6- "قرارٌ مُفاجئ"

6.8K 419 69
                                    

لو..
كُنّا اتقابلنا
قبل ما العالم
يكون خِصمي
أو...
كُنّا اتقابلنا
وإنتي قادرة تبتسمي

- أحمد الراوي.

_______________

لو كان يحِقُ للمرءِ أن يفر هاربًا من كل شيء، لَما تأخر بُرهةً واحدة، لأطلق لقدميه العنان لتعدو مُهرولة، ولكن أيحدث ما نريدُ دومًا!
لأ بل يحدث ما تُحتّمه علينا الأقدار، لا يفر المرء أبدًا من قدره، ولكنه أبى التأقلم عليه أيضًا، لا يمكنه أن يجبر قلبه على أن يتأقلم على الخوف، أن يعتاد القلق، أن يسلب حقه من الطُمأنينة، أن يفتقر للأمان، لا يستطيع الاستسلام لكل هذا، كلّه يرفض هذا، بل يتمرد عليه أيضًا، ولكن بالنهاية هو مجبورٌ على كل هذا.

كانت "رقية" تطالع زوج والدتها بكل ما تحمله من كراهية ونزق، لِما لا يتركها وشأنها؟
كانت الصدمة أيضًا تعتلي تقاسيمها، كيف استطاع الوصول إلى هنا؟ من أخبره أنها هنا؟ لم يرها أحد إلا القليل فكيف وصل لها؟
تزاحمت الأسئلة عقلها، ولا تستطيع نزعها من لُبها، من نظراتها تيّقن "أنس" من أن هذا زوج والدتها المزعوم، تعبيرات وجهها التي تتحول من الغضب إلى الصدمة إلى الخوف، لم يكن يُبصرها ولكنه استشف نظراتها هذه.
انحلّ الصمت باقتراب ذلك البغيض منها ناهرًا إياها، وبحركةٍ لا إرادية كانت ترجع للخلف خوفًا لاحظه أيضًا، وعند هذا لم يستطع بل وقف حائلًا بينهما، لتحتد نظرات "جابر" ويطالعه بسخرية واستهزاء موجهًا دفة حديثه لها:
- بقى هو ده إللي هربتِ عشانه؟ وياترى بقى الناس عارفة بكدة؟

أبصره "أنس" بنظراتٍ حارقة تبث الرعب في أوصاله هامسًا من بين أسنانه بغضبٍ عارم:
- كلمة كمان مش هعمل حساب إنك راجل كبير، ورقية ملكش دعوة بيها.
- لا يا شيخ وإيه كمان، ما أنا هستنى إيه من واحدة متربتش، وسايبة بيتها وقاعدة في بيت واحد غريب!

قال أخر كلماته بصوتٍ عالي قاصدًا تجمهر الناس عليه، مسكه أنس من تلابيب ملابسه غير عابئ بمن تجمع حوله، وبنظرات الاستغراب من خالد والفتيات، حيث أنس لا يغضب بهذا الشكل إلا لو خص الأمر شخصًا عزيزًا عليه، حينها يتحول من الوداعة للشراسة التي لا ترحم أبدًا، أمسكه وهو يصر على أسنانه ويتحدث بضيق:
- دي متربية أحسن منك يا راجل يا محترم، ولو هي قاعدة في بيت غريب، يبقى عشان بيتك معرفش يحميها.
- وهو برضو أي واحدة تضايق قوم تسيب بيتها وتهرب، وتروح تقعد عند واحد الله أعلم إيه بينهم يا دكتور أنس؟

تحررت يدا أنس عند سماع صوته، بوجوده الأمور ستزداد سوءًا، لم يُخيل له يومًا أن يكون هو، أخبرته رقية عن ذلك العريس الذي هربت بسببه لكنه لم يتوقع أن يكون علاء.
أغمض أنس عينه بغضب واستدار له ليراه ينظر له بغضبٍ خفي لسنوات، وخالد الذي قبض يديه بغيظ من هذا العلاء، أما عن رقية فلم تكُ سوى بحالٍ يُرثى له، عند رؤيتهما سويًا شعرت بأنها النهاية، دب الرعب في أوصالها وخارت قواها لولا مساندة سارة وناهد لها.

تَصالَحتُ مَعَ الحَياةِ لِأَجلَك. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن