الجُزء الثالِث و العشرون

2.1K 166 146
                                    



أتساءل كيف للأَشياء أن تُنتزع من ماهيتها الفِعلية، و تتجَسد على هيئة شُعور

أتساءل كيف يستَطيع أن يكون كل ما يُحيطنا فينا، في أنفُسنا، في أرواحِنا

تساءلتُ مع نَفسي كثيرًا مُنذ صحوت، و حتى هذهِ اللحظة التي أستلقي بها على فِراشك الدافئ و أُحدق في سَقف غُرفتك البُني، أتساءل؛ كيفَ يغزوني هذا السَلام الرَبيعي العارِم، أنا الذي إعتدتُ في كل لحظةٍ الهَلع، أنا الذي إعتدتُ التساقُط مِثل خَريف، أنا الذي إعتدتُ حتى في عُمر السابِعة و العشرون أن أنامَ على دَمع، و أصحو على دَمع

أنا الذي طول عامين غيابِك، لم أبدأ صباحًا واحِدًا برغبةٍ في شيء، أصحو الآن و نَفثاتُ الحياة تقتحِمُ رئتاي، أصحو و العُمر أزهَرَ من جَديد، أصحو و الروحُ تجلِبُ بياض الغُيوم إلى هالتِها.


أحِسِ بنُعومةٌ شَديدة تستحِل جَسدي أو حتى مزاجي بأكملِه، هذهِ الرائحة قُربي تَجلِبُ الأُلفة إلى أعوامٍ من الإغتراب، رائحةُ جونغكوك، على وسادتِه، على غطائِه، على ثيابِه التي أرتديها، رائحتُه تُغطي كل شيء، تحتضِن كل شيء، رائحتهُ رَبيعية، مُزهِرة، حُلوة، مِثل الرياح في أوج هبوبِها، مِثل أمواج البِحار و هي تتسابَقُ حتى تَصِل إلى الضِفة.


حتى حُزني أشعُر بهِ أخف، حتى ثِقل الماضي و عَثراتُه أشعُر بِها أقل وطأة و كأنها لم تعُد تعنيني، لا حاضِرًا يهُمني، و لا قادِمًا يُقلقني، أنا بخير، طالما هو هُنا، يُحيط بي، لن يمَس مكروهٌ قلبي.



" صباحُ الخير "
خرجَ صوتي ثقيلًا جدًا نتيجةً لنومي لوقتٍ طويل. الساعة أوشكَت أن تصير بالتاسِعة صَباحًا و أنا نِمتُ على الأريكة دون قَصد بالعاشِرة ليلًا بعد إستحمامي، ثُم إستيقظت الآن بسريرهِ بمُفردي.



" صباحُك تايهيونغ "
إبتسمَ إليَّ مُظهرًا إبتسامتهُ البَهية بعُذوبةٍ أهوت بثَباتي كاملًا. حتى وجهُ جونغكوك اليوم بدى بَديعًا أكثر و ترتَسِمُ الراحة في ملامِحه و تحرُكاته، حتى هو كان مطمئن الروح مِثلي.


" الرائحة زكيةٌ جدًا "
تقدمتُ لجانِبه أقول و أنظر فيما يُعِد من مَخبوزات، شكلُها يُماثل جدًا الخُبز الذي كُنت أبتاعُه بكِثرة في مَنزلي القديم قبل أن ألتقيه.


فَزِعتُ قليلًا لِهذا الإحتمال الذي خَطر على رأسي من أن يكونَ هو حقًا تعمَد صُنعه لأجلي، كِدتُ أن أستَجمِع شَجاعتي لأسأله لكنِهُ إلتفتَ نَحوي مُجددًا يجعلُني دون وَعيٍ أُغلق فَمي، قد يكونُ صُدفةً أو قد يكونُ خيالًا، لستُ مُتأكدًا و رُغم ذلك إنتشرَت في صدري بَهجةٌ طَفيفة، مِثل النَسيم المُشرق تجعلُني أنت، تَنتشِلُني من أفكاري و كياني، لأُخلَق كائنًا آخرًا معكَ من جديد، دافئًا أكثر، و مُنتزَعًا من الحِدة.


VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن