حيرة العاشقين

36.2K 849 23
                                    

يقال دائما " لا ينام الا خالي البال", أقر أبطالنا الأربعة بصدق تلك المقولة هذه الليلة حيث لم يغمض لأي منهم جفن أبدا حتى آذان الفجر ولكن كما يقولون "فكل يغني على ليلاه", ففيما يتعلق بمريم فقد جافاها النوم وهي تفكر في مدى تطور علاقتها بالنسبة ليوسف؟ على الأقل بالنسبة لشعورها هي, فلقد بدأت تشتاق لكلماته, تترقب ابتسامته, بل انها أصبحت تحن لسخريته مهما كانت لاذعة. ولكنها تساءلت هل هي بالفعل على استعداد لتتقبله كزوج لها؟ وماذا عنه هو؟ انها تعرف تمام المعرفة ان رجلا كيوسف جلال من الصعب عليه أن يكشف عن شعوره الحقيقي , بل فلنقل أنهم يمكنه أن يعتقد أن تلك الأحاسيس والمشاعر نقاط ضعف يجب ألا يعلمها أحد غيره, ولكن خطر في ذهنها صورة تلك المدعوة علياء وهي تتمايل وتتدلل أمام زوجها دون أن يبدي أي نفور منها وهذا ما جعلها تتخيله ذلك الدون جوان الذي سمعت عنه قبل الزواج والذي يبدو انه لا يشعر بالنفور الا منها هي وحدها "زوجته".

أما عن يوسف جلال الذي كان يجلس في سريره يقرأ في أحد الكتب كعادته الا ان هذه المرة لم يستوعب عقله كلمة مما قرأ, فلماذا تحتل تفكيره بتلك الطريقة التي لم يعتادها مع أي امرأة؟ انه بالفعل قد عرف الكثير من النساء, ولكن لم تستطع أي منهن أن تحتل تفكيره كما تفعل هي الأن ويمكننا القول انه قد أدمن كل حركاتها الطفولية, و قد أصبح يرغبها بشدة على قدر رفضها له, ولكنه يجهل الطريق للوصول إليها. فبالرغم من انها زوجته الا انه لم يعتد ان يلاحق امرأة مهما كان تعلقه بها وخصوصا وهو متأكد من أنها لن تستجيب له.اذن فالحل الوحيد أمامه الأن هو ان يتناسى وجودها بالقرب منه ويستكمل حياته كما كانت قبل ظهورها.

وإذا ذهبنا الى وليد نجد انه ليس بأفضل حالا منهما, فبعد أن خاصم النوم عينيه قد هجر فراشه وخرج الى الشرفة لعل نسيم الليل يسكره فيغلبه النوم, ولكن حينما وقعت عيناه على ضوء القمر الذي كان في طور البدر في تلك الليلة, ليرى وجهها وقد ارتسم على صفحته ولكنه كان وجها حزينا بعينين تملؤهما الدموع تنظر اليه بألم وكأنها تعاتبه, نعم تعاتبه! وهو يعلم ان لها الحق لذلك, فلقد كان قاسيا معها لأبعد الحدود, ولكنه لا يستطيع أن يتراجع عن القرار الذي قد اتخذه, لذا أصر أن يستمع إلى أحكام العقل وسيلغي دور القلب إلى أن يأتي حينه.

أما هي فلم تجد سواه معين على شدائدها, لذا فبعد أن قامت ليلها ظلت جالسة على سجادة الصلاة تناجي ربها ودموعها تسبقها بدون توقف وهي تتذكر كل كلمة جارحة خرجت في حقها من بين شفتيه: إلهي إن يكن ذنبي عظيم فعفوك يا إله الكون أعظم. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. يارب أنا عارفة اني عصيتك كتير وإن كان دة عقابك ليا على معصيتي فأنا راضية بيه و أنا لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه. ربي اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

وفي ظهيرة اليوم التالي يدخل يوسف غرفة سكرتيرة مكتبه وفور رؤيتها له وقفت احتراما وهي تقول بلهجة ترحيبية: أهلا وسهلا يا يوسف بيه, حمدالله على سلامة حضرتك.

غريبة في عالمكTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang