كانت تلك هي إحدى المرات القلائل التي يخرج فيها عبدالرءوف الكامل عن هدوئه وهو يقول والغضب يتأجج في عينيه و يقف مستندا على عكازه: وهو احنا من امتى يا يوسف وعندنا بنات بتتطلق؟
كان يوسف يجلس أمامه في حالة من السكينة والاستسلام كما لم يره عبدالرءوف من قبل وهو يرد بصوت يسمعه بالكاد كل من عبدالرءوف و ابنته وردة التي كانت تجلس على كرسي في مواجهة يوسف حزينة على مصير ابنة أخيها من جهة ووقلقة على والدها من الانفعال الزائد الذي حذره منه الأطباء من جهة أخرى: مريم مصرة وما مش هينفع اني أجبرها انها تعيش معايا غصب عنها أكتر من كدة.
فانفعل عبدالرءوف أكثر وهو يقول: يعني ايه مصرة؟ وانت اصلا من امتى وانت بيهمك رأي حد تاني؟ جرى ايه يا يوسف؟ هو اي ست بتطلب الطلاق من جوزها بيطلقها؟ بالشكل دة ما كنش فيه أي جواز استمر لحد دلوقت.
يوسف: بس المرادي مختلفة, وصعب اوي ان مريم تتراجع عن قرارها.
عبدلرءوف بشك: ليه يعني؟ وهو حصل ايه بينكم لكل دة؟
وعندما لم يتلق أي رد من يوسف لم يصر على سؤاله بل قال وقد خرج صوته رزينا: ع العموم خلاص, وكويس انك ما اتسرعتش وطلقتها قبل ما تيجو, فسيبها قاعدة معانا شوية لحد ما تهدى وبعدين هيبقا لينا كلام تاني.
يوسف: اللي تشوفه.
ثم نهض مستعدا للرحيل: طيب عن اذنكم.
عبدالرءوف: مع السلامة
وبالفعل رحل يوسف, فنظر عبدالرءوف الى ابنته يسألها باهتمام: هي مريم لسة صاحية؟
وردة بنبرة حزينة: انا سيبتها كانت لسة صاحية ويا حبة عيني وشها بقا زي الليمونة من كتر العياط ورافضة انها تتكلم مع أي حد.
عبدالرءوف: طيب انا طالعلها.
فنهضت وردة عارضة مساعدتها: طيب تحب أطلع معاك يا بابا؟
عبدالرءوف رافضا: لا , خليكي انتي, انا عاوز اتكلم ماعها لوحدنا, ولما نشوف أخرة العناد دة ايه؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
جلست وهي تضع وجهها بين ركبتيها وقد جفت دموعها من كثرت البكاء, كانت مريم في حجرتها القديمة بفيللا عبدالرءوف الكامل التي لم تكن تتخيل أنها ستعود إليها بتلك السرعة بعد ثلاثة شهور فقط من زواجها الذي رغم تنبؤها بفشله منذ البداية إلا أنها لم تكن تتوقع له تلك النهاية, كانت مريم تستعيد في ذاكرتها كل ما سمعته من يوسف في لقائهما الأخير وكلمة آسف التي رددها على مسامعها وقد جرحتها أكثر من أن تداويها على عكس ما كان يظن, ثم أخذت تفكر ما الذي جعله يتغير إلى هذا الحد بين ليلة وضحاها؟ وكان الجواب في كلمات علياء التي كانت قد حذرتها منه, فهل ما حدث يعني بأنها كانت على حق؟ وأن يوسف قد اعتذر منها فقط لأنه لم يرد لعلاقتهما أن تتطور إلى تلك الدرجة التي يصعب عندها الانفصال؟ هل كان هذا سبب اعتذاره لها؟
أنت تقرأ
غريبة في عالمك
Romanceمريم حمدي ويوسف جلال هما قطبي المغناطيس المتنافران سواء في النشأة أو السن أو حتى طريقة التفكير تجبرهما الظروف إلى العيش معا تحت سقف واحد، فماذا ستفعل مريم تلك الفتاة النصف أجنبية مع يوسف ذلك الشاب الشرقي حتى النخاع عندما يفرض سيطرته عليها وكذلك عادت...