الفصل الأول.

468 6 0
                                    

الفصل الأول.
"مرات البواب هانم."

_ أنا.. أنا ريتان هانم أتجوز البواب! أنت بتقول أي يا بابا؟ دا مستحيل يحصل.
نثرت حديثها كتناثر الغضب بقلبها العاصف، يعرض أبوها عليها الزواج من بواب..
عفوًا لم يكن عرض، كان أمرًا لا مفر منه.
_ البواب دا مش عاشق لسواد عيونك يا ست ريتان، دا الوحيد المتاح دلوقتي.. أنا مش عارف أنتِ عايزة ترجعي تاني للزفت دا ليه.
لوح والدها بيده في غضب وأكمل:
_ دا عقاب ليكوا أنتوا الاتنين عشان بعد كدا تاخدوا بالكم من تصرفاتكم، أنا مش عارف عقله بيكون فين وهو بيطلقك، وأنتِ بكل عدم كرامة بترجعي ليه.
ردت بضعف هذه المرة ينافي اهتياج غضبها:
_ عشان بحبه يا بابا، بحبه ومش هقدر أعيش من غيره.
يكره ضعف ابنته تجاه زوجها الوغد، تنال منه الكثير من الغضب والعصبية، وعندما يغضب يطلقها وقد تعدى حدوده، وفي كل مرة يقرر أن يبعدها عنه تبكي بضعف وتترجاه أن يوافق على إرجاعها له.
ريتان ابنته نقطة ضعفه الوحيدة ولا أحد ينافسها في قلبه، فقد دللها حتى أفسدها بدلاله.
لم يكن يومًا يتخيل بأنه سيندم على دلالها، وها هو يعاني معها.
_ يقطع الحب اللي يمرمط القلوب يا بنتي.
تمتم بها وهو يهوي بجسده على الأريكة الضخمة ببهو منزله، يفك رابطة عنقه حتى يأخذ أنفاسه التي تهدلت وقبض ألم سحيق على قلبه ولكنه سيطر على خلجات وجهه حتى لا تجزع ابنته وتقلق عليه.
_ ريتان مفيش حل غير البواب يا بنتي، اقبلي بيه خلينا نخلص من الحوار دا.
هدرت به في عنف وجنون، لن تقبل بهذا أبدًا.
تتزوج من بواب!
إن علمت صديقاتها سيسخرن منها وتصبح حديث العصر.
_ لا يا بابا مش هيحصل.. أبدًا.
بصقت جملتها وهرولت لغرفتها تاركة خلفها أبيها بقلب يتمزق عليها وعلى غبائها.
فهو لم يعجبه زوجها من الأول، واعترض عليه ولكنها أصرت وتحايلت وثم هددته بقتل نفسها إن لم تتزوجه، فأذعن لطلبها رغم رفضه القاطع.
لم يكن ليجبرها على شيءٍ لا تريده أبدًا، ولكن اليوم سيفعلها، لأنه لا سبيل لديه إلا هذا.
_ ربنا يهديكِ يا بنتي.

بداخل غرفتها، كانت تفترش فراشها تقضم أظافرها بتوتر وبيدها الهاتف تقوم بالاتصال على زوجها الذي لم يجيب للآن وقد إزداد رجيف قلبها المتعاقب، أخيرًا أجاب عليها، فابتدرت بقولها المزدرء:
_ الحقني يا تامر.. بابا مصر إني أتجوز البواب بتاعنا، هتجوز بواب على أخر الزمن!
هدأها تامر يقول بندم على خطأه الذي ارتكبه ولكنه لا يسيطر على غضبه وهذه مشكلته الذريعة:
_ اهدي يا حبيبتي، دا كله بسببي أنا، لو كنت بعرف اتحكم فـ غضبي مكنش دا حصل.
تبخر غضبها بأكمله عندما لمست الحزن والندم في نبرته وحولت اهتمامها له، ونقل دوره إليها لتهدأه:
_ خلاص يا تامر يا حبيبي، دا غلطنا أحنا الاتنين، أنا كمان كنت بعصبك مني وبستفزك، أنا آسفة يا حبيبي.
كلماتها ربتت على قلبه المضمني وانزاح بعض الثقل عن قلبه فخف قليلًا، فقال بحب:
_ تسلميلي يا روحي.
توردت خجلًا من مغازلته البسيطة لها ورفرف قلبها فرحة به، فهي تهيم عشقًا بهذا الرجل الذي يعلم تمام العلم ثغراتها وكيف يداوي قلبها ويخفف من وجع روحها من فراقهما.
هتفت فجأة عندما وقعت من سقف اشتياقها له ولكلماته المغازلة على تذكرها أمر زواجها من ذلك البواب، بحدة قالت:
_ بس مش هتجوز البواب دا خالص، دي سالي فؤاد مش هترحمني من تريقتها.
معها كل الحق، ففتاة مثلها عاشت في حياة مترفة، كل ما تطلبه مجاب تتزوج من بواب!
بعد أن كانت متزوجة من تامر ابن رجل الأعمال المرموق "الصياد" تتزوج بحثالة المجتمع.

مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد Where stories live. Discover now