الفصل الخامس والثلاثون.

2.8K 147 14
                                    

#الفصل_الخامس_والثلاثون. "الجزء الأول"
#مملكة_الشياطين.

"بلغ العلا بكماله، كشف الدجي بجماله، حسنت جميع خصاله،
صلوا عليه وآله."❤️
عليه أفضل الصلاة والسلام.

هقسم الفصل لجزأين، الجزء الثاني هينزل بكرة بإذن اللّٰه، وبكدا هيكون فصل طويل.

يتوسل الصدف أن تجمعهما معًا دون أحد لتطفئ غلة قلبه، وها هي جاءت فى إبانها، تجلس بحديقة السرايا وحدها بعدما تركتها هند قبل قليل، وقف أمامها فاختض قلبها بعنف مسربًا ذلك الألم الذي يصاحب وجوده، وبكل تلقائية تراقصت بسمة متسعة على شفتيها، ومدت كفها له فامسكه هو بقلب رحب، وجلس أمامها يقول بينما يأخذ نفسًا عميقًا:
_ الجو حلو قوي النهاردة.
هزت رأسها تنظر للبعيد تتحاشا نظراته التي تبعث الريبة لقلبها... شهقت بخفة وجحظت حدقتاها عندما اتكئ على حجرها برأسه كالمرة السابقة، بدأ سعيدًا تغزوه الراحة، وقد لاح الصمت بينهما فى مشاعر جديدة يخوضاها سويًا، تعلقت أنظارهما فى عناق جامح، تسرد عيناه وجعه الذي قاساه فى سبيل حبها ومازالت هي غافلة...
رفعت كفها إلى وجهه تمرر أناملها الرقيقة المرتعشة على لحيته المهذبة، ليعقد حاجبيه قائلًا:
_ بتعملي أيه؟
_ ولا حاجة حسيت أني عايزة ألمسها فعملت كدا.
نطقتها ببساطة أخذت لبه، وأثارت عاطفته المهتاجة تجاهها، وجعلت كل خلية فى جسده تطالب بها..
نهض بخفة ودنا منها بوجهه فى بطء خطر، وأنفاسه الملتهبة المتلهفة تجتاحها، تضرب صفحة وجهها، ومازالت عيناه تحكي تلهف جسده فى نظرات غامضة عميقة تلمع بإفترار، وامتدت يده تزيل حجابها برفق واليد الأخرى يمررها على طول ذراعها، وبدأ كأنه فى عالم أخر لا وجود إلا لعاطفته وقلبه اللهيف..
أما نورسين فكانت فى أوج خجلها، تدفقت الدماء لوجهها وتمسكت بكتفيه غير قادرة على الصمود إثر قربه هذا، فكان لا يفصل بينهما فاصلة، لثم وجنتها بعمق، وتحرك لجانب شفتيها بشفتيه، لتدق أجراس الخطر لعقلها...
_ آسر.
ابتعد قليلًا يطالعها بنصف عين مغمضة بدهشة لتصحح قائلةً بتهرب:
_ قصدي هروح أكلم آسر، مكلمتوش من فترة طويلة.
ابتعد عنها كليًا وقال بتهكم جلي:
_ آسر أه.
ردت ببراءة:
_ أصلهم وحشوني أوي.
اعتدل فى جلسته وقال:
_ يوسف هييجي عشان يعزمنا على حفلة كتب كتاب آسر.
هتفت بسعادة:
_ بجد يوسف هييجي!
أحس الغيرة تداهمه، بل تسحقه...
هو فى أشد أوقاته سعادة بقربها الذي يحلم به دائمًا بلا تراوده فى صحوه أيضًا، وهي تخبره بكل حماقة أنها....
لم يقدر عقله على نطقها بداخله، نهض بعنف أفزعها فقال بنبرة مختنقة تبلج غيرته بلكنة صعيدية:
_ أبجي اتحدتي زين ويا يوسف وآسر يا ست نورسين.
دائمًا ما تتهرب منه، كلما يأخذ خطوة تجاهها تأتي هي وبكل غباءٍ تلقي به بعيدًا عنها، إلى متى ستظل علاقتهما تسير على هذه الوتيرة البغيضة!
فقلبه أصبح لا يطيق صبرًا على تجحفها معه...
__________
دخل مكتبه على عجلة كي ينه بعض أعماله سريعًا ليتفرغ لحفل أخيه، وجد سيف مشغولًا ببعض الملفات يراجعهم، ابتسم بتعجب على تغير حاله من النقيض للنقيض الأخر، ألقى عليه السلام، وجلس على كرسي مكتبه فدخلا بعدها آسر ويوسف فضحك سيف قائلًا بمرح:
_ أيه يا عريس جاي الشركة وسايب حفلة كتب كتابك يعني!
شاركه يوسف الضحك وهو يجلس مقابله:
_ واللّٰه فرحان فيك ياض يا آسر، وأخيرًا هتدخل القفص ويتنكد عليك.
_ ألعب.
علق بها سيف بمزاح ثم أضاف سائلًا:
_ المهم نطمن الأول أخدت حضن كتب الكتاب ولا انضحك عليك؟
عقب يوسف داعيًا:
_ عقبالي يا رب، بس أخاف تكون دخلة مش كتب كتاب.
ضحكوا عليه ليقول آسر بنبرة عابثة:
_ عيب عليكم، أخوكم شرفكم.
صاح جاسر فجأة عندما ضجر من مزاحهم:
_ طب يلا يا أخويا منك ليه نخلص خلينا نرجع بدري، وأنت يا يوسف هتسافر الصعيد ولا أبعت سيف؟
هتف يوسف سريعًا نافيًا:
_ لا لا سيف أيه! أنا وصلت الصعيد أساسًا.
سحب مفاتيحه وهاتفه وركض خارجًا بلهفة مراهق يتذوق الحب للوهلة الأولى.
______
لا تعرف لما تعصب هكذا وتركها، هي لم تخطء بشيء قط، أفعاله صارت مريبة بعدما تزوجها، كان يروي الأزهار المزروعة بالحديقة وهي تدور حوله كالنحلة، وهو يتجاهلها عن عمد..
هتفت بخفوت:
_ ياسين.
لم يعرها إهتمامًا ومازال يتابع ما يفعله، فصاحت مرة أخرى.
_ عمدة... عمدة.
وقفت أمامه هاتفة:
_ ياسين، رد عليا.
فزاحها برفق من أمامه وقال بلامبالاة:
_ نعم.
_ أنت متجاهلني ليه؟
قالتها بصوت مهتز خافت، فقال بتهكم:
_ روحي استنظري يوسف هياجي دلوج، واتحدتي ويا آسر وجاسر كمانت.
اختنقت عبراتها بعينيها وقالت:
_ أيه المشكلة لما أكلمهم؟
رمى ما كان يروي به وانفجر فيها بعصبية:
_ المشكلة هي أنك أقرب ليهم مني، نورسين أنتِ بتشتاقيلي كيف ما بتشتاقيلهم؟! وكل ما نجتمع لازمن تتحدتي عنيهم، وكأني مش فـ حياتك أصلًا.
لا تعلم ما مشكلته حقًا، ما يقوله غريبًا على مسامعها، هي لا تتحدث عنه لأنه أمامها دائمًا، معها طوال الوقت، إن لم يكن بجسده فهو معها بتعليماته لها، بتحذيراته وحديثه.
فقالت بعدما اشتد بكاءها، هي لا تريد إغضابه أبدًا، فقالت ببرأة:
_ طب قولي عايز أيه وأنا هعمله واللّٰه.
رد بتلقائية وبساطة:
_ احضنيني.
استغربت طلبه ولكنها لم تتوان لثوانٍ حتى ألقت بجسدها عليه تضمه بقوة وكأن هذا ما تريده هي وليس هو..
كادت أن تبتعد فسحبها هو هذه المرة بقوة محطمًا أضلعها بذارعيه، وكحال قلبها دائمًا تألم ولكنها هذه المرة أفصحت قائلةً بخجل وعفوية:
_ ياسين، أنا ديمًا بحس بوجع فـ...
أبعدها عنه قليلًا يقول بلهفة وهو يتفحصها:
_ مالك يا نورسين؟ أيه اللي واجعك يا جلبي؟
نفت برأسها قائلةً:
_ أنا بحس أن الوجع فـ قلبي يا ياسين لما بقرب منك، يا ترى دا من أيه؟
فتح فمه ليجيبها حتى صدر صوتًا يهتف:
_ وه يا ولد أبوي، ملقتش غير الجنينة تحبها فيها! لو حد من الغفرة شافكم دلوج؟
كان منتصر ينظر لهما بخبث وبسمته تزين فمه، خجلت نور كثيرًا وركضت للداخل، فعاد منتصر بحديثه لـياسين:
_ أيه يا أخوي، الهـوى رماك فـ الجنينة ولا أيه؟
_ وأديك قطعته يا ولد أبوي.
تشدق بها ياسين حزينًا على ذاته، ولكن تراقص حديثها فى عقله مجددًا، فبعض بدايات الحب تبدأ بالألم..
_______
دخل مكتبه كالإعصار بعدما أخبرته موظفة مكتبه عن وجود مالك الأسيوطي داخل مكتبه، وقف مالك يلقي عليه التحية ولكن باغته جاسر بإمساكه من تلابيبه بعنف يزمجر بغضب هادر:
_ أنت كمان جاي هنا برجليك؟ دا أنت وقعة أبوك سودا.
_ أهدى يا جاسر وافهم أيه اللي حصل.
قالها مالك يهدئه وهو بالأصل يدعي الهدوء حتى لا ينفعل عليه.
ولكن سبه جاسر يقول:
_ أفهم أيه يابن*** عارف لو قربت من أختي تاني ولا كلمتها بس هعمل فيك أيه؟
_ أنا هنا عشان أعتذر منك، وافهمك أني أنا بس اللي غلطت رضوى ملهاش ذنب فـ أي شيء.
كاد أن يلكمه جاسر لولا دخول محمود، فابتعد جاسر سريعًا عنه يهندم ثيابه فهتف محمود بحبور:
_ أيه دا دكتور مالك هنا! ازيك يا بني.
تقدم منه مالك يصافحه ببسمة سعيدة وسط نظرات جاسر المتفاجئة والتي زادت صدمة بعد تصريح محمود:
_ دكتور مالك كان طالب أيد رضوى مني.
هتف جاسر جملة واحدة:
_ لا.
عقد محمود حاجبيه سائلًا:
_ لا أيه يا بني؟!
ابتلع جاسر ريقه قائلًا بإستدارك:
_ قصدي، لا هناخد رأي رضوى الأول.
هز محمود رأسه وقال موجهًا حديثه هذه المرة لمالك:
_ ع أخر الأسبوع دا إن شاء اللّٰه يا بني تعالى وتقعد أنت ورضوى تتفقوا، وأنا يشرفني أنك تكون جوز بنتي.
كاد جاسر أن يمت غيظًا وقهرًا، ذلك الحقير استغل طيبة والده وعدم معرفته ما حدث ليطلب منه رضوى!
ولكنه لن يسمح له بهذا أبدًا.
_______
دخل القصر وقلبه يشتاق لها بشدة، كره جفاءه لها، هي لم تذنب بشيء، شقيقها يحيا حياة طيبة، وها هو تحدث مع والده من أجل الزواج، أما هو فعلاقته بسيلًا تتكبكب بإستمرار، رأها تتهادى فى خطواتها بالقصر تساعد والدته، انتظر إبتعادها عن الجميع فإلتهم المسافة بينهما ليسحبها خلفه وصولًا لغرفته، دفعها برفق وأغلق الباب خلفه، وتوجه إلى خزانة الملابس تحت أنظارها المتسعة بعدم فهم، أخرج لها قميص من اللون الأزرق، لونه المفضل، أعطاه لها قائلًا بإقتضاب ونظرات غامضة هزت أرجاء قلبها:
_ ألبسي دا لحد ما أخد شاور واطلع.
اومأت بعقل مذهول من ما يطرأ عليها..
إرتدته ووضعت بعض مستحضرات التجميل الخفيفة وقلبها يعلن التمرد بدقاته، وعقلها يصور لها ما يريده، ولكنه أمجنون هو؟ ما يريده لم يكن هذا وقته المناسب..
خرج سريعًا يلف منشفة على خصره وترك جزعه عاريًا، فاسبلت هي عينيها فقالت:
_ أنت هتعمل أيه؟
استغبى سؤالها فتشدق:
_ نعم! يعني أيه هعمل أيه، هو دا سؤال.
إرتدت خطوتين للخلف تقول بحماقة:
_ بص مش هنعمل حاجة غير لما تقلع..
أجابها سريعًا بنبرة عابثة وعيناه يستوطنها المكر:
_ ما أنا قالع أهو.
شهقت تصحح سريعًا:
_ قصدي تلبس.
_ بصي أحنا مش لسه هنقلع ونلبس، تعالي.. كل اللي معانا نص ساعة.
قالها بنفاد صبر من تحججها، فقالت:
_ لا خلاص أنا غيرت رأيي، نام أحسن فـ النص ساعة دي.
ركضت سريعًا تجاه الباب ليلحقها هو يحاصرها تجاه الباب يهمس بأذنها:
_ لو قليلة النص ساعة نطولها عادي.
همست بنفس همسه:
_ قليل الأدب.
حاوطها بجسده أكثر يهمس بصوت متحشرج:
_ قليل أدب وأعجبك أوي كمان، وبعدين هتطلعي أزاي كدا، دا أنا كنت أقتلك.
استسلمت لهمساته ولمساته الحانية لترحل لكوكب أخر وردي مضيئ، لا يوجد غيرها هي وحبيبها جاسر، حملها برفق ووضعها على الفراش، وقلبه يحكي كم عشقها وتمنى هذا اليوم الذي يجمعهما سويًا..
فاقا من أحلامهما على صوت طرقات الباب المفزعة وقد كانت سميحة التي تغفل وجود جاسر بالداخل فظنت أنه مازال بالشركة:
_ بت يا نيلا، تعالي عايزينك يا حبيبتي تحت.
ضحك جاسر بخفوت معلقًا:
_ كلمي يا نيلا.
ضغطت على أسنانها تقول:
_ طنط سميحة دي حبيبتي.
تعالى نداء سميحة بالخارج ليتأفف جاسر يقول بحنق:
_ هو مش مكتوبلي أدخل فـ أم السنة السودا دي ولا أيه؟
ضحكت سيلا عليه فدفعته عنها تلتحف بفراش السرير تقول:
_ أحسن عشان متتريقش عليا تاني.
ارتفع صوتها تصيح:
_ حاضر يا طنط نازلة أهو.
دخلت الحمام وتركته يلعن ذلك اليوم الذي تزوج به، يحقد على جميع المتزوجين، فهو لم يلحق بالمتزوجين ولم يبقَ عازبًا..
________
أكتر ثنائي حبيتوه مين؟
رأيكم وتوقعاتكم لحد بكرة.
قراءة ممتعة.
دمتم بخير سُكراتي. ❤️
#مملكة_الشياطين.
#قلوب_مكبلة_بوثاق_الحب.
#مُنى_عيد.
#يتبع...

مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن