منه صغيرته، حرمته منها، كما حرمته نفسه من قبل، هو يعيش بنفسه الأمارة بالسوء فقط، ولكن.. إلىٰ متىٰ؟!

إلىٰ متىٰ سيظل السيء في كل الحكايات؟!
من يُطهر ذنوبه؟! من يستقبله؟! من يأخذ بيده؟!

يتذكر كلامها، ضحكاتها الطفولية التي لم تكبر، ملامحها الملائكية، روحها النقية الطاهرة، كل هذا كان يؤنسه طيلة ليلتاه، يتذكر أخر عهده معها، وصيتها بأن يتخلص من كل آثامه، أن يبتعد عن طريقه المظلم، وأن يختار ولو لمرة واحدة، طريقًا منيرًا يُنير حياته.

لا يعلم كيف يفعلها، هو يريده، يحتاجه الآن وبشدة، هو مليء بالذنوب، هو عاطشٌ للتوبة، من يعينه؟ من يدله؟

أخبرني كيف آتي، وسأهرول إليك راجيًا شفاعتك، دُلني علىٰ أول الطريق، وسأحبو إليك، دبرلي لي توبتي، فأنا سيء، ضعيف لا أُحسن التدبير، اليوم لا رجعة، أنا أريد قربك وبشدة، قربني إليك، أخبرني كيف أتوب، كيف أتطهر، حتىٰ أعودُ نقيًا، حتىٰ ألقاك خاليًا من كل إثمي، أنا أريدُ الجنة كـ "يارتي"، كيف آتيك وأنا مثقلٌ بنفسي؟!

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن