الغرفة الرابعة

11.3K 934 76
                                    


استيقظت مُبكرًا حيث هاتفني زميلي الدكتور مراد ليخبرني بأن مريضة غرفه C 4 ثار جنونها وظلت تصرخ وتلقي بكل شيء أمامها فعليّ الحضور في الحال ..
عندما وصلت المستشفى لم أجد ما أخبرني به د.مراد بل وجدت الهدوء يعَّم الغرفة المزعومة فطرقت الباب ثلاث طرقات ثم دخلت فوجدت مريضة هذه الغرفة تقطن إحدى الجدران تنظر للحائط وتبكي في صمت فكانت تردد جملة واحدة "ليس لي ذنبًا هم من فعلوا بي ذلك" ..
اقتربت منها وجلست في الجدار المقابل وسألتها من هم وماذا فعلوا ! ، أدارت وجهها نحوي وصوَّبت نظرتها تجاه عيني وقالت في حدة "أشعر أنني ضحية كل من حولي" ..
- الطبيب :- عفوًا !!
= مريضة الغرفة الرابعة :- كما سمعت ، لم أكن سوى رد فعل لأفعالهم الشنيعة ، لم أكن سوى رد فعل ساهموا هم في إنتاجه..
- من هم ؟
= جميع من حولي ..
- هل توضحي لي أكثر ؟
= لقد تصديت لأمي لأنها اختارت أبي شريكًا لحياتها ، كان بئس الشريك ، كان يقوم باهانتها وصفعها مرارًا وتكرارًا أمامنا وأمام كل من يقطن العمارة حتى أن أولاد الجيران كانوا ينظرون إليّ ويقولون لقد سمعنا أمك تصرخ ليلة أمس هل أفقدها والدك حاسة جديدة من حواسها ، فقد كنت أصمت، لأنني وأنا في سن السابعة من عمري فقدت أمي حاسة السمع إثر عدة صفعات منه ولازمت غرسة القوقعة الصناعية ، وفقدت أمي عيناها اليسرى وأنا في سن السادسة عشرة حيث ألقى بأمي من على الدرج فسقطت على جانبها الأيسر والجيران هم من قاموا بإسعافها وأنا كنت أبكي أمامها ولا أعلم ماذا عليّ فعله !!
الغريب في الأمر أن سبب تمسك أمي به هو عدم إصابتي بمرض نفسي عندما أجد أمي وأبي منفصلان !!
- أمكَ هي من تحتاج الخضوع لعلاج نفسي ..
= لم تُغلق الدائرة عليهما فحسب ، هم فقط كانوا الحيز الأكبر والأبشع والذي لم ولن أتعافى منه يومًا ..
ما رأيته في المكان الذي ساهم في تنشئتي لم يكن بالسهل عليّ ، لم يكن من الممكن تخطيه فلم يقف الأمر عند الإهانات والاعتداءات بل رأيت بسببهما ما يمكنه تدمير عالم بأكمله ، فالطفل عبارة عن إناء يمسك طرفاه أبيه وأمه ، هما من يقومان بمِلء أساسته ثم تقوم الحياة بملء الجزء الباقي ، فمهما فعل بعد ذلك من يتخلص أبدًا من وديعة الأساس ..
- ولكن هناك أشخاص تعرضوا لضغوطات ومشاكل ظنوا أنهم لن يُشفوا منها ولكن الأمر مَرَّ ..
= ومن قال لك أنني لم أتخطى ضغوطًا ومشكلات !! فقد كان كل يوم في عمري يكسبني شيئًا حميدًا وثلاثة وعشرين شيئًا سيئًا.
- عفوًا ولكن لِما هذا العدد تحديدًا !!
= لأن اليوم به أربعة وعشرين ساعةً ، فكل ساعة تمر عليّ تكسبني شيئًا ..
لقد مررت بكسرات نفس كثيرة وخذلان وكل شيء يمكن أن تبغضه ولن أخبرك أنني كنت ملاكًا ، لا بل كان لي رد فعل ليس مساويًا في المقدار فحسب بل كان يفوقه أضعافًا ، كما أخبرتك مسبقًا لم أكن سوى رد فعل ساهموا هم في إنتاجه..
- هل ندمتي على أية ردود أفعال لكِ ؟؟
= نعم كثيرًا ولكن تعلم هم من يستحقون ذلك فبينما كانوا يتعاملون معي كَـ سوية كانت تتصارع الأمراض النفسية بداخلي مَن ستلتهمني أولاً ..
- لقد سمعت هذه الجملة من قبل ولكن لا أتذكر قائلها !!
= ألم تكن ذات رد فعل سيء مكتسب من قبل ؟
- بلى
= تجاه خطيبتك أليس كذلك ؟
- لا ، لم تكن تستحقه أبدًا ، لم تكن تستحق ما فعلته معها ولكني كنت مُجبرًا فلا أقوى على أذاها أكثر من ذلك .. أنا أ....
= أنت ماذا ؟
- ....
= لِما لا تجيبني ؟
- لا أعلم كيف جعلتيني أتحدث عنها ثانيةً !!
= يبدو أن الخطة بدأت تعمل
- أية خطة ؟؟
= عفوًا !! خطة ؟ لم أقصد لقد ذُل لساني ..
كنت أقول لكَ أن مهما حدث لن أستطيع استبدال أساسات إنائي التي وضعها أمي وأبي ، فسأظل أحمل جزءًا قاسيًا لا يلين ولن يفعل ، هذه هي شخصيتي وعليّ تقبلها ..
- تتحدثين هكذا لأنكِ مريضة.
حسـنـًا هذه الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن إنكارها فجميعنـا مرضى نفسيين بدرجات مـتفاوتة ..

_ جيهان سيد ❤️🌝

من إحدى غرف المصحات النفسية 🖤.Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz