الفصل الثامـن والعشرون.

3.1K 134 19
                                    

#الفصل_الثامن_والعشرون.
#مملكة_الشياطين.

"إنَّ الله ليتَلطَّفُ بالعبدِ ويترفَّقُ به أن يراهُ كثِيرَ الصَّلاةِ على نبيِّهِ ﷺ."

تسند جبينها على كفها غارقة فى أحزانها، تخشى مواجهته بشدة، وبجانبها صديقتها سلمى تخفف عنها، جفلت مقلتاها عندما سمعت صوته العالي ليعلن عن بدء المحاضرة، وهي تتخفى بنظراتها منه، أما نظراته فكانت متوسلة نادمة، كان سيسحق برأتها ويستحل حبها دون وجه حق، كان سينتقم منها، نهضت تستأذنه بالخروج فهي ملت نظراته لها:
_ بعد أذن حضرتك يا دكتور، ممكن أطلع؟
كاد أن يرفض ولكنه رأف بحالها ليسمح لها بالخروج.
بعد إنتهاء المحاضرة جائتها سلمى قائلةً:
_ رضوى دكتور مالك عايزك فـ مكتبه.
دهشت رضوى من طلبه والخوف استبد بقلبها لتلمع عيناها بالدموع لتقول بنبرة مختنقة:
_ متعرفيش عايز مني أيه؟
_ لا معرفش، بس أنتِ قوية يا رضوى وهتواجهي صح.
حملت حقيبتها وتوجهت لغرفة مكتبه بأقدام هلامية متخبطة، طرقت الباب ليأذن لها بالدخول، دخلت ولم تغلق الباب خلفها، وقفت أمامه قائلة بقوة زائفة:
_ حضرتك طلبتني في حاجة؟
نهض من كرسيه وتحرك ليقف أمامها فارتدت عدة خطوات للخلف فابتسم بحزن على خوفها منه لهذه الدرجة أو ربما إزدرائها من قربه..
تحدث بهدوء ظاهري:
_ ممكن نتكلم مع بعض شوية يا رضوى.
ردت بقوة تضغط على طرفي فستانها بقبضتيها تخفي توترها:
_ مفيش بينا كلام يا دكتور مالك غير فـ الدراسة وبس، وأنا آنسة رضوى لو سمحت.
سيتحمل غضبها وحدتها وكل شيء يصدر منها، فهي معها كل الحق، ما فعله معها لم يكن سهلًا قط.
_ رضوى أنا آسف أنا مستعد أعتذر منك...
_ لو سمحت مش عايزة أي إعتذرات بعد أذنك.
كادت أن تخرج فامسك بيديها يلفها له يثبت نظراته بعينيها:
_ رضوى أنا غلط بعترف بدا وكنت عايز أنتقم منك من غير سبب، لكن واللّٰه حبيتك وقررت أني مش هأذيكِ لكن اللي عمله أخوكِ مع سيلا عصبني وخلاني أرجع أفكر بإنتقامي تاني.
لن تصدقه أبدًا، لا لن تصدق عيناه التي تبكي ندمًا، لن تسمع أي تراهات منه مرة أخرى.
استأنف حديثه:
_ واللّٰه ما بكدب عليكِ أبدًا، أنا بحبك يا رضوى.
_ بس مش مصدقاك ع فكرة، مستحيل أرجع أثق فيك تاني.
هدرت به وهي تسحب يديها بقوة، وخرجت تكتم دمعاتها الهاربة من عينيها، تلعن اليوم الذي رأته به.
______
نيران، نيران غضبه كادت تحرق الأخضر واليابس، نهض من فراشه وتحرك يأكل الأرض من شدة غضبه وعيناه تشتعل بالجحيم، جلس على مقعده خلف مكتبه الصغير، فك أزرار قميصه الذي تناثرت قطرات العرق عليه، يضغط على الصور بيده، حبيبته نادين بين أحضان رجل أخر، لقد جن جنونه، أزاح مكونات مكتبه لتتناثر أرضًا شظايا مثل روحه، يضرب المكتب بغضب وقلبه فى محبسه يصرخ ويتمزق من خيانتها، خيانتها لقلبه وحبه لها الذي تخطى درجات العشق، كان يخشى عليها حتى لمسة يده وها هو يراها الآن بين أحضان رجل أخر!..
هب واقفًا وأخرج شيئًا من درج مكتبه وتوجه حيث غرفتها بغضب أعمى وهيئته مشعثة، فتح الباب بقوة وألقى الصور بوجهها نقلت أنظارها للصور الملقاة أرضًا ليهتز جسدها بشدة وشهقت بخوف نهضت من فراشها،  متخوفة منه، وهي من حطمت أحلامه الوردية معها، سحقت روحه بفعلتها، ألقت بها وبه فى جحيم مستعر.
اهتزت حدقتا عيناه بشدة وضربات قلبه تغلي كالمراجل، تشنج جسده مستعدًا للفتك بها، تقدم منها ببطء مخيف تسرب لأوصالها فجعلها كـالهلام.
تهدجت أنفاسها صارخة بتوسل وهي تتقهقر للخلف متعثرة: لا باللّٰه عليك متأذنيش يا آسر أنا مظلومة واللّٰه مظلومة.. سيب اللي فـ أيدك عشان خاطري.
نظر لـسلاحه بيده "مسدسه" ورفعه بوجهها صارخًا بها من أعماق قلبه المتألم من خيانتها له:
عايزة تقنعيني أنك مظلومة وأنا شوفت دا بـعنيا..
أنتِ فعلًا متحررة عن باقي البنات هنا لكن مكنتش أعتقد أنك هتكوني بالوساخة دي أنتِ واحدة حقيرة..
صوب سلاحه مقابل قلبها متألمًا بضراوة.
ركعت عند قدميه تتوسله ببكاء مميت لقلبه جاعله ينزف بشدة على دموعها: صدقني يا آسر أنا مستحيل أعمل كدا.. أنت لازم تثق فيا..
قاطعها ممسكًا بشعرها بشدة، أوقفها أمامه مدعيًا الهدوء قائلًا بصوت مبحوح من شدة صراخه: أي ثقة!
أي ثقة يا نادين أنا سامحتك قبل كدا وقولت أتغيرت لكن طلعتي كدابة وخاينة..
ترك شعرها بعنف، وتمسكت قبضتيه بسلاحه مصوبه مرة أخرى أمام صدرها، وضغط على زناد سلاحه مغمضًا مقلتيه الغامرة فى أدمعه.
وما هي إلا لحظات وكان جسدها يرتطم بالأرضية الرخامية بشدة.
جفلت عيناه، ظهر كأنه محموم فى غير وعيه، حدق فى سلاحه بصدمة فألقاه أرضًا.
نظر لها مرة أخرى متحققًا من ما فعله بها، أهي حقًا ماتت!
فارقته!
قطعت أنياط قلبه!
ماذا ارتكبت يداه؟ قتلها..
نزل على ركبتيه أمامها محدقًا بها بقوة وأخذ يهزها وهو يهذي: نادين، لا يا نادين فوقي أنتِ مموتيش لااا
صرخ بها بقوة محدثًا دوي عالي:
ناديــــن، يا رب رجعهالي يا رب مش مهم إنها خانت عهدها المهم أنها تكون معايا..
"ثمة قلب هنا يتمزق من فعلتكِ حبيبتي، قلب طالما رأف بكِ، قدم لكِ قلبه ونبضاته، نظر لكِ وكأنك أخر نساء العالم، كأن لا نساء غيركِ، ولا عالم إلا بكِ"

مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد Where stories live. Discover now