الجُزء الرابع

4.6K 285 109
                                    



" يبدو المكان خاليًا من هُنا، لكن سأذهب للتأكد بمُفردي أولًا "
أخبرت الواقِف بجانبي بينما أنتزع خواتم يدي الفضية عن أصابعي حين بدأ إحتكاكها ببرودتها على جلدي يسلعُني و أضعها بجيبي الأيمن

أنظر لنِافذة المنزل الضخمة التي تتواجَد في الخلف و انا واقفٌ على العُشب حافي القدمين لئلا تُصدر الأرضية الخشبية صوتًا أثر خطواتي، بنهاية الأمر لم أكُن لأترك شيئًا يخُصني بهذه السُهولة

" سأذهبُ معك "
ألتفتُ إليه عاقدًا حاجبيّ أشاهده يدهس سيجارته الخامس بحذائه بعد أن رماها أرضًا يضعُ يديه بجيوبه متقدمًا مني

" بالطبع لن تَفعل "

" سأفعل "
ينحني مُنتزعًا حذاءه و يتحدث بهدوءٍ شديد، ياللغباء بهذه الثِقة أيظنّني سهلًا هكذا ليفرض ما يريده عليّ؟

" لا شأن لك بالأمر "
ألمح بطرف عيني يده التي توقفت عن إنتزاع الحذاء و ثبوته بإنحناءته بنصف جسده ثُم إبتسامته الجانبية التي إحتلت ببطيءٍ وجهه

" حسنًا "
يقول بعد أن إستعدل بوقوفه و أعاد رقبته إلى الخلف مطقطقًا عظامه و مشى ذاهبًا نحو الشجرة الضخمة بعدة خطوات متكئًا عليها بينما يعقدُ يديه و ينظر لي بنفس إبتسامته

أتجاهله ملتفتًا بعد أن بادلتهُ النظر مع بُرود تعابيري و أحسّست بالغضب من نفسي و شيءٌ يقبض على صدري حين تذكرتُ ما حَصل سابقًا لحظة إقترابه، التأنيب يتزايد و ينهشُني نهشًا حتى و أنا ضعفتُ هكذا في داخل نفسي فقط و ليس أمامه ظاهريًا

أغمضتُ عيني لأستجمع تركيزي أعودُ مستكملًا ما بدأت بينما ألمس الجدار الخشبي من الخارِج بيدي محاولًا تذكُر المكان الذي وضعتهُ به. البرد كان قارصًا يشتد أكثر بكل لحظةٍ تمُر و الرياحُ تلفحُني مع الشَجر من كل صوب

أفتح عيناي حين لمستهُ بيدي المحشورة في فِراغٍ صغير بين خشب الحائط و أُخرِجها أمسح الغُبار عن سلاحي، لا يُمكنني نكران إني أفتقد حتى ثقلهُ في كفي

مشيت بخُطواتي الهادئة و ظهري ملتصقٌ على الجدار أتأكد من المنزل غُرفةً غُرفة بعد أن دخلته من شُباك المطبخ

هذه ليسَت أول مرةٍ يحصل بها شيءٌ كهذا، لكنها الأولى بكوني أوشكتُ على أن أتعرض للإصابة من طلقٍ ناري، و كذلك في منزلي، فإعتدتُ دومًا مُباغتاتٍ مُماثلة تحصُل من جهاتٍ مجهولة حتى و إن كُنت متوقفًا عن عملي، لكنها تحدث في الأماكن العامة فقط و ليس مَحل سَكني، و هذا سيكون سيئًا إن بقيت ماكثًا هنا لوقتٍ أكثر

VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن