الجزء العاشر

3.9K 379 48
                                    

تلقت طيف الرسالة في صدمة فمن ذا الذي علم بأمر خطتها التي فشلت ويقوم بتهديدها الآن !! إذا وصل الأمر لد. جاسم سيستغل هذا الأمر بدهائه وسيوصل الأمر لد. نجيب الألفي وسأتعرض للمسألة القانونية ، شعرت طيف أنها  في مأزق حقًا ولا تعلم كيف تتصرف ..  
كان د. جاسم يمر بين مرضاه وإذا ببعض من طاقم التمريض يتسامرون بصوت منخفض في إحدى الأركان ومن إن رأوه حتى ذهب كل منهم إلى مكان عمله ، استغرب لفعلتهم لكنه لم يهتم فأمامه خطة جديدة سيحقق فيها نصرًا جديدًا على طيف ، فليبدأ العبث ..
بينما كان يتجول جاسم سمع أنينًا خافتًا يهمس زيـن .. ز ي ن .. زيــن ..
أقترب جاسم من الغرفة لينصت أكثر فسمعه يهمس :- زين ، أعلم أنك تسمعني ، أنا والدك ، أرجوك أركل بطن أمك لتخبرني بكونك حيًا ..
حازم شاب في الثلاثين من عمره ، كان يعمل مهندسًا مدنيًا في إحدى الشركات الكبرى المعروفة وكان معروفًا بمهارته وإتقانه لعمله لكنه قبل ذلك كان يعمل لدى أحد المصانع المغمورة التي جعلته يبغض كلية الهندسة التي دفع الكثير من صحته ليلتحق بها وفيها تعرف على زوجته زينة التي ساندته طوال سنوات الدراسة ومن ثم وقفت بجواره عندما اصطدم بواقع الحياة العملية ، فكان يعتقد أنه تخرج من كلية قمة -كما يصنفها المجتمع- بتقدير امتياز مرتفع فمن السهل الحصول على وظيفة مرموقة ولكنه وجد عكس ذلك ..
فكان يستسلم كثيرًا ولكنها تسانده ، دائمًا ما كان يطلب منها أن يفترقا لكنها رفضت بشدة وفي كل مرة كانت تتمسك به أكثر ، حتى التحق بإحدى المصانع التي قبلته ولكن كان مرتبًا رمزيًا بالكاد يكفي المواصلات ..
لم تتركه زينة وظلت تنتظره وتحدَّت الجميع من أجله فقط ، حتى أعلن النصيب هزيمته أمام صمودها وأمام دعواتها الدائمة فاستجاب القدر لها وكُتب لها أن تكون حرم المهندس / حازم يوسف شفيق ..
وكأنها كانت تنتظر حصولها على هذا اللقب حتى فتح القدر أبوابه لحازم ثانيةً وإذا بشركة معروفة تطلبه شخصيًا وتقدر مهاراته المهنية وقد حصل على أضعاف المرتب السابق ، ما إن تزوجا حتى دعا حازم اللًّه في كل سجدة أن يرزقه بقطعة من زينة حتى تصبح عينه اليسرى بعدما صارت زينة اليمنى ..
جاء اليوم الموعود و أخبرته زينة بحملها فصار كالطفل الذي حصل على لعبته بعد صبر سنوات عجاف ، صارت زينة طفلته المدللة فوق دلالها ، كان يجلب لها كل ما تتمناه ..
مرت الشهور الأولى وعلم حازم أن الجنين الذي تحمله زينة ولد فقرر أن يسميه زين ، حتى يصير قطعة من اسمها ، فهو لا يتمنى سوى أن يكمل حياته مع زينة وأطفالهم ، لا يرى سواها ، هي من تحملت أسوء حالاته وأخرجته منها فلابد من رد الجميل لها وهو في أسعد حالاته لطالما كانت هي السبب فيها ..
كان ينتظر الوقت الذي يعلن زين حضوره بركل والدته فيضحك حازم كثيرًا ويتمنى من اللًّه لقائه سريعًا ..
لكن القدر لعب لعبته في هذه المرة وفقدت زينة جنينها دون سبب واضح ! فقد كان يرعاها نعم الرعاية ويجلب لها ما تتمناه ، وكانت لا تبذل أي مجهود ولكنه القدر !
استيقظ حازم ذات يوم على صراخ زوجته فحملها سريعًا وذهب بها إلى المشفى فإذا بالطبيبة تخبره أن الجنين فُقد ..
جثى حازم على ركبتيه واحتضن بطن زينة وظل ينادي صغيره .. زين .. زين .. أرجوك أركل بطن أمك حتى أعلم أنك حي .. زين أجب على والدك .. زين
حتى أصبح حازم هنا تحت رعاية د. جاسم الذي يراه يبالغ كثيرًا فهو لم يراه ولم يسمع له صوتًا فكيف كل هذا التأثر بركلات !!!!
ربما جاسم لم يتفهم حالة حازم لأنه لم يمر بما مرَّ به ولم يقع في حب فتاة مثل زينة ، فبالرغم من تقديره لحالته لكنه مازال مبالغًا في نظره ..
مازال جاسم يسترق السمع وإذا بطيف تمر من أمامه لكنها ليست التي أعتاد عليها ، فكانت وكأنها تخشى شيئًا ما ! ولكن ما إن رأته حتى نست أمر رسالة أمس وقالت له بتأفف هل للطبيب أن يتصنَّت على مرضاه !
فأجابها بثبات :- بالطبع.
طيف :- من أين حصلت على رسالة الدكتوراه ؟؟
جاسم بتكبر :- من مكان لم يحْن الوقت للصغار أمثالك معرفته ..
أشتد غيظ طيف وقالت في عناد :- هل تم إخبارك من أين حصلت على شهاداتي العلمية ؟
جاسم :- لم أهتم للسؤال من الأصل.
طيف :- من تظن نفسك !
جاسم :- دكتور جاسم حمدان وأنتي ؟ ، ليف أليس كذلك !
طيف :- سأثبت لكَ يومَا ما بطريقة مَا أن ما ترتكبه في حق مرضاك جريمة ستعاقب عليها ..
اقترب جاسم منها ونظر لأسفل نظرًا لفارق الطول بينهما ثم قال :- هل تَحدّيتني الآن أم أنني أبالغ ؟ 
طيف بثبات :- نعم كما تظن ..
جاسم :- أعشق ذلك
تركته طيف دون كلام ولكنها خبطت كتفه عن قصد فضحك لتصرفها الطفولي ثم انصرف لمكتب د. نجيب الألفي ..
بعدما تركت طيف جاسم شعرت بالغيظ فهي لا تتحكم في تصرفاتها أمامه ، هي التي لم تذْق للهزيمة طعمًا أتى هذا المتعجرف وجعلها وجبتها المفضلة في كل لقاء ، لا تقوى على النيْل منه ولا تعلم لِمَا ! تعلم أنه يتلذذ بمضايقتها ولكنها لن تستسلم مهما كلفها الأمر ..
ثم تذكرت أمر الرسالة ثانيةً وظلت تفكر من سيكون شاهدها وهي تفعل فعلتها وقام بتصويرها دون أن تشعر ، وهل هو الشخص ذاته الذي قام باستبدال الورقة ؟ ولكن إذا كان ينوي حقًا أذيتها فلما لم يقْم بتسليم الورقة لد. نجيب الألفي ! هناك لغز عليها حلَّه ..
دخل د . جاسم غرفة د . نجيب وهو يشعر بالفخر فسأله نجيب ليخبره الأخر أنه فاز بجولة جديدة فسأله نجيب عن نهاية هذه الحرب ؟
فرد جاسم بفخر :- كالمعتاد ، ضحية جديدة ضمن ضحاياي ..
فرد نجيب بثقة :- لا أشعر بذلك تلك المرة فربما تنقلب الموازين ، فلن أثق بمن جعلتك كذلك
جاسم :- أفعل كل هذا من أجل الحرب فقط ، إنها خدعة يا صديقي
نجيب :- لِمَا لم تخبرها أنك تدير هذه المشفى ؟
جاسم :- حينها ستنتهي الحرب وهي على مشارفها ، فطيف تعشق عملها وتقدَّر مكانة العمل معنا ، فلن تتخلى عن كل هذا مقابل عنادها ..  
نجيب :- أرى أنك تهتم باستمرارها معنا ؟
رد جاسم بدون أن يعيره اهتمامًا :- ليس بالضبط ، ولكنني أحب أن أفوز في معاركي خاصةً أنها هي من بدأت الحرب ..
رد نجيب بنفاذ صبر :- من قال أنها حرب ؟ لقد كنت تريد المنضدة لأنه معاد متابعة درة ، وهي جاءت ووجدتها فارغة فجلست !!
هل هذه مشارف الحرب الجديدة ؟
ضحك جاسم ولم يجْب ، فسأله نجيب عما يضحك ؟
جاسم :- هذا هو الفرق بيننا يا صديق كفاحي ، أنك ترى الأمور بسيطة ولكنني لي وجهة نظر محددة أسير ورائها وأحقق ما رأيته في البداية
كررها نجيب ثانيةً :- ولكن ليست هذه المرة ..     

مَرَّ اليوم ونسى جاسم أن يرسل الرسالة التحذيرية لطيف حتى يسلَّط عليها أعصابها لكنه نوى أنه سيكون أول شيء في صباح الغد ..  

_ جيهان سيد ♥️🌝

من إحدى غرف المصحات النفسية 🖤.Donde viven las historias. Descúbrelo ahora