طرف ثالث

33.8K 822 18
                                    

كانت هدى تجهش باالبكاء وهي تجلس في قاعة الجلوس بفيللا عبدالرءوف الكامل على الأريكة بجوار مريم وتضع رأسها في حضنها ومريم تعمل على طمأنتها وتربت على كتفيها ورأسها وهي تلقي على سمعها بعض الكلمات المواسية على مرأى من ماهر الذي جلس على كرسي آخر بالقرب منهما وهو يتابع المشهد الذي أمامه بعيون جامدة ويبدو عليه السخط الشديد: اهدى يا هدى أرجوكي. خلاص يا حبيبتي كل حاجة انتهت وانتي دلوقتي في أمان وسطينا, انا مش عارفة بس ايه اللي كان وداكي عنده؟ كان فين عقلك وقتها؟

فقالت هدى وهي تبتعد قليلا عن حضن مريم وتقول وقد اختنق صوتها من البكاء: والله يا مريم ما كنت اعرف, والله ماكنت اعرف انه كدة, هو قالي انه عاوز يفرجني على شقته عشان اشوف اللي مش عاجبني فيها ويغيره عشان دي الشقة اللي هنتجوز فيها.

وبنظرة سريعة ناحية ماهر أدركت أنه يحاول بقدر استطاعته أن يحافظ هدوئه حيث قد ضاعفت كلمات هدى من غضبه و أحتضنت مريم بكفيها وجه هدى وهي تقول لها برقة: خلاص يا حبيبتي, دي كانت تجربة وعدت ولازم تنسيها.

فقالت هدى وقد ازداد نحيبها: انساها ازاي؟ انساها ازاي يا مريم؟ ودي حاجة تتنسي؟

هدى مؤكدة: هتتنسي يا هدى, صدقيني هتتنسي.

وفجأة سمعا جرس الباب بالفيللا وما هي الا لحظات قلائل حتى دخل كل من يوسف و وليد وحياة القاعة كالعاصفة وعلى الفور ألموا بالمشهد أمامهما وكان يوسف أول من تحدث وهو لم يفت عليه رؤيته لهدى وهي تكفكف دموعها سريعا وتلك العينين الحمراوين من شدة البكاء فسأل وقد اكتست نبرته بلهجة غاضبة: انا عاوز أعرف ايه اللي بيحصل هنا بالظبط؟

كانت تلك المرة الأولى التي تراه فيها مريم بعد انفصالهما فشعرت بأنها لن تحتمل هذا الموقف وأنها لن تقوى على الكلام, ومع ذلك هي التي تولت الرد على سؤاله بكل ما تستطيع من هدوء: مفيش حاجة بتحصل, كل المسألة اني وحشت هدى فجات عشان تزورني واتأخرت شوية ونسيت انها تتصل بيكم فلما قالتلي اتصلت بحياة عشان ابلغها.

بالطبع لم يقتنع يوسف بكلامها فهو يعلم بأن ابنة عمته لم تكن في يوم من الأيام على وفاق مع زوجته, كما أن دموعها تلك قد جعلته يشعر وكأنها تعرضت لكارثة ما, فهو يعلم تمام العلم أن هدى قلما تبكي, لذلك كان سؤاله التالي لهدى: بتعيطي ليه يا هدى؟ ايه اللي حصل؟

بالطبع لم تجد هدى الرد المناسب على سؤاله فأخذت تنظر الى مريم في قلق تطلب منها العون وقد حدث. فقالت مريم على الفور وهي تختلق كذبة جديدة: اصل حصل مشكلة في الكلية بينها وبين دكتور عشان كدة هي خايفة من انه ممكن يستقصدها ودي اول سنة ليها.

يوسف بشك: واسمه ايه الدكتور دة وانا هروحله واحل معاه الموضوع؟

بدت مريم في ذلك الوقت وكأنها لم تبرع في شيء الا الكذب حيث استمرت في اختلاق كذبة جديدة: وعلى ايه تعطل نفسك يعني؟ الموضوع مش مستاهل, انا وحياة هنروح معاها بكرة ان شاء الله وهنكلمه واهي حياة تعرفه لانه كان بيديها.

غريبة في عالمكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن