44

1.6K 97 1
                                    

ترى أرجوان عينين تشبهان عينيها اللتين تراهما في انعكاس مرآة غرفتها كل ليلة، عينان تحملان من الحزن والهم ثقلاً وترغبان باخفاء هذا الحزن بشدة، عينان تحبسان الدموع الحارقة وتحاولان التحدث بلغة السعادة والرضا ولكن لا تستطيعان.
كم حملت عينا آدم حزناً دفيناً، وجرحاً قديماً، وشوقاً مريراً وفي هذه اللحظة تبادل آدم وأرجوان النظرات بصمت.
آدم يكسر هذه اللحظة ويشيح نظره ليأكل من البطاطس المقلية ويضحك.
آدم: هل ترغبين بالذهاب إلى مكان مبهر؟
أرجوان لا زالت مرتبكة: اين؟
يبتسم آدم وهو ينظر إلى أرجوان.
-----
يجلس آدم وأرجوان على مبنىً يطل على المدينة بأكملها ويأكلان البوظة، المدينة تتلألأ بأنوار المباني التي تكسر ظلام الليل الدامس، تنبهر أرجوان بما ترى ويخطف هذا المشهد أنفاسها فتأكل البوظة وهي تراقب المدينة بصمت، آدم ينظر إليها ويبتسم.
آدم: لقد عملت في هذا المبنى في ايام مراهقتي.. كم أكره هذا المكان وكل ما يتعلق به..فكنت في وقت غدائي أرفض الخروج لتناول الطعام في ذلك المطعم.
يشير آدم إلى المطعم في الجهة المقابلة.
آدم: لأنني لم أرد رؤية المبنى وقت الغداء لذا آكل هنا.
تبتسم أرجوان.
أرجوان: مثل الكاتب والشاعر الفرنسي الذي كان يكره بشدة برج ايفل فكان يتناول الطعام كل يوم تحت البرج.. وعندما سألوه عن سبب تناوله للطعام تحت البرج على رغم كرهه له.
آدم يقاطعها ويكمل: قال لهم...لأن هذا المكان الوحيد الذي لا أرى فيه برج ايفل امامي.
أرجوان تنظر إلى المدينة وتمر لحظة صمت ثم تختفي ابتسامتها.
أرجوان: أتسمع هذا؟
آدم لا يستمع لشيء وينظر حوله.
أرجوان: صوت السكون...سكون الليل...هذا السكون يخيفني دوماً.
آدم: لماذا؟
تنظر أرجوان إليه ولا تجيب.
آدم: لم نلتق سابقاً قبل هذه الليلة...لا أحكام بيننا..لا معارف ولا جدران..قد لا تريني مجدداً وقد لا نتحدث أبداً...انا وانتي نشترك في شيء كلانا لم ننتم إلى تلك الحفلة..وكلانا نحمل ثقلاً في قلوبنا.
تهرب دمعة من عين أرجوان، هل آدم ملاك من السماء أتى أخيراً لينقذها وليخرجها من الحفرة التي تعلم انها واقعة فيها.
أرجوان: سكون الليل..يجذب بعض الأفكار...الغضب...الحزن...لماذا عمي؟ لماذا والدي؟ لماذا كل شخص في حياتي اخسره؟ لمن سأعيش؟ ما المغزى من وجودي؟ واذا نجحت من سيأخذ بيدي ويقول انني جعلته فخوراً...لا املك احداً ..من المحزن أن يكون ويلي عائلتي الوحيدة..وهو ايضاً لا يهتم بي كإنسانة بل منتج قد يجلب ربحاً.
آدم: هل يخيفك السكون الآن؟ في هذه اللحظة؟
أرجوان: لا ولكن في العادة.
آدم يقاطعها: تعلمين لم لا يخيفك الآن؟

عندما أغراها الشيطان..Where stories live. Discover now