84_ عداء العقول.

58.4K 3.5K 997
                                    


"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الرابع والثمانون"
      
                    "يــا صـبـر أيـوب"
           ____________________

إن الله جعل الدنيا دار مفرّ
والآخرة دار مقرّ،
فخذوا لمقركم وأخرجوا الدنيا من قلوبكم
قبل أن تخرج منها أبدانكم,
ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم،
ففي الدنيا حييتم ولغيرها خُلقتم.

_"مالك بن دينار".

_صلِّ على سيدنا محمد ﷺ

__________________________________

لا يُحق للعالم أن يسأل لما أُحِبك..
إذا كنت أنا بذاتي لا أعلم لما أُحبك؛
لكن دعيني أسمع لقلبي لعله هو يعلم الجواب ويخبرني لِما حفظ لكِ وَحدكِ الحُب ومن بين كل العالم بأسرهِ أَحبَكِ..
رُبما لأنكِ كُنتِ الألفة وفي وطنٍ كله غُربة،
أو رُبما لأنكِ رحمةٌ لقلبٍ ألمته الكُربة،
أو لأنكِ أحببتيني بقلبٍ أعطاني حُبًا بمقدار كل الأحِبة؟
أو لأنكِ حقيقة وسط عالمٍ عبارة عن أكاذيبٍ وكلام العيون به أكبر كَذبة، وبرغم ذلك لازلتُ أرىٰ أن الحُب والخوف شيئين مُتلازمين، لكن أولًا قبل أن تُسيئي ظنوني دعيني أُخبركِ أنني لا أخشاكِ بقدر ما أخشاني أنا، فأنا أيضًا بداخلي يقبع غريبٌ لا أعرفه ولا أعلم ما يفعله لكنه حقًا لم يكن أنا..
هو فقط يُخالفني في كل شيءٍ حتى هويتي أنا،
لكن الوفاق بيننا كان في حُبكِ حينما تعارفنا على قلبكِ وناداه قلبي حينها مُهللًا بسعادة طفلٍ صغير:
"كيف حالك يا أنا، فأنتَ هو أنا
والقلب قلبٌ شاغرٌ لكن لأجلك أصبح مكانًا
وبِكَ تلاشىٰ الخوف وعرفنا للأمان عنوانًا".

<"إن سكت أهل الحق عن الحق، أصبح الحق باطلًا">

بكى "نَـعيم" بعدما ألقى حديثه على الأخر وقد شعر حقًا بفقد الأمل في إيجاد صغيره بينما "منذر" خطفه بين ذراعيه مُقدرًا مشاعره وقال بنبرةٍ باكية مؤازرةً له:

_مش غريب، "تَـيام" مش غريب عنك، هو ابنك يا عمي، الوحيد اللي طلب حضنك ولما إديته ليه طلع دا مكانه.

إذا كانت بعض الكلمات تقتل فها هي الكلمات التي تُحيي القلوب من جديد، جمده ابن شقيقه بهذا الحديث ولأول مرة يظل مكانه جامدًا دون أن يحتضنه كما اعتاد بل ظل صدى الكلمات يتردد في أذنه واسم "تَـيام" يدور مثل الحلقات الدائرية في سمعهِ، حديثٌ يحمل أكثر من معنيين معًا وكأنه سلاحٌ ذو حدين، الاسم وحده صدمة قاتلة لكل مافيه.

شعر "مُـنذر" بتجمده وصلابة جسده وكأنه أصبح تمثالًا بلا روحٍ وحينها أبتعد عنه للخلف بنسبة قليلة يراقبه بعينيه الدامعتين وحينها تلاقت نظراتهما سويًا في حالة خدرٍ من "نَـعيم" ناهيك عن صوت نبضاته الذي نازع الصمت بينهما، حينها أمسك "مُـنذر" كتفيه وكأن حالهما تبدل وهتف بإصرارٍ لمعت به عيناه ناطقةً بفرحتها:

غَــوْثِــهِــم &quot;يا صبر أيوب&quot;Where stories live. Discover now