٢٩⇜حِكاية

776 137 49
                                    

الصديقُ الحقيقيّ هو الذي يأسرُ وحدتكَ بعيدًا
يخبئ أحزانك في خزنةٍ ويبتلعُ مفتاحها
هو الذي تمشي معهُ على حافةِ هاويةٍ مطمئنًا بأنه لن يدفعك أو يتركك وحيدًا
بل بيدين مستعدتين لإمساكك
سيحميكَ دائِمًا من الوقوع..

يجلسُ بصمتٍ أمامَ نافذةِ غرفتهِ المشتركة، كانت الساعةُ تقاربُ الحاديّة عشر ليلًا، النسيمُ الباردُ الذي يضربُ وجههُ بنعومة يرسلُ شعورًا مهدئًا بطريقةٍ ما

جاسبر يشاهدُ إحدى أفلامهِ المرعبة و يرتدي سماعاتِه
رغمَ ذلكَ كان تايهيونغ يستطيعُ سماعَ بعضِ الصراخِ تليها شهقاتهُ الخافتة

مرّ بعضُ الوقت، شعرَ بجسدٍ يقفُ بجانِبه
تكلّم صاحبُ الجسد:
"يالك من ممل تايبونغ، كلُ ما تفعله هوَ الشرودُ أو النوم!"
ابتسم بسخريّة مسترسلًا:
"بالتأكيدُ تفكر في معشوقَتِكَ التي تخلّت عنك
صحيح؟"

شفنه تايهيونغ:
"ليسَ لأنكَ تكرهُ أغلبَ النساء سوفَ تقومُ بِـإلقاء أفكارك علي"

زفر جاسبر، وأدار تايهيونغ عجلات كرسيّه ليكونَ مقابِلًا له:
"عندما يصيبك الضررُ من المرأة التي من المفترضِ أن تكون هيّ من يعطفُ عليك من بين الجميع، سوفَ تفهمُ قصدي"

تحدّث الجالسُ على الكرسي:
"لست أولَ من تم التعدي عليه
من قبلِ شخصٍ قريب جدًا"

قطّب صاحبُ الشعر الأجعد، وقد أصبحت خصلاته غامقةً مع حلولِ الظلام:
"هل تقول بأنك أيضًا..."

اومأ تايهيونغ موافقًا على كلامه، ثم قال:
"قل قصتك وسأقول خاصتي"

تنهدَ جاسبر، كانت تنهيدةً مليئةً بالألم
إنعكست ظلالُ الأزرقِ القاتم للسماء على عينيه الهائمتين حينما لفّ رأسه نحو النافذةِ راجيًٌا أن يخففَ الهواء الداخلُ إلى رئتيه من ضيقه:
"أسوأ ما حصل.. كان أن فترةِ معاناتي هيّ نفسها فترة بداية مراهقتي، المفترضُ بها أن تكون مليئة بالحريّة والإحتواء لذاتي المتمردة"
تابع:
"لم تكن أمي تكرهني، لكنّ جنونها كان يظهرُ نفسهُ عندما نكون لوحدنا.
عندما كانت تبرحني ضربًا.. وأكونَ مستلقيًّا على الأرضِ بلا حول ولا قوة، أستطيعُ سماعها تصرخُ بِـ:لا! لم أعد أقدرُ على ضربهِ أشد من ذلك! توقفِ عن أمري بإيذائه إنه إبني!"

أسندُ رأسهُ ضد الحائط:
"لكنها لم تكن لتتوقف أبدًا..
أبي كان مشغولًا بمرضاه، يغيبُ ثلاثة أيامٍ أو أكثر بغيرِ علمٍ بأن لديهِ مريضةً نفسيّةً في منزله"
استرسلَ مبتلعًا للغصةِ التي بدأت تصعدُ إلى حنجرته:
"ذهبَ مرةً إلى أسبانيا ليحضرَ مؤتمرًا، قال بأنه سيتغيبُ لمدةِ ثلاثةِ أسابيع.. بكيتُ مترجيًّا لهُ بأن يأخذني معه! لكنّهُ فقط أبى بحجةِ أن لديّ مدرسةً لا يمكن تفويتها"

ابتَسِم || KTHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن