٢٤⇜ إرتباك

947 134 53
                                    

تجرّعُ المرّ لن يكون أفضل حتى وإن طالَ الزمن
لكن ربما تعتادُ على طعمه،
فعدمُ الشعورِ بالألمِ عندَ لمسِ جمرةٍ مُلتهِبة
لا يعني بأنّ اناملك أصبحت قويّة
بل أنّ الجلد قد مات منذُ أمدَ طويل

فتحَ عيناه، تلوّى جسده
لم يكن على مقعدِ الطائَرة
بل كان ممددًا على سرير يغرقُ برائحةِ المطهرات

تلّفت حوله بِـفضول، أو ربما بتشوّش
جالَ مليونُ سؤال في عقله
وأولها على القائمة:
مالذي أتى بي إلى هُنا؟

عرفَ المكانَ على الفور، لكونهِ قد ترتعرعَ في سنواتهِ الأخيرة بيّن أحضانه
المشفى

جلسَ بصعوبة، نفضَ البطانيّةَ البيضاء عن قدميه
كانتا مليئتين بِـالكدمات، جلد اطرافه اصبح مُحمرًا وحجم الأطرافِ تضخمَ عمّا كان قبلًا

حينما حاولَ الوقوف، اعتراهُ إلمٌ كالصاعقة
تهاوى جسدهُ على البلاطِ البارد، تكورَ على نفسهِ بِـعجزٍ تام

سمعَ صوتًا يدلُ على أنّ البابَ انفتح
يليهُ صراخُ والدته وَ الممرضاتِ من حوله

تمّ حمل جسدِه المتخشّب ووضعهِ في مكانهِ السابق
بقيّ صامِتًا، ينتظرُ إجابة

"لقد انخفضَ ضغطك وفقدت الوعيّ"
تمتمت من تقفُ بِـجانبِ سريره
صمتت لوهلة، تستعيدُ بها رباطةَ جأشِها

أن ترى شخصًا ربيّته لأعوام، شهدت كلماتهُ الأولى
علمته، وضعت جزءاً منكَ فيه، يتألم
وأنت تقفُ كالمتفرج
تشاهدُ مسلسلَ عذابهِ حلقةً بِـحلقة
شيء مريع، ومستفزٌ للأعصاب

"كم لبثت هنا؟"
نظر إليها بأعيّنٍ منطفِئة

"أ-أسبوع"
همست، كانت خائفةً من ردةِ فعله

اوماء فقط، التفتَ إلى النافُذة
ثمّ تمتم:
"أريد ماءً"

نفذت طلبهُ بسرعة، مدّت يدها لِـتعطيه الكوب
"بنيّ، تعلمُ بأنك تستطيعُ أن تقول لي بالذي تشعرُ به--"

سحبَ الكوبُ بقوة مسببًا هيجانَ السائلِ الموجودِ فيه وانفلاتِ بعضهِ على الغطاءِ الذي يدثره
"أنتِ لم تجربِ شيئًا كهذا من قبل لذا لن تفهمينني"
ردّ بنبرةِ تشوبها قسوةٌ، وبعضُ المرارة

هتفت بِـإنزعاج:
"لقد جربت السرطان،
جربتُ فقدانَ أحدٍ من أبنائي!"

"هل جربتِ شعور أنكِ
مجردُ ثقبٍ أسود مكروه في بياضٍ لا متناهيّ؟"
تسائل بهدوءٍ الجمها، وبنظراتٍ جعلتها تفقدُ صوتها

ابتَسِم || KTHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن