44ـ "تصالحتُ مَعَ الحَياةِ لأجلك".

6.7K 326 57
                                    

_آخرُ قراءةٍ ممتعة يا رِفاق').

*************

«نَعم سرىٰ طيفُ من أهوىٰ فأرقني
والحب يعترضُ اللذاتِ بالألم».

ولو أنّ قلبي كان عازفًا عن الحب، لا يهوىٰ طريقه أبدًا، ولكنه حين رأىٰ طيفكِ ما عاد يهوىٰ إلاّ هواكِ، والقلب اليوم لا ينبض إلاّ بحبكِ، أنتِ من أضفتِ كل أنواع السكينة علىٰ حياتي، لم يطمئن خافقي يومًا، كما اطمئنانه يوم رآكِ، عذبتِ قلبي مرارًا بلقيا كحيلتكِ، واليوم باتت كل العيون في نظره كسوداويتكِ.

كل القلوب الآن تجتمع كلها، من أجل أن يكتمل اجتماع هاذان القلبان، كان الجميع يستعد، ويعمل بلا كللٍ ولا ملل، لمساعدة هذا الشاب الخلوق، الرحيم بالجميع، الذي لم يُرىٰ له سوءةٍ منذ شاب ورشد، بل كانت حياته كلها معطاءًا للجميع، لا يبخل لأي أحدٍ بأي مساعدة، وكان الجميع يشهد بخلقه وتربيته، فما كان منهم سوىٰ أن يكونوا معه في فرحته هذه.

كان هذا اليوم هو اليوم السابق لحفل زفافه، والمتعارف عليه بين المصريين بيوم «الحنّاء»، والتي يكون أغلب احتفالها عند منزل العروس، مع أصدقاءها وعائلتها، من مرحٍ، وترفيه، ورقصٍ، وغناء، يناسبان هذه الحفلة، وعند الشباب تكون بعض الاحتفالات الخاصة بهم أيضًا، ولكنهم كانوا يقومون بأخر تجهيزات المكان، وقد اطمأنوا بأن كل شيء بشقة العريس أصبح جاهز ولا ينقصه شيء.

واجتمع الشباب جميعهم أسفل البناية، والتي كانت فارغة من جميع النساء، اللواتي بدورهنّ ذهبنّ لمنزل العروس، ليقيمنّ الاحتفالات الخاصة بهنّ هناك، تاركين الشباب ينتهوا من تأكيد الدعوات علىٰ جميع معارفهم، وإخبارهم بمكان القاعة التي سيقام بها الحفل غدًا ليشاركوهم فرحتهم.

_"مش هوصيكِ يا أم أشرف تيجي إنتِ وأشرف بكرة، وأنا عزمت أبو أشرف متقلقيش".

نبس بها "أنس" وهو يحادث تلك السيدة جارتهم في المكان، والتي دائمًا ما تخرجه عن حلمه وهدوءه، وهي تتفنن في كيف تجعله يفر هاربًا من المكان بأجمعه، ولكنه يحبها ويحب طيبتها بالنهاية، وأنها تتمنىٰ له ولغيره الخير، وليست من تلك النساء الاتي يكرهنّ الخير للجميع، وما كان منها سوىٰ أن تطلق زغرودة عالية فرحة به وبفرحته التي تظهر جليًا علىٰ صفحة وجهه، تابعة إياها بتأكيدها له بالحضور أول الحاضرين:
_"دا أكيد يا أستاذ أنس، دا إنت غالي زي أشرف ابني، إنت وبقيت الشباب الحلوين دول، ربنا يتمم فرحتك علىٰ خير، والله تستاهلها، والبت رقية بت طيبة وحلوة، وعلىٰ نياتها مش متعبة، عقبالكم يا شباب كدة، وابقوا اعزموني زي الأستاذ أنس كدة".

_"دا إنتِ هتكوني أول الحاضرين يا أم أشرف بتقولي إيه؟ دا إنتِ إللي عاملة حس للمنطقة كلها".

كانت هذه من "خالد" الذي تدخل يؤك لها محبتها عند الجميع، قبل أن تبتسم لهم وهي تتحرك بحاجيتها نحو بنايتها، تاركة الشباب خلفها يضحكون يأسًا علىٰ ملامح "أنس" اليائسة منها ومن نعته له دومًا «بالأستاذ»، رغم أنه يخبرها كل مرة أنه طبيب، طبيب وليس أستاذًا، ولكنه شاركهم الضحك وهو يهز رأسه، وينفي ضيقه من هذا الأمر:
_"نفسي مرة تعترف بتخصصي وإني دكتور نفسي، وتبطل تقولي أستاذ دي كل شوية، بس هنسامحها لأجل الفرحة إللي في عينيها دي".

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن