25_هيا أيها الغَـوث

40.2K 2.9K 1.1K
                                    


"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخامس والعشرون"
      
                    "يــا صـبـر أيـوب"
      _________________________

تَوَكَّلتُ في رِزقي عَلى اللَهِ خالِقي
وَأَيقَنتُ أَنَّ اللَهَ لا شَكَّ رازِقي
وَما يَكُ مِن رِزقي فَلَيسَ يَفوتَني
وَلَو كانَ في قاعِ البِحارِ العَوامِقِ
سَيَأتي بِهِ اللَهُ العَظيمُ بِفَضلِهِ
وَلَو لَم يَكُن مِنّي اللِسانُ بِناطِقِ
فَفي أَيِّ شَيءٍ تَذهَبُ النَفسُ حَسرَةً
وَقَد قَسَمَ الرَحمَنُ رِزقَ الخَلائِقِ

_الإمام الشافعي.
__________________________________

قد تكون كل الطرق خائنة و أنتِ وحدكِ درب الأمان، وربما كنتُ غريبًا أصبحتُ مُستأنسًا بكِ، وربما كنت لا شيء وبكِ غدوت كل شيء، والآن أخشى ذات يومٍ تسأليني "من أنتَ" فأتلعثم في الجواب، فكيف لي أن أملك الجواب وأنا عرفت الدرب بكِ وتلاشت عني غُربتي وذهب ألم كُربتي، وكي أكون صادقًا لم أكتشف كُربتي إلا بعد إيجادك، سبق وقال الإمام علي أن "فقد الأحبّة غُربة" وأنا كُتِبَ عليَّ داء الغُربة طوال العُمر وكان الدواء فيكِ أنتِ، فعسى أن يسعني الصبر كي أنول حُبكِ حتى وإن تطلب الأمر أن أكون في صبري كما صَبِرَ "أيوب" وأريد منكِ سماع قلبي حين يقول أن الرحمة في وصالك والقسوة في معايشته منكِ معضلة "يعقوب"، فلا تحكمي عليَّ بالغُربة وقد مر العُمر وكفى القلب وكفاني من العيش في الكُربة.

         <"ربما يكون فرحًا…لكن أين الشعور"؟>

كان بين ذراعي والدته بعدما قطع لها وعدًا بمجيئه لها من جديد وقد صدح صوت جرس الباب فتحرك "يوسف" يفتحه وفور فتحه له وجد "علاء" أمامه مما جعل عينيه تتسع بشررٍ ازداد عنده حينما هتف "علاء" بنبرةٍ هادئة وأدبٍ يخالف طبعه:

_مساء الخير ممكن كلمتين؟؟.

نظر له "يوسف" بتأهبٍ كمن ينتظر ساعة الصفر ليعلن هجومه حتى هتف الأخر بما أشعل نيران صدره:

_أنا عرفت إنك أخو "قمر" وعلشان كدا جاي طالب القُرب منك فيها.

انفرجت شفتاه عن بعضهما بذهولٍ مقروءٍ من خلال تعابير ملامحه الجامدة فيما أتت "غالية" من الداخل حتى تسأل عن هوية الطارق وما إن وجدت "علاء" أمامها تحدثت بنبرةٍ جامدة توبخه:

_أنتَ ليك عين تعتب هنا يا بجح ؟؟ جاي ليه بعد عملتك السودا دي؟؟.

هتف ببرودٍ لا يتناسب مع الموقف بأكمله:

_جاي أطلب أيد الآنسة "قمر".

شهقت "غالية" بصدمةٍ جلية على ملامحها واتساع بؤبؤيها وقد فرغ فاهها باتساعٍ وهي تحرك رأسها بآلية شديدة نحو ابنها الذي التمع الشر في عينيه وأمسك الأخر من تلابيبه يسحبه نحوه وهو يهدر من بين أسنانه بوقاحةٍ كعادته:

غَــوْثِــهِــم &quot;يا صبر أيوب&quot;حيث تعيش القصص. اكتشف الآن