17ـ "اعتراف".

5.3K 336 64
                                    

"أتيت كالبلسم، تداوي جروحًا أدمتها الحياة".

***********

دمعة فرت من مقلتيها، تبعتها بأخرى حارة، هل تبكي الآن؟!
ولِما لا! وهي التي مضت معظم حياتها ما بين بكاءٍ وبكاء.

ولكن الأهم هل تبكي من أجله؟!
هل تلك العبرات التي ذرفتها من أجل رقمٍ مسجل هكذا، وربما يكون هناك علاقة بينهما!!
لا، لا هذا الخاطر الأخير محال، أنس ليس هكذا.. هي لمحت تلك اللمعة التي يناظره بها.. ولا يمكن أن يشاركها غيرها.. ولكن لِما كل هذا الحزن الذي أصابها وهي التي تهوىٰ البعد؟ هل تحبه؟!

لا تعلم ولكنها لم تعد تميز شيء، وإن كانت تنكر تلك المشاعر التي كانت تواتيها سابقًا عندما تكون جواره، فلا يمكنها أن تنكرها الآن بعد كل هذا.

عيناه التي احتضنتها قبل ذراعيه، كلماته الدافئة المُطْمئنة لها بأنه لن يتركها، تلك البسمة التي رأت طريقها لوجهها مذ ظهر في حياتها، وعن تلك الحياة التي بدأت تزهر بعدما كانت قاحلة، كل هذه الأشياء ترغمها أن توارب له بابًا بداخل فؤادها.

هي التي خشيت أن تحب أحدهما مخافة الفقد، رأت الحب في عينيه وإن كان يحاول إخفاؤه، الأمان الذي حاوطها بعد سني خوفٍ يغنيها عن أي شعورٍ أخر.

هي لا يمكنها أن تشك به أبدًا، هو أصبح كل ما تملكه الآن، هو.. هو لم تستطع التحمل أكثر من هذا، وهي ترى رسالة نصية على هاتفه من نفس الرقم والتي وخزتها بشدة في ذلك اليتيم يسارها، وهي تنص على التالي:
ـ" أنس.. بكلمك مش بترد عليَ ليه؟؟ مش كنا متفقين نتقابل!!".

تحررت دمعة تليها أخرى في صمت، تزامنًا مع خروجه بعدما أبدل ملابسه، ليراها في هذا الوضع المتشنج، دموعها تهبط بصمت على وجنتيها المحمرة، وارتجافة شفتاها، وهاتفه الذي تمسكه بقوة بين يديها المرتعشة، مما جعله يتقدم نحوها بسرعة، وهو يضع يده على كتفها يسألها عما بها، نابسًا بقلق:
ـ رقية مالك بتعيطي ليه؟!

أزاحت كتفها من تحت يده بحركة نافرة، استغربها بدوره، وهي تنظر له بأعين باكية بنظرة لم يفهمها أبدًا أو هذا ما ظنه، وعند محاولته أن يستشف ماذا حدث لكل هذا، وجدها تمسك يده اليمنى بكفها الحر وتضع هاتفه بها، قبل أن توليه ظهرها ومازالت عبراتها تنهمر على وجهها، لتدلف لغرفتها وتغلق الباب خلفها بعنفٍ، جعل الآخر يجفل وهو يقف أمام بابها.

تقدم أكثر وهو يطرق على الباب لتفتح له ليفهم أي شيء، ولكنها لم تجيبه، محاولة تليها أخرى ولا فائدة وهو يهتف بقلق عليها وحزن من رؤيتها هكذا:
ـ رقية افتحي الباب وفهميني في إيه؟
وأنا عملت إيه لكل ده!!

ولكن لا إجابة، لييأس من محاولاته، وهو يتجه لهاتفه الذي صدح رنينه، ليعلم مالذي حدث لتتحول هكذا.

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن