الزوج العاذب

36K 831 16
                                    

فتح وليد باب شقته, وقد أفسح الطريق لحياة لكي تسبقه اليها, فدخلت حياة بخطى مترددة, بل لولا دخوله خلفها وإغلاقه للباب سريعا كان من الممكن أن تتراجع وتفر هاربة الى بيتها حيث أسرتها الصغيرة التي تشعر بينها بالأمان وهو ما تفتقده بالفعل في تلك اللحظة. أجالت حياة بعينيها في أنحاء الشقة الواسعة فتلك أول مرة تطؤها قدميها, لانها رفضت أن تفعل ذلك في اليوم الذي اختارت فيه فستان الزفاف بعد كلمات وليد المهينة لها. فوجدتها الآن تمتاز بالذوق الرفيع في كل شيء سواء من تناسق الألوان أو فخامة الأثاث وتوزيعه الدقيق في مختلف أنحاء الشقة بحيث يوضح مدى اتساعها وجمالها. ظلت حياة تتأمل محتويات الحجرة بدقة وإعجاب واضحين أبعدها للحظات عن الواقع الذي تعيشه, حتى انتفضت على صوت يهمس في أذنها من الخلف: عجبتك الشقة؟

ابتعدت حياة عنه قليلا وهي تواجهه لتجيب على سؤاله بنبرة تمنت أن تبدو طبيعية: أه, جميلة ورقيقة أوي. ربنا يجعلها فتحة خير عليك ان شاء الله.

صحح لها وليد مشددا: علينا, ولا انتي نسيتي انك مراتي؟

هزتها الكلمة بقوة من الداخل وهو ما حاولت ألا تظهره له, ولكن بدا أن لا شيء يمكنه أن يخفى عن تلك النظرات المتفحصة, أو أن عينيها كانت صادقة اللي أبعد الحدود, حيث سمعته يسألها بنظرات مسددة الى عينيها مباشرة: ايه؟ خايفة؟

وعندما وجدها تغرق في صمت دون أي أمل في الرد, قال: بس ياريت ما يكونش مني.

وعندما اقترب منها وأمسك بيدها شعرت برعشة تسري في كل أنحاء جسمها, ثم قال وهو يسحبها خلفه برفق: تعالي أفرجك على باقي الشقة.

وقادها الى حجرة الصالون ثم الى حجرة الطعام التي تحتوي على طاولة متوسطة الحجم يحيط بها العديد من الكراسي ثم المطبخ وبعده الى حجرة نوم صغيرة وأنيقة أخبرها بأنه قد أعدها للضيوف ممن تحكم الظروف ليبيتوا عندهم ليلة أو أكثر, وأخيرا أدخلها حجرة النوم الرئيسية ذات السرير العريض وخزانة الملابس الكبيرة والتسريحة التي تشغل تقريبا منتصف الحائط, كما أنها تضم أريكة وزوجين من الكراسي ذات المساند المريحة.

اذن فهل جاء وقت تسديد الدين؟ وما ان خطرت على بالها تلك الفكرة حتى ارتعش جسمها تلقائيا, وقد لاحظ وليد ذلك وهو الذي كان يسد منفذ الباب بجسمه الطويل ويستند على الباب بمرفقه فسألها وهو يقترب قليلا منها: ايه؟ بردانة؟

لم يكن سؤالا عاديا, بل كان فيه من السخرية ما جعل الدموع تتجمع في مقلتيها, فهي تعلم حق العلم أنه مدرك تماما لسبب ارتعاشها ولكن سؤاله كان فقط لاستفذاذها وكأن رؤيته لها تتألم سببا أساسيا يكمل به سعادته التي تسببت هي نفسها في انقاصها, ولكن هل ستستسلم له ليذيقها مزيدا من العذاب لن يمكنها تحمله؟

ولكنه ظل ينظر اليها طويلا بصمت فزاد من ارتباكها لذا قررت ان تبدأ بالحديث فمهما كانت كلماته لاذعة فهي أرحم بكثير من ذلك الصمت المطبق الذي يكاد يخنقها, فقالت له وهي تتجنب النظر اليه: على فكرة, انا متشكرة أوي يا باشمهندس.

غريبة في عالمكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن