4

19 4 0
                                    

و إن بقيت أؤلم نفسي بهته الطريقة فالعاقبة لن تكون حميدة ، و إن بقيت أفكاري تقتلني بهته الهمجية ، فإنني سأدمر كل ما تبقى .
" و لا تحمّلنا مالا طاقة لنا به
و اعف عنا
و اغفر لنا
و ارحمنا "
فالحياة يبوس و الماء يستعصي و أنا مليئة و راحتي بعيدة و خوفي وحش عظيم .
أنا وحدي من أكسر نفسي ، صدقني أنا أكبر تحدياتي ، أنا الوحيدة التي أمتلك مفتاح الولوج ، أنا أكبر تحدياتي ، أنا إيماني و خوفي و قلقي و شكي !
أنا و لا أحد !
أقسو على نفسي كثيرا ، أعذبها غلظة شديدة
" و لا تجعلني أغلظ على أمانتك عندي "
سجينة أفكاري أنا ، في المنحدر أنحدر .
أجاهد كي أكتم غيظي و لا أريقه على روحي
" و اغفر لي إن أذنبت
فقد وسعت رحمتك كل شيء
نحن الطامعون في الغفران
مهما تكبر
و تجبر
الذنب فينا "
أنا خائفة و أنا متعبة و أنا أشعر بالتخمة و الغثيان و أريد الهرب و الإندثار و الإنمحاء و الإختفاء .
لا صراخ هته المرة !
هي فقط أصوات صغيرة تسكنني
توشوش توشوش توشوش
آلاف الأصوات لكنها !
لا ادري كيف أسكتها ...
منذ أن أستقيظ و هي تتكلم و تكسرني .
لا يوجد على سطح هته الأرض ، صدّقني ! لا يوجد ما هو أشرس من ضمير حي !
من صوت ينبثق من الأعماق صارخا ، دون أن يصمت .
أن أقطع نفسي إربا
" رحمة من نفحاتك ترحمني يا رحمان "
أين السلوى ؟
و أنا أمزق نفسي من غير أن أستطيع البكاء .
أين السلوى ؟
و الطريق طويل
و أنا أخشى جدا أن أفقد كل شيء رغم الوصول .
" أن تكون نهاية هذا السعي الطويل ، رضا فقط يا الله ! رضا متواصلا "
هل قرأت يا حبيبي كتاب عائلة باسكوال دوارت ؟ هل قرأته عندما قال أن " الشر يكبر ذات مرة و يتضخم كالأشجار ، فلا نعود نحيي الناس ، فيشعرون بنا غربي الأطوار
نبدأ ننحل و يزداد ارتخاء ذقننا كل يوم ، نبدأ نشعر بالكراهية التي تقتلنا ، فلا نعود نتحمل النظرة ، يؤلمنا وعينا ... لكن لا يهم ! الأفضل أن يؤلمنا .
يلاحظ العدو لهفتنا لكنه مطمئن ، الغريزة لا تكذب ، الفاجعة سعيدة و تتمتع بجرجرة أرق المشاعر التي تؤلمنا ، و حين نهرب مثل يحمور ، حين تفزع الكراهية أحلامنا ، نكون قد لغّمنا و فات الأوان ."
لذا لا تلمني ، إن عنّفتك فجأة ، و نفرت منك دون سبب يذكر ، لا تلمني ، إن أقلقني قربك ، إن أفزعتني رغبتك في وجودي ، لأن العواصف داخلي أقوى حتى من خيالك ، قلب الفتاة داخلي يهوى السمر على شرفة القمر
أحتسي غياب الجميع حتى تستطيع وحدتي معالجة جراح لا أعلم كيف امتلكتها ... فوجنتي تحرقني من الوجع و لا أثر لصفعة !
قلب الفتاة داخلي ، يعشق الأغنية و ينسى المغني . قلب الفتاة داخلي ترتمي على جوانبه الشوارع و الطرقات و الأحلام و المدن و الكلمات و جملة من مشاعر لا أفهمها ؟!
قلب الفتاة داخلي ، يكرهك و أنت تحبني .
قلب الفتاة داخلي تلطخه الرغبة في بعدك من كل جهة من غير أن أفهم لماذا .؟!
لماذا و أنت لم تفعل شيئا غير حبي ؟!
لا تسألني عن عواصف أحساسيسي ، لا تسأل أرجوك ، الشجرة عن طعم الفأس في الخاصرة ... أستعيد ذكرياتي معك ، و الهاتف يرن على السرير دون توقف ، تتصل علي من أرقام لا أعرفها ... تلتهب لكنني لا أجيب ... ليس لأنني لا أريد بل لأنني لا أستطيع ! عندما أمد يدي تتلاشى قدرتي على الكلام تنقشع سرابا ...
على الطرف الآخر أدرك أنك أصبحت تحتاجني كدم يركض في شرايينك ، و بين الهاتف و يدي تحول عوالم و أعوام ...
لا أريدك أن تتعلق بي ، لا أريدك أن تتمسك بي ، هذا يكسرني ، يؤلمني بطريقة تكويني ، تجعل من قربك عذابا .
دون سبب !
أنا فقط أصبحت لا أحتملك دون سبب ، أخاف منك و عليك دون سبب ، و هذا الصداع في رأسي قصائد متورمة ، و هته الزرقة في أطراف يدي مشاعر متعفنة ، و الهالات تحت عيني حب أراه يتحول كرها شديدا دون معنى .
على شفا الجنون يا حبيبي ، حبك يثقبني . فأرجوك ابتعد ، عد غريبا كما جئتني غريبا ، أو خذ لنفسك أخرى ، فالمعطوبة قبالتك ليست للحب و لا للعشق . يجذبكم فقط نوري دون دراية ، تجذبكم قوتي و تجذبكم الحياة التي تفيض من أطراف شفاهي و عيناي ، فتحبونني ، عشقا و تمسكا و تملكا ... و لأنك لا تعرفني يا عزيزي فقدرتي على إضعافك تزعجني ... فأنا النقطة التي تلتقط عندها أنفاسك لا حيث تستقر
أنا الفتاة التي تأرق من أجلها ، لا تلك التي تسهر معها الليل
أنا الحبل الذي تلفه حول عنقك ، لا الذي تتمسك به لأجل النجاة
فأستعجل الرحيل دون سبب للسرعة ، أوضب حقائبي و أريد أن أعطيك سببا لكن الجفاف في حلقي و الانقباض في صدري لا يعطياني واحدا ... لماذا أريد أن أرحل ؟ و صدرك يسع مخاوفي و أحلامي و هدوئي و جنوني  ؟ لماذا أدفعك و أنت تريدني سندا و شريكة و رفيقة و ملجئا ؟ لماذا أبتعد و أنت محموم تستهويني في حياتك حضورا ، فكرا و جسدا ؟
هل كل هذا العذاب بلا سبب لأنك تتناقض مع مبادئي ؟ و مع ديني المقدس ؟ هل أنا لا أسمح لنفسي لذة امتلاكك لأن فطرتي ترفضك ؟
لكن صوتك يرن لطفا ، و صوت خذلاني يأتي ضعيفا من بعيد محملا بالأسى و الظلم ، فأبكي ، لأنني متألمة و لأنني سأتسبب في حزنك دون أن أستطيع أن أغير شيئا من الموضوع ، فأبكي لأنني و بغبائي على وشك فقدان من أحببته صدقا ، فأبكيك لأن مشاعرك صادقة لن أجدها و لو كذبا في غيرك ، بسيطة و صادقة و صحيحة و مستقيمة لا تعرف الدلع الذي أكرهه و لا الشهوة التي تخيفني ، مشاعرك اللطيفة و الدائمة أبكيها لأنها تجرحني بحدة و أنا أرخي الطرف لأتركها ...
أبكي لأنني كُتِب عليّ الرحيل ، بقسوة ، و أرحل لأنني لم أسمح لنفسي طوال سنواتي العشرين أن أرتاح و أن أتلذذ و أن أُعطى دون أن ينتظر مني الآخر ردا سوى حضوري ، لأنني لم أعرف طوال سنواتي العشرين من طلب مني ضحكتي فقط ، لا شيئا آخرا ...
أبكي عليك لأنني اعتدت الوحدة طويلا ، حتى أفسدتني الوحدة .
و اليوم أنا على وشك إفساد صدقك .
و ثقتك
و حبك .

وعد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن