هيَ وهوَ كانا رفيقين مختلفين عن الآخرين..
شعرت بقبضةٍ حديديةٍ تعصر صدري حتى أصبح صدري يعلو وينخفض بوتيرةٍ غير منتظمةٍ وإرتجفت شفتاي بغير تصديق..
شعرت بالعالم يتوقف من حولي وكأنني أصبحت بداخل كهفٍ ما ولم أستطع سماع أيّ صوت عدا أنفاسي المتثاقلة ودوار...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
العالم يدور من حولي ، الدوار إلتصق برأسي وأنا أشعر بثقل جسدي وإعيائه تزامنًا مع إتضاح رؤيتي المشوشة شيئًا فشيئًا..حتى ميزّت السقف الطوبي الرصاصي الذي كان أول ماقابلته عيناي..
رائحة الرطوبة والعفن جعلا مني أكمش بوجهي بتقزز علاوةً على الصداع الرهيب الذي تفجر برأسي وأنا أحاول الإستقامة بجزئي العلوي..لأمرر بصري بتعبٍ بالأرجاء بمحاولةٍ شبه فاشلةٍ بمعرفة أين أكون..؟ ، فالمكان مظلم ولا يوجد سوى شمعتين صغيرة الحجم معلقتين بالجدار وصوت إصطدام الماء بالأرض وكذلك الرائحة المقرفة التي تعم المكان..
نظرت لما أرتديه وأنا أستقيم لأعرف بأنني ومجددًا بذلك العالم وبذلك العص عصر..عصر كاتارينا وإندرياس ، تنهدت لأبلل شفتي الجافة وأنا أستقيم واقفةً مستندةً على الجدار لأخطو خطوةً للأمام..خطوةً جعلت من كل ذرةٍ يجسدي يتذكر كل شيئ..والوعي صبّ ماءً مثلجًا فوق رأسي والقشعريرة تسري من أخمص قدماي حتى قمة رأسي..ومضات ماحدث تتكرر برأسي وأنفاسي تتسارع وتختلّ والألم الألم يضع ثقله على صدري للحدّ الذي جعلني أشعر وكأنني أختنق أختنق من حقيقة أنني أتنفس وهي..هي لا لا " بليكسي..؟ " الدموع تساقطت من مقلتاي كالأمطار وصدري ينتفض لأقبض عليه بكفي وأضرب رأسي بالجدار مرارًا وتكرارًا بمحاولة أفقادي للوعي لا أريد لا أريد الشعور بهذا لا أريد الإحساس بأيّ شيئ لا أريد رؤية صورتها وهي غارقة بدمائها بين يداي وأمامي أنا العاجزة لا أريد سوى النوم يا إلهي أرجوك ما الذي فعلته وكان بهذا السوء ليحصل كل هذا..؟ أرجوك إرحمني إنتزع هذا الألم من صدري !!.
قدماي تستمران بالمشي دون شعورٍ مني وكأنهما ترغبان بالعثور على مخرجٍ من كل شيئٍ مخرج ينقذني من الألم الذي ينهش روحي ويتناسل بعروقي وصوت شهقاتي وبكائي صداه يصدح بين جدارن هذا المكان الذي أجهل ما هو ولا يهمني سوى الخروج فقط ، صرخةٌ مرتعبةٌ خرجت من صدري ليدٍ إمتدت فجأةً لتمسك بطرف فستاني من يميني بتشبثٍ مصمم..أغلقت عيناي وشفتاي ترتجفان خوفًا مما سأراه فور إلتفاتي ليميني..خوفًا مما سيتوجب علي مواجهته..خوفًا من الأثر الذي سيخلفه علي.." أرجوك أتركني..دعني أذهب أرجوك..لا أستطيع تحمل المزيد " صوت خرج ضعيفًا كالهمس لأضع يداي على وجهي ولازالت تلك اليد تمسك بطرف فستاني بذات الإصرار ، أزلت يداي عن وجهي وشهقاتي إزدادت علوًا قبل أن أعدل وشاحي وأضعه على وجهي ملتفةً برأسي ليميني بخوفٍ مهيبٍ دب بصدري لأرى قضبانًا..كالسجن- مهلًا هل أنا بداخل السجن الذي خرج منه ذلك الحارسان من السابق ؟ " أقتليها..أقتليها.." صوت أنثوي واهن ردد ذات الكلمة مرةً تلو الأخرى من الأسفل قليلًا ويدها التي تتمسك بطرف فستاني باتت ترتعش لأخفض نظراتي ببطئ عاضةً على شفتي لمنظر اليد التي تتمسك بطرف فستاني..اليد الهزيلة التي بدت وكأنها هيكلٌ عظمي وأنواع الحروق وآثار الجلد طبعت بكل إنشٍ بها دون أن تترك مكانًا فارغًا.." سارفينا..؟ " خرج ذلك دون إرادتي نطقت بما جال بعقلي فورًا وشفتاي ترتعشان أكثر عندما لمحت هيئةً أنثوية تقترب من قبضان السجن حتى ترائى لي شكلها..شعرٌ أسود قصير مجعد يصل للكتفين ووجه بانت عظمتيّ وجنتيها وفكها لنحولها الشديد.. جسدٌ هزيل مليئ بالآثار حروق جلد وبعض الأثار التي لم أعلم مصدرها ولا أريد معرفتها جسدٌ لا يغطيه سوى قماشٌ رثّ متقطع وقذر.
