..[ الفصل الأخير ]..

31.8K 2.6K 4.6K
                                    

{كلطافة انسياب الندى فوق الورقة و هبوب النسيم بين البتلات كانت لمستك التي تسحبني لمعانقتك تدغدغ قلبي}
{في الثلج، الأشياء لا ظلال لها، كحال ظلالنا الداخلية التي تجمدت من الماضي منتظرةً ربيعاً يذيبها و يزيل السحر الأبيض عنها لتُعلن وجودها}
{ما إن نبدأ بنسج البداية تسيل الحياة كنهر رقراق متعدد بنهاياتٍ لا حصر لها، مُخبرةً أن بكل تفصيلة صغيرة قد تؤثر بالمسلك الذي سنتخذه للوصول لنهاية مؤصدة و أكثر حُزناً... أو أكثر سعادة و غموضاً}
{ في نهاية المطاف سيتحول كل ما عانيناه و بللنا من أجله جفوننا دموعاً إلى خيطٍ في نسيج الليل حتى إذا ما أشرق الصبح... ذاب}
_____







‎الفصل الثاني و الستون، و الأخير بعنوان
‎ [ و كأنَّها منسيَّة ؟ ]

‎« من وجهة نظر الكاتبة »



في ليالي الصيف التي يكتمل فيها القمر بدراً، كان الليل الهادئ يتلوّن في إحدى أحياء نيويورك بألوان الأضواء الآتية من وراء النوافذ الزجاجية ما عدا غرفته التي لطخها الليل ببعض أنوار القمر الفضية، ممتلئةً بضجيج من أفكاره التي سجنته ما يقارب الشهر بعد وفاة والده الذي لم يستطع إخباره بمقدار محبته له رغم رؤيته له في كل صباح، فموته كانت حقيقة لا يمكن تصديقها أو التعايش معها.

كان عليه ألّا يتغاظى عمَّا سمعه أو رَآه قبل مدة، إلَّا أن مبالاته تسببت بأكثر الأحداث المؤلمة التي حصلت له، وفاة أُمّه ما إن كان صغيراً ثم أبيه. مُقرراً أن العُزلة ستعطيه حلَّاً أو تُجبره على التكيّف، إلَّا أنها أخرجته منها بشخصية مختلفة، كئيبةٍ و باردة.

تواجده في المنزل كان موحشاً، يذكّره بكل ما يود نسيانه. و منزل أخيه و زوجته كارلا سيجبره على خنقهما معاً إن ذهب إليهما الآن، فبالتالي لم يجد وجهةً يذهب لها ليُسْكِنَ الفوضى العارمة بداخله و رغبته اليائسة سوى إلى منزل صديقه لُوكاس.

آرڤن تورنر. فتى اضطر أن يواجه فاجعة موت أبيه و حقيقة خيانة أخيه و زوجته معاً دون أن يكون له سوى خيار الهروب أو الصمت، فمواجهتهما بِضعف هكذا لن يجلب شيئاً سوى مزيد من الخوف و الألم.

رغب بِشدّة أن يرمي ذلك الثقل عن كتفيه و يخبر صديقه الذي لم يمتلك غيره، إلَّا أنه لا يستطيع أن يدخله في تلك الدوامة التي قد تؤذيه حتماً.

و في خضم كل تلك الكآبة فسَّر اللوحة التي تفترشُ أراضيها بثلوجٍ كالكريستال، تحت منظر غروبٍ الشمس بأنها الموت، واقفاً ينظر بِعينين ذابلتين و روحٍ ميتة عكس تلك الفتاة الصغيرة التي دفعها فضولها لتقترب منه و تستشعر مقدار حزنه الذي لامسها.

كانت نظرةُ كيندال لِاللوحة مشرقة بابتسامة كبراءتها، و لا ينكر آرڤن أن كلماتها قد أعطته جانباً مُختلفاً ليفكر به و يصبح شاكراً لقدوم هذه الفتاة و محاولتها للتحدث معه.

وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن