14/المافيا القانونية

32 3 16
                                    

كان الجو عاتما جدا ، عاتما جدا لتتقبله ! .

الغيوم سريعا ما تتلاشى ، أين تغادر و ما هو مصدرها ، علميا سيكون منطقيا جدا ، لكن المعنى الروحي ليس بالثابت البتة و لكل تعريفه الخاص، فمثلا جيسيكا كانت تعتقد أن الغيوم تظهر في السماء في كل مرة تشعر فيها الأخيرة بالحزن ، في كل مرة تعيش فيها السماء حزنا جديدا ، كان ميلادا لغيمة جديدة و مفهومها هذا الذي إخترعته جعلها تستلزم أن تكدس الغيوم و إنضغاطها راجع لكثرة الألم ، و بعدها المطر المتساقط عنها هو تفريغ للخيبات فحين تختفي الغيوم تكون بذلك السماء في أوج سعادتها .

لكن هل اختفت الغيوم يوما ؟ الجواب هو لا ، لم تفعل و لو لساعة وحيدة في النهار لأن الحزن لا يغيب عن قلوبنا يظل موسوما هنالك مهما إقتنعنا أننا سعداء بما يكفي ، أنت ستجد ما يؤرقك لكنك تدفعه بعيدا جدا و هذا ليس بموضوعنا حاليا .

الموضوع أن جيسيكا كانت لا تزال نائمة على السرير القطني الأبيض تشعر براحة كبيرة لكن رأسها يؤلمها جدا ، حتى أثناء نومها كانت تستشعر نغزات قاسية على رأسه إثر الشراب الذي إحتسته ، تقلبت يمينا و شمالا تبحث عن راحتها في جانبي السرير و تناثر العسل في خصلاتها على الوسادة المنتفخة أسفلها ، كانت لا تزال ترتدي ثوبها من الأمس بأزرار شبه مفكوكة كي لا تخنقها ليلا ، لكنها مذ أن علمت أن لا جدوى من إسترداد حصة نوم ضائعة بسبب وجع رأسها فتحت عينيها فجأة ترمش مرارا ، مررت يديها على رأسها ووجع كبير يحتلها لذلك ضغطت بأناملها هنالك و جعدت حاجبيها و ملامحها ، مرت ثوان و هي تحاول إستعادة وعيها و تذكر ما حدث ، لأنها فورا حين فتحت  خضراوتيها و لقيت محيطا غير معروف ، إستغربت تقبض حاجبيها .

إستقامت جيسيكا بجزئها العلوي ببطئ ترتفع معها خصلاتها العسلية و ملامحها المحمر نتيجة  النعاس ، ثم هي رمقت ضوء النهار المنبعث ببهجة من خلف الستائر الشفافة على النافذة و تذكرت حينها ماهية هذا الموقع ، تذكر جيدا لحظة إختطافها من قبل الوغد الحقير يونغي و انها وجدت نفسها في غرفة مشابهة بل هي ذاتها ، و هذا ما دفعها لتناظر الأجواء حوليها بتشوش ، لم تعلم ما يحدث حوليها و لا كيف عليها أن تتفاعل مع هذا ، لأن ألم رأسها كان أكبر من أن تقدر على تحمله حقيقة ، زفرت بألم لكن ما شد إنتباهها الورقة أعلى غطاء السرير، بدت كأنها وُضعت حديثا لذلك إلتقطتها بإستفهام على ملامحها و قرأتها ثم رفعت حاجبا لأنها لم تتوقع هذا البتة .

-شربت كثيرا البارحة و لعله سيجعلك تعانين من صداع رهيب ، لذلك الأقراص اعلى الدرج رفقة كأس الماء لأجلك ، و لا تقلقي ليست مهلوسات ما ! .

وجه مبتسم في النهاية مرسوم بطريقة جذابة فقط لأن الوغد يجيد الرسم ، لعله فعلها عمدا أن يرسم شيئا ما بمهارته الفذة فقط لتتعرف على شخصه ، هو لا يعلم أن خطه المميز لوحده أداة كفيلة بجعلها تتعرف عليه ، أبعدت خصلاتها خلف أذنها و تركت الورقة بعدما توضح سوء الفهم ، مدت يدها لتلتقط كأس الماء و القرص و تضعه داخل ثغرها ترتشف منه ، و بينما هي في صدد ذلك تدفقت داخل عقلها صور مقيتة ، وجدت نفسها فجأة تتذكر مشاهد غريبة .

المصيدةWhere stories live. Discover now