17

7 3 0
                                    

تلمع أفضل أفكاري دوما في الليل ، دون أن أتوقع ذلك و كأنني أتحول إلى شخص جديد ، تلمع عيناي فجأة بكلمات تعبر رأسي كصواريخ نفاثة تجعلني أبدو من فرط التركيز كأنني دخلت في عالم مواز ، و لعلي حقا أدخل في عوالم موازية ... لأنني أتمكن بكل سهولة من التسلل إلى داخل رأسك و جعلك تفكر فيّ أو جعلك تسترجع ذكرياتنا معا ...
تبدأ الحكايا معك دوما ب"أنا" تقول أنا و تبدأ تسهب في الحديث عن نفسك ، تجعلني أنفصل عنك ، و أنفصل عن مرآة الآخر الذي هو أنت لأنك تتحدث عن نفسك بأنانية و تركيز يدهشانني و يجعلانني أتساءل لماذا تعشق تسليط الضوء على نفسك بهته الطريقة .. في الحقيقة الوقت يخنقنا منذ أن كنا أجنة في بطون أمهاتنا و اليوم و سنون العمر تركض بجنون لا أملك الكثير من الدقائق حتى أضيعها على سفاسف الأمور
هناك هذا الهدوء الذي تزيد وطئته علي نفسي يوما تلو يوم ، هدوء أراه يحرق أعصاب البعض و يثير الرعدة في أطراف البعض الآخر ، مؤخرا انفجرت إحدى قريباتي في وجهي بالصراخ و البكاء بشكل هستيري ، نوبة جنون هكذا فكرت و أنا أنظر إليها باندهاش ، كانت تلقي عليّ شتائم لم أفهمها و تلومني على تصرفات لم أفهمها كذلك ، طلبت منها مطولا أن تشرح الأمر ، لكنها لم تتذكر شيئا فعلتُه فأغضبها لهته الدرجة غير أنها ضلت تكرر بعدها : أنت تعلمين ماذا أقصد ، أنت ذكية و ماكرة جدا بحيث لا تتركين أية أدلة ..
المزعج في الأمر كان أنني فهمت أن هدوئي الحارق للأعصاب قد أصبح يزعج الكثيرين الذين لستَ من ضمنهم ، كان يغريك هدوئي ، و كأنك كنت تدرك أنه خلف صمت الهادئين حروب ضارية ...
كل شيء مؤخرا أصبح يؤلمني فجأة ، صراخ أخي الغير مبرر ، تجاهل أستاذي لسؤالي ، إشاحة أمي بوجهها عندما تصطدم عيناي بعينيها ، كل شيء أصبح يزعجني ، الضجيج الفوضوي ، و التجمعات و الطوابير الطويلة و الإسهاب في الكلام ابتعادا عن لب الموضوع ، كل شيء أصبح يثير غضبي ، تأخر الآخر عن موعده ، و نسيان صديقي لما طلبته منه ، أسئلة العائلة الفضولية ، و إلحاح الأطفال الصغار ... تبدو المواقف كسلحفاة ضخمة تسير فوقي ببطء و تسحقني لكنني أبتلع الألم بهدوء و بصمت طويل و ممتد كالأزل في فصول سنواتي ... أُدوِّن نصا قرأتُه مؤخرا على كل ورقة تمر تحت يداي
" أنتَ أوهن خطوط الكف التي قرَأَتها العرّافة في منتصف خط العمر ، و قالت هذا حربك ، و أعظم هزائمك و أبخس انتصاراتك
سألتها : سلامتي بخسة ؟!
بل خسارتكِ غالية "

...

حظرت حساب صديقك .
رفعت الحظر عن حسابك . و بعثت لك رسالة صوتية ، تأخرت قليلا في الرد عني لكنك أجبت في النهاية ! تحدثت معي بهدوئك المعتاد و بلمسة من اللوم و الفضول القارس ، و سرعان ما أسقطت حصونك و قلت أنني كسرت ثقتك .
في نظرك هذا كل ما فعلته : كسرت ثقتك
قلت لي كم أحببتني ، قلت لي أنك عشقتني و في أواصل البعد أدمنتني ، لكنني أنبتُّ برعونتي من تراب الحميمية سيفا قطعك و قطع كل ما كنت مستعدا لفعله من أجلي ..
ثم كررت مطولا على مسامعي أنك أصبحت تكرهني و أنك لم تتخيل يوما نفسك تكره فتاة كما تفعل الآن معي .
كنت أبتسم و أنت تتكلم ... كنت أريد الوصول إلى هنا و ها قد وصلت ... لكنك تسألني عن غفلة مني :
لماذا فعلتِ هذا ؟
أرتبك ، أخلق أعذارا واهية ، لأنني لا أعرف العذر الحقيقي حقا ... لكن المثير للغيظ أنك تعرف أنني فعلت ذلك من أجلك ، لا لأنني أعجبت بصديقك
أعتذر منك لأنصرف
تقول بحدة : واجهي نفسك و توقفي عن الهرب
فأهرب فعلا .
كالوعي الغائب ، أتقيأ قلقا .
أتنفس حمما ، و أدفق الأسماك من بحاري نحو شواطئ الطنين ..
بين جدائل الصبية خبئت لك هناك كلمات منسية
تصف لك كيف رفضت الرقص على أحجار العبودية
و جعلت من أحجار الحب عقدا للحرية
أحطته حول عنق عشقك الرقيق
حتى أكسر رأس الإدمان
بين انحناءات جسد الصبية ، تركت لك وشما
يدرِّسك كيف يكون حبي لعنة مقضية
و كيف تكرهني حبا
و تتسائل هل سأكون هناك دوما و للعمر بقية
خلّدت لك من دمائي شعرا
علمك أن الشجن ، و الكظم ... في عيني المرأة يقترب من الغضب و الحقد بين شفاهها .
أردتك أن تتعلم الصبر
صديقا وفيا
و ألا تلتاع على جسدي ، و شعري ، و بشرتي ، و نظرتي ، إن أنا حكمت عليك ببعدي .
نقشت لك على الهواء
مزار السمفونيات الهاربة من هيمنة التكرار
لحن قصتنا
و انفصاماتنا
و لقاءاتنا
و بعدنا
و قربنا
و رائحتنا تمتزج معا ،
أردتك أن تعلم أنني بدون قيد ، و أن القيد عليّ يكسرني !
وأنني أتنفس من و إلى كلماتي لا كلماتك
وأن سري وشوشة أهمسها لجذع الشجرة فتهتز أغصانها بعنف
لكنك ظللت تلح ، و لم أعرف أنا على أي ورق بردي كان يجب أن أكتب الكلمة الأخيرة ...
و لم أعرف كذلك مالذي يجب أن تعنيه كلمتي الأخيرة ، لأن القصة معك كانت عشوائية ، على هوى نفسي و تقلباتها ..
و في لحظة شرود سألتني إن كنت أحبك حقا
و أنا لا أدري إن كانت المشاعر التي أكنّها نحوك حبا و تساءلت لماذا تريد معرفة ذلك ما دمت تكرهني كما تدعّي ، لأنني كنت أعلم و كنت تعلم أنني أعلم أنك تكذب و أنت تقول أنك تكرهني
أجبت بأنك تبدو لي حلوا و لطيفا ،
أصررت أنت على كلمة أحبك
و ببساطة قلتُ نعم
كانت نعم سلسة ، بسيطة و معبئة بالمعاني و التناقضات
فسألتني دليلا ، و سألتك أنا ما الدليل ؟! لكنك أصررت على أن أخلق لك دليلا على حبي ...
و باندفاع مفاجئ طرئت الفكرة في رأسي دون سابق مقدمات : سوف أؤلف لك كتابا . و أسميه وعد 

وعد Where stories live. Discover now