9

11 3 0
                                    

يقترب مني صديقك بطريقة تجذبني نحوه .
سأقول أنه يخالفك في كل شيء ، ساخر جدا منك ، يفيض رغبة و إثارة ، و بساطة في الحياة ، أقول أنه عكسك ، صورتك المقلوبة في مرآتي.
أبدو له هشة ، تلك الهشاشة التي تتيح لذئب مثله أن يغرز أنيابه في عنقي الغض و الطري ، عندما يهمس لي بكلماته التي تثير رعشتي أذكر دوما نصا أحفظه " ثم همس في أذني قائلا الرجال كلهم ذئاب يا صغيرتي و النبيل فيهم ذئب صبور " ، صديقك ذئب صبور لكنه مسكين ... لا يعلم أن الضعيفة هي من تحتاج للسير وسط القطيع ، و أنا اعتدت الهجرة وحيدة ، عبر ضفاف الوحدة و أنهار الهجران . يشتهيني صديقك و أنا أبتعد عنك و أنت تطرق الباب بقوة تجعلني أقفز خوفا ، يشتهيني لا كما اشتهيتني أنت بعين المحبة فتاة و شخصا ، بل بعين الشهوة أنثى و جسدا شابا .
يصرّ صديقك و تصرّ أنت ، و وفية أنا لحبك و إن هربت منك مرتجفة و مرتعشة . لكنني أنجذب نحوه ، نحو قوته و رجوليته المتسربة ، أخبرني أنني لا يجب أن أساومه في رجوليته أو في رغباته لأنه لا يستطيع التحكم فيها ... تزعجني كلماته و تحرق أعصابي لدرجة تجعلني أريد أن أعضه و قد قلت له يوما أنني أريد أن أعضه ، لكنه ... قلب الفكرة لصالحه ككل مرة ؛ عنيف صديقك ، و ماكر و خبيث لدرجة تجعلني آخذ حذري منه باستمرار كما لم أتخيل انني سأفعل يوما ، يخيفني و أنا التي قضيت معك أمسيات طويلة حتى غروب الشمس نتسامر وحيدين ، أخشاه و أنا التي كنت أتصل عليك لتصطحبني حتى لا أعبر طريق الملعب الرياضي المكتظ بالمشجعين المتعطشين للفوضى وحدي ...
أخافه و أنت كل أماني !
تنهكني كل هته الأفكار و الألعاب الصبيانية التي وقعت في شركها فجأة من دون أن أعي ؛ تقطب صديقة وفية حاجبيها و أنا أروي لها القصة تنصحني بكل صدق أن أبتعد تكرر على مسامعي بقلق : لا تعجبني تركيبة القصة .
أن يشتهيني صديقك و هو يعلم ما بيننا ، أن أتركك و أسمح له بالاقتراب مني ، أن أضع نفسي وسط دائرة أصدقاء دون أن أعي ... ألعاب صبيانية تثير غضبي .
تقول الحكمة : أهرب إن شعرت بأن المنطق يرفض إحساسك و بأن قيمك ترفض إحساسك و بأن نقاءك يرفض إحساسك و بأن إحساسك يرفض نفسه ؛ و أرفض أنا الكهرباء التي تنشؤ بيني و بين أعزّ صديق لك .
"و أنا موت القمر
تحت وجهي
جرس الليل انكسر "
يعم داخلي خرس و هدوء شديد ، لا أمتلك صوتا داخليا ينبهني ، و كأنني أطفئت ذاتي عندما كسرت الرابطة معك ...
و شيئا فشيئا غياب هذا الصوت الداخلي جعلني لا أكتب ، و إني أشعر أنها وسيلة من وسائل الكتابة في معاقبتي أو من وسائل الله في حرماني ؛ هل تعلم ما الذي تعنيه الكتابة لفتاة مثلي ؟ أنا فتاة أبكي حبرا و أذرف كلمات ، أنا فتاة أصرخ أسطرا و أفرح نصوصا ، ألّا أكتب يعني أن أصبح مثل الآخرين ، أنتفخ بمشاعري كبالون مملوء بالهيليوم من غير أن أستطيع إفراغ نفسي المعبئة بالألم الذي لا أستطيع إخراجه رغم مرارته المريعة المترسبة على رفوف صدري و خزائن قلبي .
تلتف المشاعر حول جسدي العاري كعلامة استفهام غير مرئية ، أشعر بها أنا وحدي ... أشعر بمروري على بواطن الأشياء نحو سطحياتها دون أن أتوقف للتأمل ، أعبر تضاريس الوقت حادة كالأشواك ، منسابة بكل أريحية كالسهول دون أن أستطيع زرع البهجة في روحي ، من غير أن تستطيع تغميس جراحي في الكلمات لعلها تبرأ .
أعيش أنا الحداد هته الأيام ، على الكلمات التي أفقدها من عقلي ، على الأفكار التي أجهضتها و لم ألِدها ، أعيش عليها الحداد لأنها كلمات لن تعود و أفكار لن تشتعل بعقلي مرة ثانية ، لأني أعلم أن الأفكار تزورنا مرة في العمر و لا تعود .
و الوجوه التي أراها خارجا ، و النظرات التي توقفني لأتأمل فيها دهرا ، و التجاعيد التي تجذبني و الحطام البشري المعتم الذي أطالعه بفضول كما تحوم الفراشة حول النار . هل تظنني يا حبيبي أعيش كل هذا دون انفصام ؟
هل تظنني أخرج سليمة بعد ن أرى كل الشقاء حولي ؟ هل تظن أن الدموع التي لم أذرفها دموعا و لا كلمات لا تدمرني ؟ هل تظنني أمشي حذاك أنت و عائلتي تحبونني بصدق دون شروخ عظيمة في نفسي ؟
قلبي رقيق بالداخل حتى و لو خدعتكم هته الواجهة الصلبة ، قلبي رقيق مثل قطعة من الزبدة ، يدمره الحب و اللطف الموجه نحوي أكثر مما تفعله القسوة .
أنا لا أكتب هته الأيام رغم أنني أسكت بصخب مزعج .
أنا لا أكتب رغم أنني ممتلئة حد الفيضان .
أنا لا أكتب رغم أن الدنيا حولي فوضى و خراب .
أنا لا أكتب رغم أن كلمات الأغاني التي تشاركناها تهز ثباتي .
رغم أنني أتوقف ساعة عند لوحة و ساعة أخرى أمام نظرات الأعين .
رغم أنني لا أريد ان أتركك أو أجرحك ، و لا أريدك أن تحبني فتتعلق بي فأكسرك .
لأنني أرى القادم بعين الوعي ، كما لا تفعلون ؛ لأنني أعيش بالحدس و أذكر أنني قلت لنفسي دوما أنه مع امرأة مسكونة بالحدس مثلي ، يولد الحب مكللا بالفراق .
حدسي لا يشعر بك على وشك إيلامي ، بل يشعر بي أنا نفسي أتمايل على الطريق فأؤلمك أنت و أتألم أنا لأنني آلمتك .
بعثت لي أنت مقطعا من أغنية فرنسية إنتشيتَ بها و أذكر و أنني أعيد قراءة كلماتها دون توقف تساءلت إن كان حدسك يقودك على الطريق تماما مثلي ... شعرت أنك تعلم ... أنك رغم كل الفوضى تحس بطاقتي و بمشاعري المبعثرة
" ماضيكِ
أخطاؤكِ
ثقيلان للحمل
لن أمتلكَ أكتافا
لأتحملهما "

وعد Onde histórias criam vida. Descubra agora