8

12 4 0
                                    

وشمتها على ظهر اللانمحاء وشوشتك و أنت تقول أن عيناي قاسية ، و رعبكم و أنتم تدركون أنه ليس فيها مكان .
قوتي تثير الذعر في قلوب الكثيرين ... قوة التخلي
خائنة الأعين تخبرني ، أنني أملك شيئا لا يملكونه .. تفضي إلي أسرارا من بئر الصمت ، ترقص على الوجدان رقص التنين حول النار الملتهبة ... أن تكوني بردا و سلاما عليّ .
لأنني أستعجل الرحيل . أوضب الحقائب و أحشيها بعطر الخزامى ، أتلفع بالنور ... و تشرق ملامحي الفاتنة من غير إرادة .
يسترجيني الماء عشيقة ؛ و تطلبني النار جسدا و روحا . في أزمنة البلادة أرقص على جماجم فارغة ، تطؤها أقدامي فتسحقها ، ألهب حولي الغيرة ، و أستمر بالرقص ... إنحنائاتي تضيع سهام الحقد و أستمر بالحركة بشكل لولبي يمتص طاقتهم ، يسرقها .
كلماتي تأخذ شكل السكين ، ألغِّمها أنبت لها أيادي و أرجلا ، تعلِّمكم كيف ينتفض الذئب داخلي و كيف يكشِّر عن أنيابه . ألثُم الكأس المقدسة ، أطهِر شفاهي بتمتمات من لغة سيريالية ، و أشعر بأنفاسك الحارة تريد بها الإقتراب ، لكنني أسخر منك و أدفعك . كم عانيت معك التناقضات !
يسكنني إلى حد اليوم جدل صراع الرجل و المرأة ، انبثق منذ عهد سيدنا آدم و سيدتنا حواء إلى القرن الواحد و العشرين ؛ حكاية lilith قبل حواء ؛ حكاية حواء خلقت من ضلع آدم دون أي دليل ؛ حكاية حواء قضمت من شجرة الخلد المحرمة قبل آدم ، حكاية هابيل قتل قابيل لأنه اشتهى زوجة أخيه ، حكاية جسد المرأة ، عورة المرأة ، ضعف المرأة ، نقص المرأة ، كيد المرأة ، فتنة المرأة ... مكتبات كاملة تكتب في المرأة ، حكاية مريم المجدلية زوجة سيدنا عيسى عليه السلام ، تدنيس شرف و رمي محصنات ... حكاية السيدة عائشة رضي الله عنها تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم في عمر الثامنة ، دسائس يهودية في قلب الدين الإسلامي ، تشويه عظيم لصورة المسَلَّمَات .
تساءلت دوما عن السبب الذي يجعل المرأة تحظى بكل هته الجلبة فيما يخصّها ، هناك مواضيع أخرى تشغل العالم ، مواضيع أكثر أهمية و أكثر عمقا ... فلماذا نكون نحن النساء دائما ؟!
سئلني صديقك منذ مدة قليلة عندما كنا نتحدث معا على أحد المقاعد العامة عمّا ستضيفه فتاة إلى حياته : أعرف الطهو و غسل الملابس و إدارة حياتي و تخطيطها ... كان يقصد أن المرأة بالنسبة له ليست سوى أداة جنسية ؛ قررت ألا أجيبه لأنني أنفعل دوما في هذا النوع من الأحاديث و أفقد السيطرة على كلماتي ... لكن أفكاره لا تزال تكويني كلّما تذكرتها . أردت اليوم أن أكلمك أنت ، خوفا من أن تكون عدوى صديقك قد انتقلت إليك . خوفا من أن يراني الرجل الذي أحببت كخادمة تغسل ملابسه و تدبر شؤون بيته و تشبع رغباته الطارئة إن هي طرئت ؛ هذا النوع من التفكير يخنقني ... يثير فيّ الرعب ، أتذكر عند سماعه كل التضحيات التي قدمها أبي و أمي من أجلي ، أتذكر كل الآمال التي وضعتُها على كتفي ، أتذكر مثابرتي و إيماني و رغبتي في التقدم و المضي نحو الأمام ، أتذكر كتبا قرأت فتحت لي آفاقا واسعة ؛ و أراك أنت الرجل بعين الاستصغار بضعف الجهل تتطاول علي أنا المرأة لتخمد لهبي و تدفنني !
لن أنكر أبدا حاجة المرأة إلى وجود رجل في حياتها ، لن أقف ضد فكرة الزواج و بناء عائلة ، بل إنني من مؤيدي هته الأفكار ، لن أحارب الرجال أبدا و لن أدعو النساء للعري و ترك البيوت و التخلي عن الأطفال و كره رجالهن ... أنا لن أدعو امرأة إلى التخلي عن مسؤوليتها و دورها في بناء المجتمع و لن أؤيد الانحلال الخلقي كيفما أخفى نفسه تحت أسماء جديدة مبتذلة كالحرية أو الموضة ... لكنني سأقف لأرسم لك الحد الفاصل بين اختيار المرأة كشريكة عمر و زوجة و بين اختيار خادمة .
تقوم العلاقة بين الشريكين على التقبل ، على التعاون ، على أن يكون كل منهاما للآخر ملجئا و سندا . لم تكن القصة يوما في من سيتحكم في الآخر أو من يجعل من الآخر عبدا له ؛
قلت لك ذات يوم أن الهدف من العلاقات هو الراحة والرحمة:

"سَنشُد عضُدَكَ بأخيك"
"إذ يقول لصاحبهِ لا تحزن"
"وجعلَ بينكم مودةً ورحمة"

لم نُخلَق لإثبات حسن النوايا، أو لنسعى لننتصر على بعضنا في أوقات الخلاف، لم نخلق لنستنزف أيامنا في علاقات صعبة ولا لننفق أعمارنا محشورين في زوايا الهدم والرتق..
كلمة صادِقة كفيلة بإنهاء الخلاف.. كما تفعل أنت دوما معي في خضم جنوني
نظرة أمان ستنزع الخوف من القلوب... كما تصر على رؤيتي عندما نتشاجر
أظن اليوم أنك أُعجِبت بكلمتي هته ، لأنني قلتها لك على بساط التعب و الطحن من الحياة .
أتساءل اليوم إن كنتُ فعلا أؤمن بكل هذا فلِم تركتك و رحلت ، كقطة خائفة أو كخائنة كاذبة ؟!
أشتاق إليك . شوقا صامتا ، أبديا ، قاسيا ، أشتاق إليك و أمنع نفسي من المشي إليك . لأن الشعور بك بعيد عن كونه حقيقيا ، السعادة بيننا بعيدة عن الاستمرار و أخشى أنا أن أفقد ، أو أُخذل فألملم شتات ضعفي و أرحل .
شاهدت أحد الفيديوهات مؤخرا يتكلم عن متلازمة نفسية تسمى separation anxiety أي قلق الانفصال . أُظهِر كل أعراضه رغم أنني أسيطر عليها بشكل رهيب إلا أنني أظهرها ؛ و هو ما جعلني أقطع فجأة علاقاتي ببعض الناس ممن أعطيهم مساحة شخصية في حياتي ... تماما مثلك ، دون النظر إلى الخلف . كنت أعاني من بعض نوبات الهلع في طفولتي أذكرها إلى حد اليوم ... أعاني من أرق ليال متواصلة أقضيها في البكاء و أنا أتخيل فقدان أحد والدي ... و اليوم أظن أن كل مالم أعره انتباها في شخصيتي يعود عليّ بعواقب وخيمة أدفع ثمنها باهضا . هل تركتك لأنني أعاني من رهاب الانفصال ؟
و هل ستغفر إن عرفت ذلك ؟

وعد Where stories live. Discover now