آسف

34K 842 26
                                    

كانت حياة مستلقية على السرير و هي لا تزال غائبة عن الوعي وشعرها مبعثرا بشكل عشوائي على الوسادة ومريم تجلس بجانبها وفي يدها زجاجة عطر صغيرة وقطعة قطن تحاول أن تقربها من أنف حياة التي بدأت تحرك رأسها يمينا وشمالا وهي تستعيد وعيها تدريجيا إلى أن فتحت عينيها, فابتسمت مريم وهي تحمد ربها ووضعت ما بيدها على المنضدة الصغير التي بجوار السرير وقالت لحياة وهي تمسح على رأسها بحنان: حمدالله على سلامتك يا حياة, قلقتينا عليكي.

فحاولت حياة النهوض وهي تشعر بالوهن وساعدتها مريم إلى أن استطاعت الجلوس وهي تستند برأسها على الوسادة بالخلف, وضغطت على يد مريم والدموع تتجمع بعينيها وتسألها بتوسل: أنا كنت بحلم يا مريم, مش كدة؟ بالله عليكي لتقوليلي ان كل دة كان مجرد كابوس.

كانت مريم تتمنى أن تؤكد كلامها إلا أنها لم تستطع فنظرت إليها بعيون مليئة بالشفقة وهي تقول: للأسف يا حياة كان حقيقة, عماد شاكر عزالدين كان موجود هنا ولسة ماشي دلوقت وجوزك نزل يوصله بعد ما اتأكد انك بخير وكمان عشان يجيب حاجة من الصيدلية نفوقك بيها.

وما ان سمعت حياة ذلك حتى انهارت تماما وأخدت تلطم وجهها بيديها وتبكي بحرقة وتتفوه بكلام غير مفهوم استطاعت مريم أن تتبين منه القليل بصعوبة حيث كانت تندب حظها: ليه بس كدة يا ربي؟ بعد ما كنت بدأت أنسى؟ بعد ما كنت بدأت أعيش حياتي؟ هو أنا مش مكتوبلي أفرح بقا؟

فجذبتها مريم إلى حضنها وهي تبكي لبكائها و تقول لها مواسية: اهدي يا حياة واستغفري ربنا.

وبالفعل بدأت حياة تردد الاستغفار إلى أن شعرت بها مريم تهدأ قليلا فأبعدتها عنها برفق وأخذت تجفف لها دموعها وهي تقول لها محاولة التفكير بعقلانية: حبيبتي احنا لازم نشوف دلوقت احنا هنعمل ايه في المصيبة دي؟

وكأنها بسؤالها ذلك أثارت دموعها من جديد, فقالت وهي تنتحب: مش عارفة, مش عارفة يا مريم, ياربي بقا من بين كل الناس يطلع دة صاحب جوزي, الانسان اللي دبحني؟

فحذرتها مريم وهي تضع اصبعها على فمها: هسسسس,وطي صوتك عشان يوسف برة وممكن يسمعنا.

حياة: طب قوليلي انتي يا مريم, اعمل ايه؟ وأتصرف ازاي؟

مريم: مفيش غير حل واحد. انتي لازم تقولي لوليد لآن هو الوحيد اللي هيقدر يتصرف في الموضوع دة, واهو كدة كدة عارف كل الحقيقة ومش فاضل غير انه يعرف اسم الشخص دة وبس.

فقالت حياة ترجوها وهي تحتضن يدها بتوسل: لا يا مريم, بالله عليكي بلاش وليد, عشان خاطري يا مريم وليد لا, وليد عصبي ودمه حامي ولو عرف ممكن يقتله, ومحدش عارف الزفت اللي اسمه عماد دة ممكن يعمل ايه؟ دة واطي وندل وممكن يأذيه, وفي الحالتين هخسر وليد.

مريم وهي تبدي تعاطفا معها: امال هتعملي ايه بس؟ ومش جايز كمان عماد هو اللي يقوله؟

حياة: لا, مفتكرش, اللي زي عماد دة جبان ومش ممكن يعترف على نفسه بجريمة زي دي.

غريبة في عالمكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن